كوكتيل كــلام 1
خطرت لي فكرة كتابة مقتطفات متنوعة في عمود مقالتي الثابت، حيث تصدر كل آخر أسبوع من الشهر الهجري ولا أدري هل ستروق الفكرة لقرائي الأعزاء؟ عموماً التجربة هي خير برهان وهذا الثلاثاء هو البادرة فعلى بركة الله .
* أقرأ كتاباً هذه الفترة عن السعادة الحقيقية أو ما يسمى بــ Authentic Happiness، من أستاذتي الفاضلة الدكتورة صفاء الأعسر، الذي يتناول التوجه الإيجابي في علم النفس. ربما سأحكي لكم عنه في مقالات لاحقة. ولا أدري لم تجرني كل الكتب التي تعبر عن الفرح والسرور والغبطة خلفها وتزرع بداخلي أميالاً خضراء وكأنني في حالة بحث أزلية، أخاف أن أبيع السعادة لمن لا يستحقون؟ وأخاف أن أشتري بثمنٍ بخس! وأخاف أن أتوشح بمثالية لم يعد يمارسها الطيبون في عصرنا الباهت. تحية تقدير أبعثها لكل من يزرع شتلات الفرح في قلوبنا فنزداد ألقاً ورضى، إننا بشر وإنهم أناس يمارسون معنا فعل الحياة.
* صَلت المغرب في مسجد قريب من السوق، تلك السيدة، التي تتعبد الله حتى وهي في السوق، لفتت نظرها ونظر باقي المصليات، إحدى الواعظات، التي مرت على كل الصفوف قبل بدء الصلاة لتسد الفُـرَجْ وتُـسدد الخلل، حتى لا يُترك منفذ للشيطان. أكملت السيدة صلاتها وهي تردد بداخلها "جزى الله هذه المرأة خير الجزاء على حرصها". وما أن انتهت الصلاة حتى وقفت تلك الواعظة مرة أخرى تواجه إحداهن بطريقة الأمر وبصوت يسمعه الجميع إلى عدم جواز الرفع من الركوع قبل الإمام وإلا تحول رأس من يفعل ذلك إلى رأس حمار؟ وكان هناك صمت بلا كلمة من الجميع؟ والمفردات تتراكم على طرف لسان المصلية فهي تحفظ هذا الحديث الشريف، لكن أسئلة كثيرة فرقعت في رأسها، كيف حكمت تلك الواعظة على توقيت الرفع من الركوع لتلك الأخرى ؟ فهي لا تصلي إلى جوارها؟ إلا إن كانت تراقب الجميع؟ كما أن مصلى النساء لا يرى الإمام ولا يعرف موضع الميكروفون؟ فما دام قد قال "سمع الله لمن حمده" فقد قام من الركوع حتماً؟ ولا يقولها إلا عند فعل الرفع من الركعة. صمتت كالباقين ودعت لها بالهداية. مازال موضوع الأمر بالمعروف يحتاج إلى الثقات من أهلـه، لكن "لكل امرئٍ ما نوى"؟ هكذا دار في خلدها وهي تخرج من المسجد.. تقبل الله.
* دخلت إلى عيادة طبيبها أخيراً، بعد انتظار دام أكثر من ساعتين، لتبدي له ضيقها وتبرمها من المعاناة والمشقة في الدخول إلى العيادة؟ ليضحك ببرود ويعتذر. المشكلة أن المستشفى هو الذي حدد الموعد؟ السابعة تماماً وهو وقت صلاة المغرب، لكن حضرته يصلي لربع ساعة ويشرب الشاي في ربع آخر ويرد على جواله خلال الكشف على المرضى! ويسمح بدخول آخرين، كل ذلك وهي تنتظر؟ ديدن بعض الأطباء تأخير المريض والأغلب دون سبب! والعجيـب أن مناقشـة نتائج التحاليـل استغرقـت منـه (4) دقائق فقط. وصف الحالة لها باختصار "يفقع المرارة" وبغموض لا يحسد عليه! وبأقل عدد من الكلمات! كانت تسأله عن المضاعفات وجرعات الدواء وتطور المرض فقد عرفت عن حالتها الكثير عن طريق الإنترنت! وهو "يادوب ينطق" وينظر في ساعته وكأنه يتكرم بالاستشارة الطبية مجاناً! "يادكتور" بعض المرضى يأمل استيفاء مناقشة حالته وتطوراتها بشكل كامل من الطبيب ولكن يجده متبرماً مكفهراً متململا ؟ فهو إما مستعجل أو مشغول أو لديه من ينتظر. والمصيبة أنها عيادة خاصة وأن الحجز بالطوابير وأنه لا يمكن مراجعة الحالة عبر الهاتف؟ إذاً فما العمل؟ إن التزام الطبيب في ممارسته لمهنته هو التزام ببذل عناية خاصة بالمريض وليس بتحقيق نتيجـة؟ فالشفاء بيد الله وإنما الأطباء أسباب؟ ولا شك أن مهنة الطب تضيف لصاحبها الوعي بأهمية الوقت وهو بحكم مهنته اجتماعي ويود الكثيرون مصادقته ويسعى المرضى للتواصل معه. فالمهنة لها دور كبير في تكوين سلوكيات الشخص، وردود أفعاله، وكذلك منطق تفكيره والحالة الذهنية التي يكون عليها. نداء عاجل إلى جميع الأطباء والطبيبات، نريد منكم ممارسة السلوكيات الإنسانية التي تدل على مهارة التواصل والاهتمام بالمريض كإنسان قبل كل شيء وليس كحالة مرضية تبحث عن شفـاء ؟ الاحتواء النفسي للمريض مهم أيضاً؟ لا أدري إن كنتم تتعلمون ذلك في كليات الطب أم لا؟ ربما تتعلمونها من المرضى؟ إنها أمانــة "يا دكاترة " فهل تستحقون حملها؟
* البارحة، زاد الحنين إلى أمي، إلى قلب لا ينتظر المقابل، إلى صحبتها والتمرغ شوقاً في أحضانها. إلى الصدق الذي يقطر من حناياها. أعتقد أننا نعود أطفالاً حائرين عندما تموت الأمهات! بالله عليكم كونوا أقرب إلى أمهاتكم فالأيام تجعلنا بخلاء بالمودة لأننا نظن أن الدهر ينتظرنا حتى نواصل البر. يحتاج الحنين أحياناً إلى الصراخ ولكني أكتفي الآن بالدعـاء. رحم الله أمي وأمهات المسلمين آمين.
دمتم ومن تحبون بخير،،،،