القيمة الدفترية أعدل طريقة لتقييم الاكتتابات بعلاوة إصدار

القيمة الدفترية أعدل طريقة لتقييم الاكتتابات بعلاوة إصدار

لا شك أن الاكتتابات الأولية مصدر استثماري ناجع ومفيد، حينما تتم في شركات ذات أغراض وجدوى اقتصادية حقيقية، ومؤسسة ومدارة على أسس اقتصادية وعلمية سليمة، وفي بيئة أعمال صالحة. فمثلا من لم يتمن اليوم عدم الاكتتاب في شركات عملاقة كـ "سابك"، "الاتصالات"، الأسمنت، والبنوك وغيرها من الكيانات الاقتصادية المشهودة؟ طبعا لا أحد.
لكن الاستثمار عن طرق الاكتتاب هو استثمار طويل المدى بطبعه، لأنه يعامل المكتتب كمؤسس لهذا الكيان الاقتصادي، وبالتالي ليكون مفيدا للمستثمر لا بد أن ينظر إليه المستثمر على هذا الأساس.. وأي استثمار طويل المدى لا بد أن تكون مدته خمس سنوات فأكثر حسب نوع وطبيعة عمل المنشأة الاقتصادية.
لكن للأسف الشديد بسبب فورة الأسهم الأخيرة الناتجة عن السيولة الضخمة المتوافرة في البلاد نتيجة عرض النقود الزائد وفي ظل محدودية قنوات الاستثمار وسرعة وسهولة تحقيق مضاعفات مكررة من البيع السريع للاستثمارات عن طريق الاكتتابات، نشأت فكرة استثمار اليوم الواحد والأسبوع الواحد والشهر الواحد وفترات المضاربة المتكررة لجميع ما طرح من اكتتابات سابقة في السوق في الفترة الأخيرة.
لكن مع تضاؤل حجم السيولة في أيدي الناس وتركز السيولة في عدد محدود من المتعاملين في السوق ممن قرأوا اتجاه السوق جيدا وأحسنوا التعامل مع ثورة وحركة الأسهم في الفترة السابقة، قل الإقبال على الاكتتابات من قبل العامة.
ولعل الاكتتاب في شركتي كيان وجبل عمر أبرز مثال يلخص هذا الواقع. كما أن مقارنة الإقبال على الاكتتابات في الشركات الصغيرة مع الاكتتابات في الشركات العملاقة مثال آخر لترجمة مدى مفهوم ودرجة إقبال العامة على الاكتتابات. وكنت قد كتبت مقالا سابقا في جريدة "الوطن" عن جدوى الاكتتابات وطريقة تخصيصها لتكون ذات قيمة اقتصادية للوطن والمواطن. وفي ظل ظروف السيولة التي آلت إليها السوق وتركزها في أياد محدودة من المتعاملين، لا بد للعودة للأساسيات في طريقة التعامل مع الاكتتابات كاستثمار بعيد المدى، ليستفيد منه أكبر شريحة ممكنة من المواطنين.
لكن الواقع يبرز مشكلة حقيقية لمن ينظر إلى هذه الاكتتابات بمفهومها الصحيح، كاستثمار بعيد المدى، وهو ما يتمثل في تأثير كبار صناع السوق في اتجاهات السهم بناء على المصلحة الشخصية نتيجة حجم الاستحواذ لهؤلاء الصناع. كذلك هناك هضم حقيقي للمستثمر الصغير من خلال تقدير قيمة علاوة الإصدار، وبالتالي سعر الاكتتاب للسهم بناء على معطيات غير موضوعية فيها قدر كبير من المبالغة في تقدير قيمة الطرح لسبب أو لآخر.
وبصرف النظر عن الأسباب التي حدت بالجهات إلى قبول هذه الأسعار المبالغة لقيمة هذه الطروحات فإن المهم للمستثمر أن يحصل على سعر عادل لقيمة الاستثمار في الطروحات الأولية. ولكيلا ننحاز لمصلحة طرف ضد آخر في عملية الاكتتاب فأرى أن على الجهات الرسمية واجب مضاعف لحماية صغار المستثمرين الممثلين للقاعدة الأكبر الموجهة لهم هذه الاستثمارات. وهذا ما يتواءم مع الهدف الرئيسي المعلن في توجيه هذه الطروحات للشريحة العريضة من المجتمع، صغار المستثمرين أو الطبقة الوسطى في المجتمع.
وأعتقد أن أفضل طريقة لتحديد السعر العادل للسهم عند طرحه للاكتتاب بعلاوة إصدار هو طرحه بقيمته الدفترية. وهي القيمة الحقيقية التي يمثلها سعر السهم ويمثل قيمة ما تملكه الشركة عن هذا السهم، وهي القيمة الحقيقية لحقوق الملكية عن هذا السهم. وأي زيادة على هذا السعر، في نظري، يجب أن تتقرر بالاتفاق بين البائع والمشتري، وهو الفرق بين سعره المقبول والممكن في السوق وسعره الدفتري. وحينما يدفع المشتري سعرا أقل أو أكثر في سهم ما هو يختار هذا بمحض إرادته ووفق رؤية واضحة بناء على المعطيات السوقية والاقتصادية لهذا السهم.
ووفق هذه المعادلة، لا يمكن أن يتهم أحد بمحاباة أحد الأطراف ضد الآخر في حالة استقرار السعر على رقم معين، وبالتالي تنعكس الشهرة الحقيقية التي يستحقها السهم سلبا أو إيجابا وحسب معطيات عادلة، وبموافقة طرفي المعادلة بشكل واضح ومعلن دون إكراه أو إجبار لأي من الأطراف. بعدها تحدد السوق القيمة العادلة للسهم بناء على رؤية واضحة وبرضا الجميع. فسعر السهم في السوق بعد الطرح بهذه الطريقة لا يجبر البائع على بيعه بأقل من قيمته المستحقة في السوق كما لا يجبر المشتري على دفع سعر أكثر من القيمة العادلة حسبما يراه. لذا آمل من الهيئة دراسة إمكانية طرح أي أسهم بعلاوة إصدار في السوق بقيمتها الدفترية.

الأكثر قراءة