مسكن وإلا قبر؟
حدثني أحد الأصدقاء ممن توفي له قريب نهاية الأسبوع الماضي ـ رحمه الله ـ أقول حدثني عن معاناة واجهتهم عند بحثهم عن قبر لدفن قريبهم في عدة مقابر في محافظة جدة حيث تم الاتصال مسبقا وكانت مملوءة، مما يوحي ببوادر أزمة في توافر القبور إن لم تكن موجودة فعلا !!
المهم أنهم وجدوا مكانا لقريبهم في نهاية المطاف ودفنوه رحمه الله، ولكن هل يعقل أن يحدث مثل هذا ونحن نعيش في شبه قارة؟ والحكومة تبذل الغالي والنفيس من أجل بناء الوطن وتوفر له الإمكانات كافة ..
لا عجب أن يحدث ذلك مع ظهور تقارير يندى لها الجبين نشرت في صحيفة عكاظ العام الماضي عن فضيحة القبور – متعددة الجثث والتي يوضع فيها أكثر من جثة داخل القبر الواحد – وبالتحديد في مقبرة الفيصلية في محافظة جدة. لو قيل لنا ان ذلك يحدث في بلد آخر لايملك من المساحة والامكانات 1 في المائة من إمكاناتنا لتعجبنا، فما بالك أن تحدث لدينا؟ أضف إلى ذلك ما في هذا الموقف من امتهان للكرامة الإنسانية مهما كان جنس البشر.
وأعلم أن أمانة مدينة جدة قد شكلت لجانا للتحقيق في هذا الموضوع بالتعاون مع جهات حكومية معنية بالأمر وأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة المتسببين والعمل على تلافي حدوث مثل ذلك مستقبلا إن لم تكن قد اتخذت الإجراء.
هدفي من إثارة الموضوع هو لفت الانتباه إلى أهمية تخطيط المدن وليس للأحياء من بني آدم فقط ولكن للأموات أيضا حفاظا على كرامتهم، فهل يستحيل بناء مقابر في الجنوب والشمال أو الشرق وعلى بعد 50 كيلومتراً مثلا وبمساحات واسعة خارج المدينة تستوعب أعدادا كبيرة وتغطي حاجة المدينة لمائة سنة مقبلة ؟ مثل هذه المواضيع تثير الاشمئزاز وتؤرق لكن لابد من إثارتها وإيجاد الحلول.
يا سادة يا كرام إلى متى ونحن نفكر في يومنا فقط هذا إن كنا نفكر أو نخطط؟ متى تكون نظرتنا مستقبلية ونفكر بالأجيال المقبلة حتى لا نلجأ ويلجأون إلى أرباع وأنصاف الحلول والعمل دائما بأسلوب إدارة الأزمات التي نخلقها بأنفسنا ثم نجيش الفريق للعمل على حلها وبعد إتمامها نفرح بالإنجاز.
ألا يكفي ما يواجهه المواطنون من أزمات في توافر المساكن مع وجود إشكالات مادية ومعنوية في سعيهم للحصول على مساكن تؤويهم وأسرهم وهم أحياء يرزقون؟ وهل أخذنا على عاتقنا زيادة معاناتهم في الحصول على مسكن بعد الممات؟ اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ولا حول ولا قوة إلا بالله ..