وهيب بن زقر ومحاضرات السبت الاقتصادية

[email protected]

التقيت في اليوم الأول لمنتدى جدة الاقتصادي2007 بالدكتور مقبل الذكير، والذي أشاد بعمق مقالات الشيخ وهيب، وأنا بدوري أجبت هل نحن أمام موهبة فريدة في المجتمع الاقتصادي حينما ننتظر مقال السبت من كل أسبوع للشيخ وهيب الذي يحمل في طياته أكثر من ألفي كلمة؟ وذكرت للأستاذ مقبل أن القارئ يعتب وهو يتابع سلسلة الأفكار المطروحة في زحمة المعلومات المتدفقة منه، بل أشرت إلى ذلك في إحدى المقابلات مع الشيخ وهيب إنني أفضل التخصص في تلخيص مقالاته، للتحديد الأهداف الاقتصادية وأثرها في الواقع الاجتماعي بدلاً من البحث عن موضوع أسبوعي أشارك به "الاقتصادية".
وليسمح لي القارئ الكريم بعدما قرأت مقالاته السابقة وآخرها وأصعبها (كِــلْ ضعْـفٍ لـِهْ لـِطـْـفْ) أن أقدم رأيي الشخصي في فكر (وهيب الرهيب) حيث إنها في واقع الأمر ليست مقالات، بل محاضرات جامعية لمادة علمية من أربع ساعات أعدت للشباب المتحفز للتخرج من الجامعة الأكاديمية إلى الحياة العملية، والمادة لها تأثير على المعدل التراكمي للتخرج، ولنطلق عليها مجازاً مادةً "واقع الحياة". إن كل محاضرة يلقيها علينا الكاتب صباح كل يوم سبت نرى خلف كلماتها مجموعة من أساتذة الاقتصاد والاجتماع يتحاورون بنوع من الحماس في قضية عامة بمختلف أبعادها، وأمامهم مدرج كبير، يمثل القراء طلبة الجامعة فيه، وهذه المحاضرة سُجلت ثم أعاد صياغتها أحد المهتمين بالاقتصاد.
حيث يعد طرح وهيب بن زقر جريئا جدا من الناحية الاجتماعية، حتى وإن غلب عليها الأمثلة الشعبية، ولكن ما يزين أسلوبه في التعبير (الجداوي) الذي يستند أحياناً إلى معان ذات مغزى بين كلمات المقال. حيث قضايا الشباب، ومشاكلهم الاقتصادية، وما ينطوي عليها من آثار اجتماعية خطيرة، والتي من الممكن أن تهدد حياتهم وكيان أسرهم في المستقبل. ويشير بكثير من الألم إلى ما يهدد القيم الاجتماعية ويقضي على ما توارثته الأجيال من أعراف وعادات طيبة، ومشاكل التفكك الأسري وتزايد نسب الطلاق في المجتمع السعودي وضرورة المساواة بين كل من الطرفين وإحقاق الحقوق، وينطلق إلى ضرورة معالجة العلاقات الإنسانية من منظور إنساني، حتى تتحقق العدالة الاجتماعية قبل الأهداف الاقتصادية.
في مقالاته يؤكد أن الفكر الاقتصادي المتجدِّد يتطلب نوعا من الإبداع في التفكير، المُدعم بالعلم والمعرفة الغربية، لتوفير حلول وطنية اجتماعية تعطي المواطن الحماس للإتقان في العمل والرغبة والتفاني في طلب المعرفة. ويسعى دائماً إلى أن يجمع رجال الأعمال والمال تحت مظلة العمل المشترك البنّـاء من أجل رفعة الوطن والمواطن.
يتمسك دائماً بالتحذير المسبق، ويقرع الجرس المرة تلو الأخرى، ويقول إن المواطن هو الإنسان المدرك لواقعه، الأمين على ما أؤتُمن عليه، القانع بدخله الذي قسمه الله له، الراضي بعمل يكسب منه، القوي في صحته، المحصـَّن من مغريات الحياة وأمراضها التي تتزايد يوماً بعد يوم في هذا العصر الذي نعيش فيه، والمعرفة والعلم أثقل شيء في موازين ثروة الأمة، وأهم من تشييد المباني الخرسانية وفي هذا القول، يستند فكره إلى الجانب الديني، إذ يذكرنا بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (من أصبح منكم آمناً في سِربه معافًى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا) أخرجه مسلم.
ونجح في إلقاء الضوء من خلال مقالات عدة قائلاُ إن المجتمع السعودي يحتاج إلى مديرين مبدعين يستثمرون الحاضر للمستقبل في الأعمال والاستثمارات التي تساعد على التخفيف من الضائقات الإنسانية بالأعمال المجتمعية المربحة لهم. موضحاً أن الطرق التقليدية في أعمال الخير لا تمنع المواطن القادر من أن يوظف الأمين القوي بعد تزويده بالعلم والمعرفة، وترفع المعرفيات مجتمعياً. ومن آيات الذِّكر الحكيم قوله تعالى: "إنَّ خَيْرَ مَن اسْتأجَرْتَ القويّ الأمين" إن الاهتمام والتمسك بهاتين الصفتين (القوة، والأمانة) عند قيام صاحب العمل باختيار الموظف أو العامل الذي سيدير العمل أهم من أنظمة العمل أو حقوق العامل والتزامات صاحب العمل.
الشيخ وهيب بن زقر، مفكر راقي الأسلوب، متفهم لواقع ومشكلات وقضايا وطنه.. تتميز كتاباته بالتركيز على البعد الاجتماعي دائماً، فهو صاحب رسالة تستلهم مضامينها من أجواء المجتمع السعودي، وتستهدف النهوض بهذا المجتمع من جميع النواحي الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والصناعية، من أجل خلق مجتمع مثالي يرتكز على القيم الإسلامية السمحة والقيم والعادات الطيبة وهو ينطلق بتقنيات العصر متسارعة الخُطى والتطور نحو غدٍ مشرق واعد.
ختاماً نحن الشباب نطلب من الشيخ وهيب، تلخيص خبراتكم الاقتصادية والاجتماعية مع جريدة "الاقتصادية" في كتيب صغير يباع في المكتبات، حتى يكون رفق عمل نستشرف منه آفاق توقعاتكم للمرحلة المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي