الترجمة من الصينية إلى العربية في منتدى جدة تمر عبر الإنجليزية

الترجمة من الصينية إلى العربية في منتدى جدة تمر عبر الإنجليزية

داخل مقصورة مربعة من الزجاج يمارس مجموعة من المترجمين عملهم بتركيز شديد بين مرادفات اللغة العربية وشقيقاتها اللغات العالمية الأخرى.
وعلى الرغم من كونهم الجنود المجهولين للحدث المقام فلا أحد يدرك ما يعانونه من توتر وأعصاب مشدودة حيث يفرض على المترجم ألا يتنفس بصوت عال أو صوت (كحة) أو التحدث مع زميله حتى ولو بصوت خفيض يقوم بعزل نفسه عن أي مؤثر خارجي ليتمكن من أداء وظيفته المتمثلة في الترجمة الفورية, ومن القانوني أن يكون عددهم ثلاثة أفراد في كل مقصورة من المقصورات التي يترجم فيها الحدث فمثلا أربع لغات ترجم بها منتدى جدة الاقتصادي "العربية, الإنجليزية, الفرنسية, الصينية" تستلزم وجود 12 مترجما فوريا ولكن ظروف تأخر التأشيرات وعدم تفضيل الاستعانة بفتيات رغم العدد الهائل منهن في هذا المجال جعلا عددهم يقارب السبعة فقط, فمثلا خلف المقصورة الصينية لا يوجد سوى فرد واحد, لذا كان من الطبيعي أن يرتاح ذلك المترجم فهو إنسان قبل أي شيء كما ذكر رئيس قسم الترجمة محسن الكديمي مضيفا أنه من المتعارف عليه أن يتم تسليم المترجم الوثائق قبل الحدث بعشر أيام إلا أن هذا نادرا ما يحصل في منتديات عربية, لذا فهو يجب أن يتحلى بثقافة شاملة لجميع النواحي بما فيهم منتدى جدة الاقتصادي.
مشيرا إلى أن عمل المترجم الفوري يقع عليه عبء كبير فهو ليس مطلوبا منه الإلمام باللغة فقط بل يقع عليه مسألة التحكم بالنفس فهو لا يمكن أن يشرب أو يكح أو يصدر صوتا مثلا لذا فإن العمل كمترجم يتطلب مجهودا أكبر من غيره, لذا يتطلب وجود ثلاثة مترجمين, موضحا أن القصور الذي حصل أمس كان راجعا لخلل في أجهزة الترجمة "ريلي "بالمقصورات, فالمترجم إلى اللغة العربية ينتظر ترجمة الصيني إلى الإنجليزية ليتمكن هو من ترجمتها للعربي أو الفرنسي, لذا تم الآن الاستعانة بأجهزة الترجمة العادية المستخدمة من قبل الجمهور, كما أن المترجمين إلى العربية غير ملمين بالإنجليزية فهم يترجمون من الفرنسية إلى العربية, لذا كانوا ينتظرون أن تترجم الجمل من الإنجليزية إلى الفرنسية ليتمكن هو من ترجمتها إلى العربية وكان ملحوظا تأخير الترجمة بعض الشيء, مشيرا إلى أن المترجم يعزل نفسه عن العالم ليتمكن من أداء عمله, لذا فهو يحتاج إلى راحة كل ساعة مثلا ليكمل المجهود الشاق الذي يعمله, قائلا إن المجتمع العربي خاصة الخليجي غير مدرك صعوبة مهنة الترجمة, فهم يظنونها زرا يضغط عليه عند الحاجة على الرغم من أن المترجم هو المتسبب في فهم الحاضرين الحدث, قائلا إنه توجد حيل يلجأ إليها المترجم, فلا يشترط منه أن يعرف جميع الكلمات فهو يستطيع التحايل وتدوير الجمل أو الكلمات, فمثلا كلمة مثل "القنبلة العنقودية" يمكن ترجمتها للقنبلة ذات الشظايا الكثيرة أو الخطيرة والمهم هو إيصال المعنى للحاضرين.
ويشير المترجم محسن القديمي إلى ن الأمم المتحدة اشترطت أن يكون المترجم يترجم للغته الأم حتى ولو كان مجيدا للغة أخرى لان أمورا كالنكت والأمثال الشعبية والمصطلحات لن يفهمها إلا ابن البلد, كما يقال.
يروي المترجم خالد صالح "من الإنجليزية إلى العربية" إحدى المواقف الضاحكة قائلا إن ترجمة النكات من أصعب أنواع الترجمة, لذا فمرة كانت إحدى النكات المحلية التي يصعب ترجمتها وضحك الحاضرون الفاهمون لنفس اللغة ما دفعه للتلفظ بجملة" أن المتحدث ألقى نكتة ولا أستطيع ترجمتها, فنأمل منك الضحك لكيلا يغضب المتحدث", موضحا أن الجمهور غير المتحدث باللغة ضحك أكثر من المتحدثين, مشيرا إلى أن الترجمة الفورية تتميز بأنها لا يشترط فيها ترجمة نفس الكلمات فهي تفسير لما يقال يكتفي فيها بتوضيح الحديث الدائر دون الحاجة إلى ترجمته لفظيا أو حرفيا. قائلا إن المترجم الفوري يجب أن يحجز نصف عقله مع المتحدث والنصف الآخر ليترجمها للحضور كما يجب أن يكون مع زميله الآخر, فمثلا عندما يتحدث أحد الأفراد الصينية فأنا أنتظر من زميلي ترجمتها للإنجليزية لأتمكن فيما بعد من ترجمتها للعربية.
ويرى زميله تامر البشير أن أكثر ما يزعج المترجم هو مرور أحد الأفراد أو وقوفه أمام الزجاج لينظر إليهم, قائلا إن هذا يزعج المترجم ويربكه عن أداء عمله قائلا إن هذا يرتبط بوعي المجتمع تجاه عمل المترجم وبخبرة المترجم ذاته التي تجعله يتخطى تلك المشكلة, منوها إلى أن الألفاظ السيئة أو (الشتيمة) كما يقال من أكثر الأشياء التي يصعب ترجمتها, لذا فهو إما يحاول التقليل من حدتها أو تفادي ترجمتها, مشيرا إلى ن مثل تلك الأشياء تفهم نتيجة الاتصال غير اللفظي ولا تحتاج إلى ترجمتها, منوها بأن الترجمة إلى العربية من الإنجليزية كان الأكثر عبئا في هذا المنتدى لأن أغلب الحضور يتحدثون الإنجليزية.
ويخالفه زميله المترجم عبد الله الرقراقي "من العربية إلى الإنجليزية" لأنه يجب عليه أن يترجم جميع ما يقال حتى ولو كان من الألفاظ النابية أو السيئة مثلا لأن هذا داخل بالأمانة والالتزام الذي يجب أن يراعيهما قائلا إن هناك مصطلحات ربما لا يفهمها الأجانب مثلا " ككفاءة النسب والأمثال الشعبية بمعناها الحرفي مثلا ولكنه يترجمها كما هي وعلى المستمع أن يفهم المعنى أو يستفسر عنه لاحقا.
ويصف المترجم يوسف عبد الجليل "من الإنجليزية والعربية إلى الفرنسية" أن عدد المترجمين يكون جيدا إذا كانا اثنين بالمقصورة, منوها بأنه قوانين الترجمة تقتضي ذلك فلا يمكن أن يكون مترجما واحدا فقط في المقصورة قائلا إن أكثر ما يسعد المترجم هو حين انتهاء عمله فهو يتنفس الصعداء لأنه نجح في إيصال ما يدور داخل القاعة دون مشاكل.

الأكثر قراءة