الخليج والحرية الاقتصادية.. تساؤلات!!

[email protected]

أشار التقرير السنوي المشترك الصادر من قبل مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكتين إلى استمرار سيطرة الدول الواقعة في منطقة جنوب شرق آسيا على مؤشر الحرية الاقتصادية. فقد حصلت مقاطعة هونج كونج (الصينية) على المرتبة الأولى تلتها مباشرة سنغافورة في تقرير الحرية الاقتصادية لعام 2007.
تؤمن كل من مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة (وول ستريت جورنال) ذات التوجهات المحافظة بضرورة تحديد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين والسهر على تطبيقها. في المقابل يتطلب الصواب منح مؤسسات القطاع الخاص الدور الرئيسي في الاقتصادات المحلية. ومرد ذلك أن الشركات الخاصة تهتم بتحقيق الربحية، ما يعني ضرورة منح الزبائن قيمة مقابل أموالهم, الأمر الذي يخدم الدورة الاقتصادية في نهاية المطاف. ويتمثل اعتقاد المؤسسة والصحيفة أن وجود القطاع العام في الاقتصاد يعد أمرا سلبيا في حد ذاته, وفي العادة يكون على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص. على سبيل المثال يشكل حصول الحكومة على قرض من البنوك مزاحمة الأفراد والشركات في الحصول على التمويل. وعلى هذا الأساس قد يحدث ارتفاع في معدلات الفائدة، الأمر الذي يضر بمصالح الأفراد والمؤسسات.
معايير المؤشر
يعتمد تقرير الحرية الاقتصادية على عشر متغيرات وهي: (1) حرية تأسيس الأعمال، (2) حرية التجارة، (3) الحرية المالية، (4) الحرية من الحكومة، (5) الحرية النقدية، (6) الحرية الاستثمارية، (7) الحرية المصرفية، (8) حقوق الملكية، (9) الحرية من الفساد، (10) الحرية في توظيف وتسريح العمال. اعتمد التقرير على عشرات المؤشرات والتقارير المحلية والإقليمية والدولية لتحديد نسب الحرية لكل متغير.
أفضل النتائج
كما أشرنا سلفا فإن دول منطقة جنوب شرق آسيا حققت أفضل النتائج على مستوى العالم فيما يخص مفهوم الحرية الاقتصادية. فقد حافظت هونج كونج على موقعها كأفضل كيان لممارسة النشاط الاقتصادي، حيث يعد اقتصادها حرا بنحو 90 في المائة. كما استمرت سنغافورة في المحافظة على المركز الثاني دوليا, إذ يعد اقتصادها حرا بنحو 86 في المائة. إضافة إلى ذلك, تضم قائمة أفضل عشر كلا من: أستراليا، الولايات المتحدة، نيوزيلندا، بريطانيا، أيرلندا، لوكسمبورج، سويسرا، وكندا. المؤكد أن الرابط المشترك بين هذه الدول هو الرغبة في تنشيط الدورة الاقتصادية بواسطة تبني نظام السوق ما يعني تشجيع المنافسة.
في المقابل, تعتبر كوريا الشمالية أسوأ دولة في العالم في مجال الحرية الاقتصادية, إذ يعد اقتصادها حرا بنسبة تقل عن 57 في المائة. كما يلاحظ أن بعض دول من الاتحاد الأوروبي نالت مراتب متأخرة نسبيا. فقد حلت فرنسا في المرتبة رقم 45 على مستوى العالم نتيجة سيطرة المذهب الاشتراكي على الاقتصاد الفرنسي, فضلا عن وجود دعم من الحكومة لبعض القطاعات الحيوية مثل الطيران.
أداء دول مجلس التعاون
حافظت البحرين على سجلها كأفضل دولة في مجلس التعاون الخليجي على مؤشر الحرية الاقتصادية, حيث في المرتبة رقم 39 على مستوى العالم. بيد أنها تراجعت 14 مرتبة مقارنة بمؤشر عام 2006 على خلفية بعض السياسات مثل إلزام الشركات بتوظيف المواطنين فضلا عن التمثيل المبالغ فيه للقطاع العام في الاقتصاد المحلي. حقيقة القول انتقد قوانين العمل المعمول بها في البحرين مثل إلزام المؤسسات بضرورة توظيف المواطنين الأمر الذي يحد من حرية الحركة لدى المؤسسات التجارية.
كما لاحظ التقرير أن حجم المصروفات الحكومية بما في ذلك الاستهلاك والتحويلات يستحوذ على 29 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبحرين. أيضا, جاء في التقرير أن الحكومة تحصل على 72 في المائة من إيراداتها من القطاع النفطي والمؤسسات التابعة للدولة (في إشارة إلى شركات مثل ألبا وبتلكو وبناغاز). بمعنى آخر, فإن هناك اعتمادا كبيرا على المؤسسات التابعة للقطاع العام فيما يخص دخل الخزانة. تحديدا يشكل اعتماد إيرادات الموازنة على القطاع النفطي أمرا سلبيا لأنه يجعل الاقتصاد تحت رحمة التطورات في الأسواق الدولية. فالحكومة في حاجة لدخل النفط حتى يتسنى لها القيام بعمليات الصرف والتحويل في الاقتصاد المحلي.
وجاءت عمان في المركز الثاني خليجيا والمرتبة 54 على مستوى العالم. وحلت الكويت في المركز الثالث خليجيا والمرتبة 57 عالميا, ثم قطر المرتبة 72, الإمارات المرتبة 74، وأخيرا السعودية المرتبة 85.
يبدو جليا تأخر أداء دول مجلس التعاون في مؤشر الحرية الاقتصادية بشكل عام. وتكمن المشكلة الرئيسية في الدور الكبير الذي يلعبه القطاع العام في جميع الاقتصادات الخليجية على حساب القطاع الخاص. أيضا هناك ظاهرة عدم وضوح بعض القوانين فيما يخص عملية الاستيراد، الأمر الذي يشكل انتقاصا لمبدأ الشفافية. ختاما المطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي دراسة ما جاء في التقرير والوقوف عند نقاط الضعف لغرض وضع حلول ناجعة لها. المؤكد أن بمقدور دول المجلس تحسين تصنيفها العالمي وذلك بتحرير المزيد من القطاعات الاقتصادية وفتحها أمام المنافسة الإقليمية والدولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي