خطة دبي الاستراتيجية
بدأت دبي في تنفيذ خطتها الاستراتيجية الطموحة التي تهدف إلى جعل الإمارة منطقة متميزة على مستوى العالم. وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة, رئيس مجلس الوزراء, حاكم دبي, قد كشف في الأسبوع الماضي عن خطة دبي الاستراتيجية التي تمتد للفترة ما بين 2007 و2015. وأكد الشيخ محمد بن راشد أن خطة دبي الاستراتيجية تندرج ضمن الخطة الاستراتيجية العامة للإمارات. لكن يبدو أن هذه العبارة دبلوماسية, إذ لم تكشف السلطات حتى الآن عن الخطة الموسعة للإمارات السبع للفترة المشار إليها.
أهداف طموحة
من بين الأمور الأخرى, تهدف الخطة إلى تحقيق نسبة نمو سنوية قدرها 11 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي. وليس من الواضح فيما إذا كانت الإشارة هنا إلى نسبة النمو وفق الأسعار الثابتة أو الجارية. بدورنا نميل إلى الاعتقاد بأن الإحصاءات تستند إلى الأسعار الثابتة وذلك في ظل معضلة التضخم التي تعيشها الإمارات التي بلغت نحو10 في المائة عام 2006. أيضا ترمي الخطة إلى الوصول بالناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي إلى 108 مليارات دولار مقارنة بنحو 37 مليار دولار عام 2005. كما تهدف الخطة إلى رفع معدل دخل الفرد من 33 ألف دولار في السنة عام 2005 إلى 44 ألف دولار مع نهاية عام 2015.
5 خطط فرعية
تتوزع خطة دبي الاستراتيجية إلى خمس خطط فرعية أخرى, وهي: التنمية الاقتصادية, التنمية الاجتماعية, البنية التحتية والأراضي والبيئة, الأمن والعدل والمساواة, والتميز الحكومي.
فيما يخص موضوع التنمية الاقتصادية, فقد أكد الشيخ محمد بن راشد أن اقتصاد دبي سيركز على بعض القطاعات, وهي: السياحة, النقل, التجارة, البناء والتشييد, والخدمات المالية. بدورنا نرى صواب هذا التوجه, حيث إن دبي ترغب في التركيز على مواطن القوى في اقتصادها.
أما فيما يخص التنمية الاجتماعية, فستعمل السلطات على حماية الهوية الوطنية عن طريق تحقيق توازن اجتماعي. المعروف أن الأجانب يشكلون الأغلبية الساحقة من سكان الإمارة ما يدعو إلى اتخاذ تدابير للحفاظ على الهوية الوطنية. كما ستعمل السلطات على تطوير جودة خدمات الرعاية الصحية والوضع الصحي للسكان بشكل عام. أيضا يأمل المسؤولون في الارتقاء بالحركة الثقافية بواسطة زيادة الاهتمام بالأنشطة الثقافية.
وبخصوص البنية التحتية والأراضي والبيئة, ستعمد الجهات الرسمية إلى معالجة أزمة الاختناقات المرورية التي تعانيها دبي في الوقت الحاضر, كما ألزمت السلطات نفسها مسؤولية توفير الطاقة والكهرباء والماء.
وفيما يخص الخطة الفرعية الرابعة أي الأمن والعدالة والمساواة, ستقوم الأجهزة الحكومية بزيادة الدوريات الطوافة وتحسين كفاءة غرف العمليات. أيضا تؤكد الخطة ضرورة توافر شروط السلامة في مجالات العمل لجميع العاملين, كما تقرر تطوير سرعة التقاضي, والأهم من ذلك ضمان تنفيذ الأحكام بعد صدورها.
أما ما يتعلق بالخطة الفرعية الخامسة أي التميز الحكومي, فقد تم التأكيد على تطوير الهيكلية الإدارية إضافة إلى ترسيخ ثقافة المساءلة والشفافية بخصوص ممارسات القطاع الحكومي. أيضا سيتم تطوير الكفاءة في الدوائر الرسمية وتحديث السياسات المحاسبية فضلا عن إدارة نظام الشكاوى بطريقة إلكترونية.
دور الحكومة
جرت العادة أن يلعب القطاع العام دورا محوريا في التنمية الاقتصادية في إمارة دبي, ولا يبدو أن الأمور ستتغير في المستقبل. وكان الشيخ محمد بن راشد قد ذكر الحضور, الذي زاد عدده على ألف فرد, بأن سياسات حكومة دبي مثل تطوير البنية التحتية وإطلاق مشاريع عملاقة مثل مدينتي الإنترنت والإعلام أسهمت في تعزيز دور القطاع الخاص. بمعنى آخر, فإن مبادرات الحكومة شكلت القوة الدافعة للنمو وجذب الاستثمارات وفتحت آفاقا أمام مؤسسات القطاع الخاص. وعلى هذا الأساس, من المنتظر أن يواصل القطاع العام لعب دوره المحوري في تحقيق الأهداف الكبيرة لخطة دبي الاستراتيجية.
باختصار يمثل إطلاق مشروع خطة دبي الاستراتيجية إضافة جديدة لتميز إمارة دبي على مستوى المنطقة بأسرها. يبقى من المتوقع أن تنجح دبي في تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية قبل حلول الموعد تماما كما حدث في المرة السابقة. يشار إلى أن السلطات في دبي كانت قد أعلنت في عام 2000 عن خطة استراتيجية لتحقيق أهداف محددة حتى عام 2010, بيد أن الإمارة تمكنت من إدراك الأهداف الاقتصادية على أقل تقدير في منتصف المدة الزمنية. والإشارة هنا إلى أمور مثل الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد التي تحققت في عام 2005 والمشار إليها سلفا.
شارك في وضع الخطة الاستراتيجية 300 شخص ما بين أكاديميين ورجال أعمال ومال وإعلاميين وغيرهم. وعلى هذا الأساس حصلت جهات مختلفة من المجتمع على فرصة الإدلاء بدلوها في إعداد الخطة, الأمر الذي سيكون له بالغ الأثر في نتائجها. المطلوب الآن تنفيذ تفاصيل الخطة بحذافيرها.