من عجائب تركيب الدماغ

من عجائب تركيب الدماغ

من جملة خصائص الخلية العصبية في الدماغ تأثرها الشديد بالأكسجين، فوزن الدماغ يبلغ 1350 جراما في المتوسط، أي يزن جزءاً من خمسين جزء من وزن الجسم، ولا تفوق الكائنات بدماغها دماغ الإنسان، فالنملة يحوي دماغها 250 خلية عصبية، بينما يحتوي دماغ النحلة على 900 خلية عصبية، في حين يصل دماغ الشمبانزي الكبير إلى نحو وزن دماغ الطفل الذي يزن 350 جراماً، وهناك الفيل الذي يزن دماغه ثلاثة أضعاف وزن دماغ الإنسان، والحوت الكبير الذي يزن دماغه خمسة أضعاف وزن دماغ الإنسان، ولكن النسبة بين وزن الكائن ووزن دماغه أكبر ما تكون عند الإنسان فقط، حيث تعادل النسبة تقريباً 2.73 في المائة من وزن الجسم، بينما هي عند الحيوانات القاضمة 0.2 في المائة، ومع كل هذا فإن وزن الخلايا العصبية في قشر المخ يبلغ 116 جراماً، وثخن القشر بضعة مليمترات أكثرها في المنطقة الجبهية حيث تصل إلى 4.5 مليمتر. وعدد الخلايا يبلغ مائة مليار في القشر تستند إلى 300 مليار خلية دبقية.
ولنتصور الآن أن رقي الإنسان وعظمته والملكات الفكرية السامية والعمليات الذهنية الراقية والتوقد الروحي والخيال والابتكار والفن والإبداع والكشف والإدراك والتخيل والتحليل والتركيب والشخصية والإرادة كلها..... في 116 جراماً فقط؟!
إن هذه الخلايا مع كل عظمتها هي ضعيفة جداً. يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً. لأن أي نقص في الأوكسجين القادم إلى الدماغ يعرضه لأخطار مخيفة، فمع كل ما شرحنا من نسبة الدماغ إلى وزن الجسم الكامل، فإن الدماغ يحتاج إلى ربع كمية الأوكسجين التي يستهلكها الجسم بما فيه الدماغ، أي أن 25 في المائة من الأوكسجين القادم عن طريق الرئتين يجب أن يصرف إلى الدماغ، وليس هذا فقط بل أيضاً السكر الصرف أي الجلوكوز؛ فلا تقبل خلايا الجملة العصبية إلا هذه الحلويات الفاخرة، أي سكر الجلوكوز فقط، وترفض أي سكر آخر، ولو كان يختلف من ناحية البناء ذرة واحدة فقط!!
وتظهر مشكلات نقص الأوكسجين في حالة الولادة، ولننقل في هذا الصدد قولاً للدكتور (جراي والتر)، وهو أحد الباحثين البريطانيين البارزين في ميدان العقل:
إن التقلصات والامتدادات التشنجية للجنين إنما هي دليل على نقص في كمية الأوكسجين اللازمة له، وبازدياد النمو يأخذ النقص في الازدياد حتى يشق الطفل في مرحلة معينة من الولادة طريقه إلى الحرية أو إلى الكارثة؟! والكارثة هي الموت أو الفالج أو العته العقلي مدى الحياة!؟ ولذلك فإن الذي يموت شنقاً أو اختناقاً أو غير ذلك من أسباب الموت التي لا تحصى، إذا انقطعت التروية الدموية عن الدماغ لمدة خمس دقائق فقط، هي التي تكون السبب في الموت، ولو توقف القلب عن النبضان، فإن بإمكان تمسيد القلب أن يعيده إلى الخفقان، لأن خلاياه لا تموت بانقطاع الأوكسجين حتى إلى ربع أو نصف ساعة، بينما خلايا الدماغ تموت نهائياً فيما إذا انقطع عنها الأوكسجين لمدة خمس دقائق فقط، وقد أمكن بتخفيض الحرارة من 37ْ إلى 28ْ مئوية أن تبقى الخلية حية فترة بين سبع وعشر دقائق محرومة من الأوكسجين، كما يمكن إطالة قدرتها إلى نصف ساعة، إذا انخفضت الحرارة الجسمية إلى عشر درجات، والسبب في هذا قلة الاحتراقات والتفاعلات ضمن الخلية وبالتالي نقص الحاجة إلى الأوكسجين.
وحاليا يجري جراح أمريكي من أصل مصري تجاربه في المحافظة على الحياة بهذه التقنية، أي تفريغ الجسم من الدم فور الحادثة وإدخال ماء مثلج إلى العروق يخفض الحرارة بسرعة فيحافظ على الدماغ من الموت لحين إنعاشه من جديد بعد إصلاح الجروح والإصابات البالغة فيحقن بالدم المنعش الحار من جديد فينهض للحياة ويستأنف عمله!

الأكثر قراءة