الكهرباء اللاسلكية (1 من 2)

[email protected]

المسافة بين المصدر والبطارية سرّ النجاح

أصبحت الطاقة الكهربائية ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، بل أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية فهي الهواء البارد الذي نتنفسه وننام في أحضانه في فصل الصيف والنسيم الدافئ الذي يحتضننا في فصل الشتاء, وهي الماء البارد والزلال والمشروب اللذيذ في جميع فصول السنة. واليوم يكاد لا يخلو بيت في جميع أنحاء المعمورة من تغذيته بواسطة الطاقة الكهربائية عن طريق توصيل أسلاك من محطات توليد الكهرباء. ولكن هذه الأسلاك أصبحت مشكلة بحد ذاتها سواء الموصلة للمنازل أو حتى توزيعها داخل المباني والمجمعات السكنية، خصوصاً في هذه الأيام مع زيادة أسعار المواد الكهربائية وكثرة السرقات لهذه المواد من البنايات والمنشآت الجديدة. بل أصبح هناك شبه السوق السوداء لترويج وبيع المواد الكهربائية المسروقة. وهذا يعد حافزاً لبعض عصابات الإجرام في سحب كيابل وأسلاك الكهرباء من الطرقات والمنشآت. ولهذا السبب فإنني من مشجعي الكهرباء اللاسلكية لكي نحد من خطر هذه العصابات المجرمة ونقلل من مصادر رزقها الحرام. ولكن الخوف من أن يكون لديهم طرق جديدة في سرقة الموجات الكهرومغناطيسية فالبناء يحتاج إلى تفكير ويكلف مبالغ هائلة, بينما الهدم لا يحتاج إلى كثرة تفكير ولا إلى رأسمال.
موضوعنا لا علاقة له بحل مشكلة سرقة المواد الكهربائية, ولكنها مجرد دعابة خفيفة فرضها علينا واقعنا. سوف نحاول في هذا المقال إعطاء فكرة مبسطة عن آخر ما وصل إليه العلم في مجال الكهرباء اللاسلكية. جميع الأجهزة التي نستخدمها تحتاج إلى أسلاك ووصلات كهربائية لكي يتم تغذيتها بالتيار الكهربائي. ولك أن تتخيل الصورة عندما تكثر هذه الأسلاك وتتشابك في منزلك وبين أيدي أطفالك, وهذا يزيد من معدل خطورتها عليهم. إضافة إلى مظهرها غير المقبول, ولاسيما عند ترتيب أثاث المنزل.
من التخيلات العلمية، التي قد تصبح حقيقية شحن بطارية الجوال والكمبيوتر المحمول والآلات الكهربائية والمنزلية, أو أي آلة إلكترونية متحركة تعتمد على بطاريات شحن عادية عن طريق التوصيل الكهربائي لاسلكيا . هناك أبحاث تحاول شحن البطاريات لاسلكياً ودون توصيلها مباشرة بالتيار الكهربائي.
قام فريق من الباحثين بقسم الهندسة الكهربائية والكمبيوتر في معهد ماسلشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة MIT بعدة تجارب في محالة لجعل هذا الحلم حقيقة في المستقبل القريب. شارك في هذه الأبحاث عدد من طلبة الماجستير والدكتوراه تحت إشراف عدد من البروفيسورات والأساتذة المختصين في قسم الهندسة الكهربائية والفيزياء. وقد نجح الفريق في تطبيق نظرياتهم الجديدة, حيث استطاع بث تيار كهربائي لاسلكيا بين مصدر للطاقة والمصباح الكهربائي. وقد أطلق الفريق العملي اسم ( واي إلكتريسيتي) أو الكهرباء اللاسلكية على منتجهم. ويعتقد فريق العمل أن هذه التقنية الجديدة قد تتيح توزيع التيار الكهربائي داخل المنزل في المستقبل دون الحاجة إلى مد الأسلاك, ولكنه لا يمكن استخدام هذه التقنية لبث التيار الكهربائي عبر مسافات طويلة, وقد وقف العلماء بين مصدر الطاقة الكهربائية والمصباح ليثبتوا أن بث الكهرباء اللاسلكية لا يسبب الأذى.

قصة معاناة

اعتمدت هذه التجارب على قصة معاناة حصلت منذ عدة سنوات لأحد أعضاء الفريق واسمه سولياشيش. يقول: كنت أعمل في المطبخ وكان الجوال دائما يعطي إنذارات عندما تصبح البطارية شبه فارغة, وأحيانا عندما أكون مستغرقا في النوم, يُزعجني ويقضُ مضجعي صوت تنبيه الجوال لشحن البطارية. فبدأت التفكير (المصحوب بالأماني) في كيفية التخلص من هذه المشكلة, وجعل بطارية الجوال تخدم نفسها بنفسها عن طريق الشحن أتوماتيكياً ومن دون إصدار إنذارات مزعجة. ولكي يتم ذلك يجب أن يكون هناك طريقة لشحن البطارية عن طريق إرسال الطاقة الكهربائية لاسلكياً، لذا بدأت التفكير جدياً لجعل هذه الخاصية الفيزيائية حقيقية ومطبقة عملياً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي