الخلوة مع النفس منطلق للتخطيط المستقبلي
الخلوة مع النفس من حين لآخر في اعتقادي المتواضع ضرورة لا غنى عنها فهي تولد شعورا بالاستقلالية بعيدا عن ضغوط الحياة وروتينها اليومي, وأعتبرها مرتكزا لانطلاق تخطيط مستقبلي راق للنهوض بالإبداع إلى الأفضل. وبالخلوة مع النفس يستطيع الإنسان وخاصة (الكاتب, المفكر, الباحث, المؤلف, الشاعر, القاص, والراوي, وغيرهم من ذوي الاهتمامات) إنماء عقله بكل ما هو مفيد ويفيد المتلقي. ويستطيع الخالي مع نفسه بعيدا عن الأصوات والضوضاء وضغوط الحياة أن يصل إلى الواقع المنطقي, ويثري عقله بالمعلومات الثقافية التي لها مضمون شامل, ويستطيع الخالي مع نفسه أيضا تشخيص الواقع في كتاباته ثم الوصول إلى الهدف المنشود وبخلوة الإنسان مع نفسه تتحرك العاطفة وتنشط الوجدان بشكل أساسي في البحث عن المنطق ويبدأ العقل بالتحليل والتخطيط ثم التنسيق لكل أمر مهم يخدم المجتمع في مجالاته الحياتية, كون التعامل مع الأمور لا يمكن أن يكون وسط مجموعة من الناس, والحلول لا يمكن الحصول عليها في بيئة مملوءة بالأصوات وجميع أنواع تشتيت الأفكار. وحتى من يريد أن يستمتع ولو بقراءة جريدة يومية لا يمكن له التركيز إلا بخلوته مع نفسه كي يستحضر عقله ووجدانه لينسجم مع ما يقرأ ليرسخ في ذهنه وبهذا تكون القراءة بالعقل وليست باللسان دون العقل.
وتتسم الخلوة مع النفس بشمولية الرأي وحسن التفكير واسترخاء الذهن وحضور المشاعر التي توقظ الذاكرة بكلمات رنانة توعي لدى الخالي مع نفسه وضع الحاضر ويبدأ بتصورات عميقة نحو المستقبل ثم يضفي لنفسه رصيدا ثريا من الثقافة والعلم والمعرفة . وكل منا يجب أن يكون له يوم في الأسبوع أو عدة أيام (نصف سنوية أو سنوية) يخلو فيها مع نفسه سواء برحلة برية وخاصة وقت الربيع حيث الخضرة ولطافة الجو أو على شاطئ البحر في كل صباح باكر أو قريب غروب الشمس للاستمتاع بجو عليل أو بسفرة محمودة لأي وجهة يرغب فيها الخالي مع نفسه, أو على أقل تقدير يوم في الأسبوع يخلو فيه الإنسان مع نفسه في منزله .
كما أن الخالي مع نفسه يكون واضحا أكثر ويسقط عنده الحياء الممزوج بالخوف الذي يجعله يكابر ولا يعترف بسلبياته أثناء تواجده مع الناس ولكن عندما يخلو بنفسه يرجع شريط أرشيف حياته ويستوعب كل ما اعتراها وما وجه له من نقد هادف بناء من قبل الآخرين , ثم يعيد صياغة حياته ويحاسب نفسه على كل تقصير في عباداته وواجباته أو بما يخص الآخرين من وشاية أو سب أو نميمة أو ظلم أو أكل مال بغير حق وغيره من الأمور التي تورد الإنسان الموارد سواء في الدنيا أو في الآخرة ثم يشعر الخالي مع نفسه بالخطأ دون خجل أو تحفظ وسرعان ما يراجع نفسه ثم يتوب ويعود للصواب دون تكرار للخطأ مستقبلا .
قد يقول قائل إن هذا أسلوب توحدي وأسلوب معقدين, ولكن أقول: حاول تطبيق هذه الطريقة لمرة واحدة فقط ثم أحكم بعد رؤيتك النتائج.
صالح بن عبد الله الباحوث
[email protected]