مستوى الإفصاح المحاسبي
أنا من المتفائلين ولن أنضم إلى قافلة جلاد الذات، حيث إن الإفصاح المحاسبي، على الرغم من السلبيات العديدة التي سأسردها لاحقا، مازال والحمد لله بخير (لا بيانا ولا وقتا) وعلى الأخص لتلك الشركات المدرجة في سوق المال، ويعود سبب تفاؤلي إلى عدة أسباب منها على سبيل المثال أن جهود هيئة سوق المال في الرقابة على تلك الشركات رفعت من مستوى الأنظمة المحاسبية وبخاصة التوقيت والنوعية بالإضافة إلى توافر حد أدنى من الإفصاح المحاسبي المنظم، وزيادة الوعي المحاسبي وضغط الملاك والمواطنين كافة على الإدارة لزيادة مستوى الإفصاح، ومع ذلك مازلنا في بداية الطريق، ومن أهم معوقات رفع مستوى الإفصاح المحاسبي ما يلي:
1 - تركيز اهتمام الإفصاح بالشركات المدرجة بسوق المال فقط على الرغم من أنها لا تمثل إلا جزءا من النشاط الاقتصادي.
2 - تشابك الصلاحيات بين عدة جهات لتحديد الجهة المسؤولة عن كفاءة الإفصاح المحاسبي.
3 - استغلال بعض الأشخاص والمؤسسات للمعلومات الداخلية والتداول بناء عليها.
4 - ثقافة الإفصاح مازالت في بداياتها حيث إن الإفصاح عن المعلومة الداخلية يعتبر (نشامة) ويرفع من نظرة الناس للشخص الذي يدلي بها "مصدر موثوق".
5 - تحديد مستوى الإفصاح يأتي انعكاسا للبيئة وليس الجهات الرقابية.
6 - اختلاط المعلومة مع الإشاعة، والتداول الفردي بدلا من المؤسساتي.
7 - إصرار الشركات على سرية جميع المعلومات ماعدا ما يفصح عنه في القوائم المالية التي لا تساعد المحللين الماليين لإيضاح معلومات تلزمهم للتحليل المالي كالتنبؤات المستقبلية مع ترديد مقولة "كل شيء سري .. عندك القوائم المالية".
8 - الصراع الدائم بين المحاسب القانوني – وإدارة الشركة والهيئة على الرغم من توحد أهدافهم على المستوى الطويل.
9 - مخالفة البعض للأنظمة بحجة عدم كفاءة النظام المحاسبي أو أن الإفصاح عن المعلومة قد يضره أو يضر شركته.
10 - قصور هيئة المحاسبين القانونيين في التوعية، ويمكن أن أقول إن جل القراء لا يعلم بمتطلبات الإفصاح المحاسبي.
11 - تدني مستوى العقاب وأحيانا لا يوجد عقاب وإن وجد فهو غير معلن.
12 - هلامية أتعاب المحاسبين القانونيين وتنامي المنافسة بينهم على الأسعار مما يؤدي إلى تنازلهم، وأحيانا خضوعهم لإرادة الإدارة.
13 - تقديم المحاسبين القانونيين خدمات الاستشارات المالية والإدارية (ولو من خلف الستار)، حيث أوجدت جل المكاتب لها شركات متصلة تقوم بذلك، وهي تمارس العمل المحاسبي مما يؤثر على استقلال قراراتهم.
14 - تعقيد لغة الإفصاح التي قد لا تفهم من العامة، ومما يؤسف له اهتمام الناس بالإفصاح الآني المعلن، والتركيز على رقم واحد "صافي الربح" وما يدريك ما صافي الربح الذي نعرف كمحاسبين أنه رقم لابد من معرفة تفاصيله وتأثير السياسات المحاسبية عليه.
15 - وأخيرا لقد عانى الغرب من مشكلات الإفصاح المحاسبي وأثره على أداء الأسواق المالية ومازال يبحث عن معاني وحدود "الإفصاح الكافي" .. ونحن مازلنا في بداية الطريق ولكن مقارنة بمن حولنا "الإفصاح" في المملكة يسير في الاتجاه الصحيح والله أعلم.