محاولة إفساد جهود الأمانة في تنظيم ذبح الأضاحي

بذلت أمانة منطقة الرياض جهودا كبيرة لتنظيم عملية ذبح الأضاحي حرصا منها على الاهتمام بصحة البيئة والمواطنين، وحمايتهم من أي أخطاء قد يجلبها ذبح أضاح مريضة أو غير صالحة، أو الذبح من قبل عمالة مصابة بأوبئة وأمراض مستوطنة، أو عن طريق استخدام آلات ومعدات ذبح وتقطيع هي الأخرى غير صالحة! أو حتى في أماكن غير مهيأة، ولا يتوافر فيها الحد الأدنى من الشروط الصحية للذبح!
والمنصف المتتبع لا يسعه إلا الإشادة بما بذلته الأمانة من جهود، ابتداء من حملاتها الإعلانية التوعوية قبل موسم العيد بفترة حول قيامها بتحديد مواقع دائمة ومؤقتة لبيع الأضاحي تسهيلا على الناس، ثم إعلان برنامجها للاستقبال المبكر للأضاحي، الذي يهدف إلى تقديم خدمة حضارية تتمثل في تحديد مواقع في أنحاء المدينة كنقاط لاستلام الأضاحي من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، يشمل نقلها إلى حظائر التجميع، وإعاشتها والعناية بها حتى يحين موعد ذبحها، ثم نقلها إلى نقاط التسليم القريبة من منازل أصحابها، وتسليمها للمستفيدين حسب المواعيد المحددة من قبلهم، والمحددة في السندات التي تعطى لهم عند استلامها منهم، أي أن الأمانة أعفت المواطنين من عناء الاحتفاظ بالأضاحي وإعاشتها حتى يحين موعد ذبحها، لعلمها بما يسببه الاحتفاظ بها من إزعاج للأسر، فضلا عن عدم توافر الأماكن الملائمة في البيوت، وما يتخلف عن ذلك من فضلات!
ولم تقف جهود الأمانة عند ذلك، بل إنها تخفيفا على الناس، وتفاديا لما قد يحصل من ازدحام في المسالخ، رخصت للمطابخ العامة تولي عملية الذبح شريطة توفير الاشتراطات الصحية، بما في ذلك التأكد من سلامة الأضاحي من النواحي الصحية والشرعية.
بعد هذا يبرز تساؤل مفاده: هل يوجد ما يمكن تقديمه أفضل مما قُدم للتسهيل على الناس، وحماية صحتهم وبيئتهم التي تتنفسون هواءها صباح مساء؟! وهل يوجد بعد هذا عذر للتخلف عن الاستفادة من هذه الخدمات؟!
ومع أن الإجابة واضحة، وهي النفي، فإن الكثيرين لم يريدوا أو يحاولوا الاستفادة من هذه الخدمات، وقاموا بالتمرد عليها بالذبح في بيوتهم أو في الاستراحات، أو حتى في زوايا الشوارع والساحات، وأساءوا إلى أنفسهم قبل أن يسيئوا إلى تلك الجهود بتجردهم من صفات المواطن الصالح المتعاون. وما مخلفات الأضاحي من جلود ورؤوس وأطراف وأحشاء التي يُرمى بها على الأرصفة، وفي زوايا الشوارع بعد أن ضاقت بها حاويات المخلفات، إلا دليل على تخلفنا عن مواكبة ركب التحضر، فضلا عن الإضرار بالجهود التي تقوم بها الدولة، وتشويه المظهر الحضاري للمدينة الني نعيش فيها! أما العمالة السائبة التي كانت تجوب الشوارع، وتقف على الأرصفة خلال أيام العيد ملوحة (بأسلحتها) أي سكاكينها، بعد أن انقلبت بين لحظة وأخرى إلى جزارين، رغم أنها أبعد ما تكون عن امتلاك أي من الشروط الصحية مظهرا ومخبرا، فإن تشجيع البعض لها، واحتضانها في بيوتهم واستراحاتهم وهم يعلمون ما يكتنف ذلك من خطورة ويعملون أيضا أن الأجرة التي يدفعونها لها هي أضعاف ما تأخذه مسالخ الأمانة، فهو دليل آخر على انعدام الوعي، وتشجيع هذه العمالة على العبث والاستهانة بأنظمة البلد الذي يؤويها!
تقول الإحصاءات التي نشرتها الصحف المحلية بعد انتهاء موسم الذبح، أن عدد الأضاحي التي نحرت في مسالخ الأمانة ونقاط الذبح التابعة لها كان في حدود 60 ألف أضحية، ولم تتحدث الإحصاءات عما تم نحره من قبل المطابخ المرخصة، غير أنه من المتوقع ألا يزيد ذلك على عشرة آلاف أضحية، تبعا لعدد هذه المطابخ، وطاقتها الاستيعابية، وهو ما يعني أن ما تم نحره وفق الشروط الصحية في أماكن الذبح المرخصة لا يتجاوز 70 ألفا، وهذا يعطي مؤشرا قويا على أن النسبة الكبرى من الأضاحي نحرت خارج المسالخ الرسمية، لأن عدد الأضاحي في مدينة الرياض، وفقا لما يشاهد من إقبال وحركة شراء أثناء الموسم، يزيد أضعافا على ذلك الرقم.
وفي الوقت الذي تشكر فيه الأمانة على ما قدمت وتقدم، فإن المطلوب الآن هو الجلوس والتفكير مليا في كيفية تطوير هذه الجهود وحمايتها ونشرها لضمان تعميمها، وتضييق نطاق التمرد عليها ومخالفتها، آخذا في الاعتبار جميع العوامل المحيطة، والمؤثرة في العملية ككل، ومن ذلك ما يتراءى لي في النقاط التالية:
ـ التوعية في وقت مبكر بجهود الأمانة وبرامجها، والفائدة التي تعود على سكان المدينة من الالتزام بها، وأنها تقدم حماية لصحة السكان وبيئتهم، ومن دون مقابل، مع التركيز على التوعية عن طريق التلفزيون لأنه أبلغ الوسائل تأثيرا في الوقت الحاضر!
ـ جمع المعلومات والإحصاءات عما تم لتحليلها والاستفادة منها في معرفة عدد الأضاحي التي تذبح خارج المسالخ الصحية، وأماكن ذبحها ومن يقوم بذلك، بهدف حصرها والحد منها في مقابل زيادة ما يذبح بالطريقة الصحيحة، وسوف يساعد في ذلك تعميم استبانات على السكان مع الصحف المحلية، أو من خلال موقع الأمانة على الإنترنت.
ـ تحذير العمالة الأجنبية من امتهان الجزارة في موسم العيد دون ترخيص، لما في ذلك من مخالفة للنظام، ولمبدأ الإقامة، وأن من يقوم بذلك سوف يعرض نفسه لعقوبة مخالفة النظام.
ـ وضع عقوبة لمن يقوم بالذبح خارج الأماكن المحددة، كالغرامة ومصادرة الأدوات، وإعلان ذلك ضمن برامج التوعية.
ـ تكثيف الجهود وعمليات المراقبة عن طريق الجولات أثناء الموسم من قبل منسوبي الأمانة والبلديات لتعقب المخالفين وضبط المخالفات.
وإلى عيد قادم والمخلصون من العاملين بخير.. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي