بيع العقار بالتقسيط (2)
إتماما للتعليق على نظام التقسيط الذي سبقت الإشارة إليه في المقالة السابقة أشير إلى أن النظام قرر في المادة الخامسة أن للبائع أن يستوفي مبلغاً لا يقل عن (20 في المائة) من ثمن السلعة بالتقسيط عند تسليم المبيع, ويبدو أن صياغة هذه المادة غير دقيقة, حيث إنها جعلت الخيار للبائع في أخذ قسط من المبلغ يكون مقدما, ثم قيدت ذلك بألا يقل عن 20 في المائة, وهذا مشكل لأن أصل الأخذ جوازي فكيف يلزم بألا يقل عن النسبة المشار إليها, وقد يكون المراد أن للبائع يأخذ نسبة لا تزيد على ما حدد, وهذا المستقيم مع توجه المنظم في حفظ الحقوق وضبطها ومنع استغلال التجار العملاء, يؤكد هذا – في رأيي – الفقرة الثانية في المادة ذاتها وتنص على أنه "إذا قدم المشتري رهناً أو كفالة غرم وأداء، تخفض النسبة المقدمة بحسب الاتفاق", ولم تتعرض اللائحة التنفيذية لهذه الجزئية لتعالجها.
وبمناسبة الحديث عن الكفالة الغرمية " من الغرم" – وليست الغرامية " من الغرام" كما هو شائع عند البعض خطأ – فإن المعمول به فقه وقضاء أن للدائن مطالبة من شاء من الأصيل أو الكفيل للمطالبة بحقه, وفي حال طالب الكفيل فلا يقبل دفع الكفيل بضرورة مطالبة الأصيل قبلاً, لأنه بكفالته الغرمية قبل تحميل ذمته المبلغ ابتداء, استنادا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "الزعيم غارم" أخرجه الترمذي, ومن الحلول القانونية أن يطلب الكفيل من المحكمة إدخال الأصيل في القضية وفقا لمبدأ "الإدخال" المنصوص عليه في المادة (75) من نظام المرافعات الشرعية, كما أن للمحكمة أن تدخل الأصيل في القضية ولو لم يطلب الكفيل وهو الأولى حسما لمادة المنازعات, وإسراعا في إيصال الحقوق وتسهيلا على الناس, وقد يسأل البعض عن مدى جواز دخول الأصيل في القضية بطلب منه, حيث إنه في بعض القضايا قد تقام الدعوى على الكفيل فقط ولا يكون لديه المستندات التي تثبت تسديد الأصيل لبعض الأقساط ولا تُدخل المحكمة الأصيل ابتداء, كما أن الكفيل كذلك لم يدخله - إما غفلة منه وإما تواطؤا مع الدائن-, فالجواب: أنه يجوز للأصيل أن يكون طرفا في القضية وفقا لمبدأ "التدخل" الوارد في المادة (77) من نظام المرافعات الشرعية.
أما إذا كانت الكفالة حضورية فالأصل أنه تُلزم الكافل بإحضار المكفول, إلا أن المعمول به في قضاء المملكة أنها تنقلب غرمية في حال لم يستطع إحضار المكفول وهو فقه جيد يتوافق مع احتياجات الناس وطبيعة المستجدات وضرورة المحافظة على الحقوق.