تكامل الأسواق المالية العربية
تنطلق غدا في العاصمة العمانية مسقط فعاليات ملتقى أسواق رأس المال تحت عنوان "رأس المال العربية: الآفاق والتحديات". ينظم ملتقى الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية بالتعاون مع الهيئة العامة لسوق المال في عمان.
يهدف الملتقى إلى تقريب وجهات النظر حول تكامل الأسواق المالية العربية، ومناقشة أهم الآفاق والتحديات التي تواجه اقتصادات الدول العربية نحو تكامل أسواقها المالية. من أهم هذه الآفاق والتحديات التخصيص، المناخ الاستثماري، التشريعات، وآليات الدعم والمساندة الفنية.
وعلى الرغم من أهمية وطموح مشروع تكامل الأسواق المالية العربية، إلا أن تواضع نمو عملية تكامل اقتصادات الدول العربية تستأنس مناقشة جدوى تكامل الأسواق المالية العربية بهدف تفادي الانحراف عن مسار الطموح إلى مسار التطلعات.
هناك العديد من التساؤلات حول الجدوى الاقتصادية على السوق المالية السعودية، بشكل خاص، وفرص النجاح، بشكل عام. ولا سيما أن الأسواق المالية العربية متباينة في درجة الكفاءة التشغيلية، والعمق المالي بتباين درجة التنافسية الاقتصادية، والطاقة الاستيعابية لاقتصاداتها المحلية.
إنه من الأهمية بمكان قبل مناقشة هذه التساؤلات المرور بعجالة على الجدوى الاقتصادية التي تجنيها السوق المالية المحلية عندما تعمل تحت مظلة تكتل مجموعة من الأسواق المالية، ومقارنتها بتلك الجدوى الاقتصادية التي تجنيها عندما تعمل بمفردها.
يسهم تكامل الأسواق المالية في تقليل التكلفة وزيادة العوائد الاستثمارية. يعود السبب الرئيس إلى دور هذا التكامل في زيادة عدد شركات الوساطة المالية المتاحة أمام المستثمرين، ومن ثم زيادة حدة المنافسة بين هذه الشركات.
تجبر هذه المنافسة شركات الوساطة المالية مع مرور الأيام على تنويع خدماتها ومنتجاتها الاستثمارية، وتقليل تكلفة الحصول على هذه الخدمات والمنتجات بهدف الاستحواذ على أكبر عدد ممكن من المستثمرين.
يسهم تكامل الأسواق المالية أيضا في تقليل درجة المخاطرة الاستثمارية. يعود السبب الرئيس إلى أن تكامل الأسواق المالية يفتح المجال أمام المستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية من خلال زيادة الفرص الاستثمارية القادمة من أسواق مالية مختلفة.
تمتد الفوائد الاقتصادية لتلقي بثمارها على الشركات المدرجة. فعلاوة على زيادة عدد شركات الوساطة، وانعكاسات ذلك على تكلفة التمويل، والترتيب المالي، والإدراج، والتداول، فإن تكامل الأسواق المالية يساعد الشركات المدرجة على تحقيق ميزتي اقتصادات الحجم والمجال من خلال التواصل مع شريحة عريضة من المستثمرين. يساعد ذلك على زيادة إمكانية الحصول على فرص تمويلية أفضل من تلك الفوائد عندما تدرج أسهم الشركة في سوق مالية منفردة.
تضاف هيئات الأسواق المالية إلى الفئات المستفيدة من تكامل الأسواق المالية. حيث تستفيد هيئة السوق المالية من تكامل سوقها المالية مع مجموعة من الأسواق المالية في تقليل تكلفة الإشراف على تنظيم وتطوير السوق المالية.
يعود السبب الرئيس إلى أن تكامل الأسواق المالية يسهم في زيادة كفاءة السوق المالية، وتدعيم عمقها المالية، وتوسيع طاقتها الاستيعابية من خلال ما يوفره من السيولة اللازمة لدعم دور السوق المالية في منظومة الاقتصاد المحلي.
تعود بداية مشروع تكامل الأسواق المالية العربية إلى 1976م عندما أوعزت القمة العربية الثامنة إلى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية دراسة جدوى قيام المشروع. سبق هذا التاريخ مجموعة من المعاهدات كمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، واتفاقية السوق العربية المشتركة.
وعقب هذا التاريخ مجموعة أخرى من المعاهدات الاقتصادية كالإعلان عن إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بحلول عام 2008، وما أعلن مطلع الشهر الحالي في أبو ظبي حول تأسيس اتحاد هيئات الأوراق المالية في الدول العربية.
وعلى الرغم من الجدوى الاقتصادية التي تجنيها السوق المالية المحلية عندما تعمل تحت مظلة تكتل مجموعة من الأسواق المالية، إلا أن تاريخ الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية العربية تحد من فرص نجاح مشروع تكامل الأسواق المالية العربية، ناهيك عن الجدوى الاقتصادية على السوق المالية السعودية.
حيث يواجه عدد ليس بالقليل من الأسواق المالية العربية مجموعة من التحديات الاستراتيجية التي نستخلصها من قراءة التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2006 الصادر عن صندوق النقد العربي في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، و مقارنتها بإنجازات الاتفاقيات و المعاهدات الاقتصادية العربية.
من أهم هذه التحديات كفاءة السيولة المستثمرة في الأسواق المالية العربية، والقيود المفروضة على عدد ليس بالقليل من الأنظمة المصرفية العربية، وتلك المفروضة على التدفقات الاستثمارية من وإلى عدد ليس بالقليل من الاقتصادات العربية.
مشروع تكامل الأسواق المالية العربية هو تطلع اقتصادي محسوس. معرفة كفاءة الاقتصادات العربية في تحويل هذا التطلع إلى طموح ستحددها تنافسية الأسواق المالية العربية في تفادي التحديات واستثمار الفرص المقبلة.
وإلى أن تعرف الكفاءة، فإنه يجب التأكيد على أهمية قيام السوق المالية السعودية بالبحث عن فرص تكاملية بديلة، إقليمية كانت أو دولية، بما تمكنها من تطوير تنافسيتها المقبلة في تلبية احتياجات منظومة الاقتصاد السعودي.