التعديل الوزاري الجديد
بدأ بعض الناس منذ فترة في تداول عدد من الرسائل عن أسماء الوزراء الجدد المتوقع تعيينهم أو الذين سيتم التمديد لهم أو استبدالهم, وذلك خلال شهر ربيع الأول المقبل، وأخذت رسائل الجوال ومنتديات الإنترنت في نشر هذه الأسماء مما ذكرني بما حدث قبل ثماني سنوات حين ظهرت شائعات بوجود قائمة أسماء مشابهة لهذه التي توزع اليوم, وقد توقع الناس أنهم سيعينون كوزراء خلال التعديل ما قبل الأخير ولم يتم اختيار تلك الأسماء بل ما ظهر من تعيينات كان مختلفاً تماماً عما ظهر في تلك الشائعات.
إننا بحاجة إلى تعديل وزاري يرتبط بتغيير نظام وآلية العمل داخل تلك الوزارات وطريقة تفكير التنفيذيين التي تنجز بها الأعمال هناك، فالوزارات لا تحتاج إلى وزراء جدد بقدر ما تحتاج إلى تغيير وتطوير وتحفيز كل فرد في الوزارة ابتداء من حارسها ومروراً بمراسلها وانتهاء بوكلائها, وهذا ما عجز عنه العديد من الوزراء في وزاراتهم.
إن التعديلات الوزارية تحتاج إلى تغيير أطباع وعقليات ومناهج إدارية قديمة داخل الوزارات تجاوز عمرها عشرات العقود وما زالت تطبق الأساليب نفسها، عقلية متمسكة بالصادر والوارد والملف الأخضر العلاقي والمراسل الذي يطلب التوقيع على استلام المعاملات والهيكل التنظيمي والإداري الكبير والمعقد والمتشابك لبعض الوزارات وما يتبعه من وكلاء ومساعدين ومديري عموم وغيرها من المناصب الإدارية التي تكبر وتنمو بمرور الزمن على حساب الإنجاز وخدمة المواطن.
إن التعديل الوزاري يجب ألا ينحصر في تغيير أسماء الوزراء، ولكنه يحتاج إلى من يأتي ليقوم بتعديل يشمل المستويات التنفيذية العليا كافة في الوزارات بحيث يتم التغيير من الأسفل إلى الأعلى وليس العكس, فهناك العديد من الوزارات التي يتغير فيها الوزراء ولكن يبقى العاملون في المناصب التنفيذية كما هم عشرات السنين دون تحرك على الرغم من أن هؤلاء هم الذين ينفذون الخطط وهم أصحاب النفوذ والتأثير وهم الذين من المفترض أن يتم وضع فترات محددة لهم للعمل وعلى ضوء نتائجهم يتم تجديد فترات عملهم أو استبدالهم.
لن يتغير الأداء وتتحسن الخدمات بجلب العباقرة والمتميزين, بل سيتحقق من خلال أولئك الذين يستطيعون تغيير السلوك والمنهجيات والآليات والعقليات القديمة الموجودة, فالوزارات تحتاج إلى تغيير مبادئ ومفاهيم داخلية قديمة عفا عليها الدهر, والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.