هل يمكن شق الطريق إلى ثقافة جنسية صحية؟

الأسرة تشكل القاعدة الفيزيولوجية وصولا إلى الحواف السيكولوجية، فلم يعمر المعمرون إلا وكانوا متزوجين، ولم يرسل الرسل إلا وجعل الله لهم بنين وحفدة وأزواجا وذرية، وأول من صدق محمد – صلى الله عليه وسلم - كانت امرأة، ومن كانت سببا في إسلام ثاني شخصية من الخلفاء كانت امرأة، وأول شهيد في الإسلام كانت امرأة. وضرب الله المثل في المرأة للمؤمنين والكافرين فكانت نماذج في الاتجاهين.
ومن فجر الثورة الزراعية كانت امرأة، ومن يصنع الأسرة هي المرأة، ومن يحافظ على الحياة وينجب الحياة هي امرأة. وهي التي ستبقى بعد زوال الذكور كما أثبتت آخر الأبحاث البيولوجية تآكل ثلثا الكروموسوم الذكري وهو ماض في الانحلال والاندثار.
كما جعل الله من بيوتنا سكنا، كذلك جعل الزواج سكنا، وكما منحنا الله منه كرما وتفضل علينا بأعظم متع الحياة الجنس، وليس الجنس في الزواج حصانة ومناعة للديمومة وإلا لما كان طلاق، ولكن يحدث مع وجود المتعة، فهو كما يعرفه المناطقة شرط جامع غير مانع، فبدون جنس ليس من زواج، أو يبقى زواج طلاق صامت، وعذاب مضني من ليالي الوحدة. ولكن مع نجاح العمل الجنسي يبقى الباب مفتوحا للطلاق ما لم يتم الانتباه إلى أمراض العلاقات الزوجية.
فما هي أهم هذه الأمراض؟
هي أيضا ثلاث من تحديات الحياة؛ وأولها الرتابة والملل والروتين حتى في العلاقات الجنسية التي يغيب عنها بعد الجدة والمعنى والشوق العميق، وتتحول العملية إلى عمل فيزيائي أو فيزيولوجي ممل. فوجب إدخال الجدة إليها سواء في وضعيات وأماكن اللقاء أو تطوير الحدث دوما ومغادرة البيت وتجديدها بالسفر والترحال والمؤتمرات والمشاركة وتنفيس الصدور فالجدة والتجديد هما أكسجين العلاقة الزوجية فيعودان أنشط وأبرك وأشد حبا لبعضهما.
ويقتل الزواج برصاصة السخرية وعدم الاحترام، أو الغدر والوسواس الخناس والريبة وغياب الثقة. أو الشذوذ الجنسي فوجب إيقافه وعدم الاستمرار بها قطعا.
وينمو كشجرة باسقة طلعها هضيم بالمشاركة الروحية والمحنة المشتركة والمواجهة الموحدة للمشاكل واستحضار الرأي والمشورة في كل صغيرة وكبيرة.
أما ضمانات استمرار الحب فهو الإخلاص النابع من متعة الجنس المشتركة والنوم المشترك ولو بدون جنس، ويحتاج كل منا إلى أن يضم صاحبه على الأقل أربع مرات في اليوم، وهو ليس عيبا ولا حراما.
ولأهمية الجنس في الحياة الزوجية، فلا بد من الانطلاق بتأسيس ثقافة جنسية إسلامية حسب العمر والنضج، كما يجب تطوير حياة جنسية مختلفة عن الجيل السابق، ونعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين.
ونزلت آيات تتحدث عن الجماع صراحة وكناية واعترف الإسلام بالدافع الجنسي من غير خجل وتردد، "هن حرث لكم". "هن لباس لكم". "فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به". "قالت هيت لك". ونزلت سورة كاملة في حب عاصف وتسلية للنبي – صلى الله عليه وسلم - في وقت خسر فيه أحب الناس إليه خديجة، ودخل عام الحزن فكانت سورة يوسف كلها تطمينا ووعدا وأملا، إذا أحلو لك الظلام أن الفجر قارب الانبلاج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي