الأهمية الاقتصادية للخليج في العالم
تمتاز دول مجلس التعاون الخليجي بأنها من التجمعات الاقتصادية المؤثرة في العالم على الرغم من محدودية عدد السكان وحجم الناتج المحلي الإجمالي. وتكمن القوة الاقتصادية لدول الخليج في كونها مصدرا رئيسا للنفط والغاز والفوائض المالية في العالم.
محدودية السكان
حسب إحصاءات عام 2005 بلغ عدد السكان في دول مجلس التعاون مجتمعة نحو 36 مليون نسمة. ويمثل هذا الرقم نحو 0.5, أي أقل من 1 في المائة من مجموع سكان العالم. وما يميز الأمر بشكل أكثر هو التمثيل النسبي المبالغ فيه للشباب حيث يشكل المواطنون دون سن الـ 15 نحو 32 في المائة في المتوسط من مجموع السكان. يمثل السكان دون سن الـ 15 في حدود 39 في المائة من السكان في المملكة العربية السعودية. وتعد هذه الحقيقة الديمغرافية تحديا للسلطات من حيث التخطيط للتعليم والتدريب ووجود سوق واعدة لتوظيف هؤلاء الشباب.
بالمقارنة, يعيش نحو 350 مليون فرد في دول الاتحاد الأوروبي وذلك بعد انضمام كل من بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد في بداية العام الجاري, وعليه أصبحت دول أعضاء الاتحاد الأوروبي 27 بلدا, لكن تمتاز دول الاتحاد الأوروبي بضآلة نسبة النمو السكاني فيها, إذ هي في حدود الصفر في العديد من الدول ومن بينها ألمانيا (ينمو سكان دول مجلس التعاون بنحو 2.5 في المائة سنويا).
الناتج المحلي الإجمالي
بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الست نحو 613 مليار دولار في عام 2005. الملاحظ أن السعودية تسهم بنصف هذا الرقم, تليها الإمارات بنحو 22 في المائة. لكن يشكل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون نحو 1.5 في المائة من قيمة الناتج الكلي للاقتصاد العالمي. حقيقة يزيد الناتج المحلي الإجمالي لدولة أوروبية مثل إسبانيا عن حجم اقتصادات دول مجلس التعاون مجتمعة. يبقى أن ما يميز اقتصادات دول مجلس التعاون هو النمو النسبي السريع. على سبيل المثال, ينمو الاقتصاد القطري بنسبة تزيد على 10 في المائة سنويا حسب الأسعار الثابتة أي المعدلة لعامل التضخم.
إحصاءات حيوية
من جهة أخرى, تمتاز دول مجلس التعاون بأهمية خاصة عندما ينتقل الحديث إلى الطاقة. يشكل الإنتاج النفطي لدول الخليج نحو 23 في المائة من الإنتاج العالمي للنفط الخام في عام 2003 (لا تتوافر حتى الآن إحصاءات نهائية يعتمد عليها لعام 2006). فقد بلغ الإنتاج الخليجي نحو 18 مليون ونصف برميل يوميا, حيث شكل الإنتاج السعودي أكثر من نصف هذا الرقم. المعروف أن السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم.
إضافة إلى ذلك, تحتل دول الخليج نحو 41 في المائة من حجم الاحتياطي العالمي للنفط الخام. أيضا تأتي السعودية في المقدمة حيث لديها احتياطي نفطي قدره 265 مليار برميل. المؤكد أن المشتقات النفطية مثل البنزين والديزل وقود الطائرات تشكل حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي.
فضلا عن ذلك, يشكل إنتاج الغاز في دول مجلس التعاون نحو 8 في المائة من مجموع الإنتاج العالمي, لكن من المنتظر أن تلعب دول الخليج دورا أكبر في السنوات المقبلة, وذلك على خلفية الاستثمارات في قطاع الغاز. على سبيل المثال, من المأمول أن تصبح قطر المصدر الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم في غضون عدة سنوات لا أكثر. تعد إندونيسيا المصدر الأول للغاز الطبيعي في الوقت الحاضر. حسب الإحصاءات الدولية, تسيطر دول الخليج على 23 في المائة من حجم الغاز في العالم, وهي نسبة كبيرة.
فوائض مالية
فيما يخص الفوائض المالية, فقد جاء في مقال نشر حديثا في مجلة "الإيكونومست" البريطانية أن دول مجلس التعاون وليست الصين هي من تتمتع بفائض نوعي في الميزان التجاري. تتوقع "الإيكونومست" أن تحقق الدول النفطية الخليجية فائضا في حساباتها الجارية قدره 280 مليار دولار, بل إن الرقم مرشح ليصل إلى نحو 500 مليار دولار. في المقابل, من المتوقع أن تسجل الصين فائضا قدره 200 مليار دولار. بمعنى آخر, فإن الفائض المالي لدول الخليج مجتمعة أكثر أهمية من الفائض المالي للحساب الجاري للصين التي تعد من أكبر الدول المصدرة في العالم. لا شك أن هذا الفائض المالي الضخم يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة في السنوات القليلة الماضية.
حقيقة القول فإن الاهتمام العالمي لدول مجلس التعاون له ما يبرره, وذلك على خلفية الاستثمارات الضخمة في المنطقة. حسب بعض الإحصاءات من المتوقع أن يتم استثمار نحو 1.500 مليار دولار في السنوات المقبلة وعلى الخصوص على مشاريع البنية التحتية. ويعد الاستثمار المحلي أمرا مهما نظرا للضغوط الديمغرافية التي تمر بها دول المنطقة من قبيل النمو السكاني, فضلا عن الحاجة إلى توفير فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين. باختصار فإن الاهتمام العالمي في دول مجلس التعاون لا يأتي من فراغ.