إصلاح أوضاع السوق يبدأ بإيقاف "بيشة" .. وبداية استقرار نسبي للسوق ..وانتظار نتائج القيادي

يعتبر الأسبوع المنتهي علامة فارقة في السوق السعودية تاريخيا، فقد تم وقف سهم "بيشة الزراعية" التي خسرت معظم رأسمالها، وهنا أشد بقرار هيئة سوق المالية، بهذا القرار الذي يكتنفه القوة والوضوح وعدم النظر لأي عواطف، وقد يكون هذا القرار متأخرا سنوات، ولكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، تم وقف سهم "بيشة الزراعية" يوم السبت الماضي بعد أن بلغت خسائرها أكثر من 75 في المائة، وبذلك يعني إما ضخ أموال من المستثمرين وملاك الشركة بدون اكتتاب عام أو رفع رأس المال أو التصفية وإشهار الإفلاس وهو مصير قريب من الشركة، فلو حدث أي تدخل من أي جهة حكومية بضخ أموال "أقول فرضية" سيكون بابا لكل الشركات الأخرى الخاسرة، وطبعا الأفضل في هذه الظروف وهذه الأوضاع أن تترك الشركة لمصيرها النظامي والقانوني، وبرغم أن هيئة سوق المال نبهت وسبق أن طالبت الشركة بكثير من الإيضاحات إلا أن الشركة تعاني من أوضاع صعبة ماليا وليس بيدها أن تفعل أي شيء، وكان المضاربون ولا أقول المستثمرين في شركة بيشة مستمرين بالمضاربة بهذه الشركة التي تعتبر "رمز" المضاربة في الشركات الخاسرة، وهذه دلالة على سوء فهم في السوق وفهم أن الشركات الخاسرة هي التي تقود السوق، حتى ترسخ لدى الكثير أن أسهم المضاربة في الشركات الخاسرة أفضل وتحقق ربحية أكبر من الشركات الاستثمارية كبيرها وصغيرها. والآن حدث ما حدث فماذا يقول مضاربو سهم "بيشة" وأي مبرر يمكن أن يقال عن شركة أقر رئيس مجلس إدارتها وقوائمها المالية أنها في مرحلة إفلاس، وتفاجأ بأسعار تقارب أعلى سعر في السوق، وهنا تكون الخسارة أكبر والضرر أكبر وهو ما حدث لشريحة كبيرة من المتعاملين، فمن سيلومون الآن بعد قامت هيئة سوق المال بتحذيرات سابقة، والآن إيقاف الشركة ولا نعرف كيف ستكون نهاية المطاف للشركة، وهذا إيضاح وتنبيه أن المضاربة محفوفة بمخاطر كبيرة جدا من قبل مضاربين ليس لديهم أدنى تردد في تحقيق أكبر الأرباح في سبيل ضرر الآخرين وهو ما نشاهده الآن، فهل تعيد "بيشة" بعد إفلاسها تفكير ورؤية المتعاملين في السوق، وأن البقاء للأصلح ولا يصح إلا الصحيح في النهاية.

يجب على هيئة سوق المال أيضا، ألا تسمح لشركات تحقق خسائر تقارب 50 في المائة أو أكثر أو أقل قليلا، برفع رؤوس أموالها كما نلاحظ في بعض الشركات، فهي تحاول الهروب من الإفلاس برفع رأس المال، بمعنى رفع رأسمالها لتقليص حجم الخسارة لرأس المال كما لاحظنا في شركات لم تربح في تاريخها وخسائر متراكمة بلا حدود، إذا ترفع رؤوس أموالها على أي أساس مالي أو منطقي؟ يجب أن نضع حدا لهذه التجاوزات والاختراقات بالنظام حتى أصبح رفع رأس المال للشركات يتم برسالة فاكس لوزارة التجارة سابقا، ولكن الآن تغير بوجود هيئة سوق المال التي حدت من هذه "المهازل" برفع رؤوس أموال شركات خاسرة وليس لها جديد، فهي تريد كل مرة رفع رأسمالها والمضاربة لا غير، أتمنى أن تقف هيئة سوق المال أمام هذه التجاوزات وأثق أنها تقف أمام هذه التجاوزات، وألا تكون سوقا تتعزز فيها المضاربات والتجاوزات.

أيضا من المهم أن تستمر هيئة سوق المال في ضخ مزيد من الشركات للاكتتاب الواحد، وللشركات التي قيمتها الاسمية عشرة ريالات فقط على الأقل الآن، لأننا حقيقة نريد إحلال شركات رابحة مكان شركات خاسرة، وخلق فرص جديدة في الاستثمار وللاقتصاد الوطني، يجب ألا تتوقف عجلة الاقتصاد الوطني وأن تستمر الاكتتابات لتتوسع قاعدة السوق، وتقل نسبة التذبذبات الحادة، التي أصبحت سمة غالبة، أستغرب كثيرا مطالبة الكثير بوقف الاكتتابات، فهل الاقتصاد يتوقف من أجل مضاربين في السوق، أو من أجل وضع السوق، الحياة تستمر ولا تتوقف مهما حصل، نعم تتوقف لفترة زمنية بسيطة وليس مطالبات يطالب بها البعض بأن يكون عام 2007 بدون اكتتابات، وهذا خطأ كبير، نريد سوق متوازنة، شركات ذات نمو، إحلال الرابحة والجديدة مكان الخاسرة حتى تكون بقيمتها الحقيقية التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، يجب أن نخرج العاطفة مما يحدث في السوق، فماذا فعلت العواطف بالسوق غير خسائر بلا توقف، فكلما كانت هناك شركات أكثر كانت هناك عدالة أكثر وعدم قدرة سيطرة من مضاربين لا يترددون في فعل أي شيء في سبيل تعظيم أرباحهم بلا رادع، الرادع هو مزيد من الشركات، فتتوسع قاعدة السوق أكثر وأكثر، أجزم أن حديثي لا يفضله المضاربون لأنهم يسيطرون على شركات " كمحميات " لهم، ولكن هل نثري الأقل على حساب الأكثر، وعلى حساب اقتصادنا الوطني، فدور الهيئة هنا كبير ومهم، وعليها ألا تتردد في هذا الاتجاه.

السوق الأسبوع الماضي
الأبرز كان وقف "بيشة"، وهذا خلق تفاؤلا كبيرا بإصلاح السوق ومراجعة أوضاع شركات قائمة، وأرجو من الهيئة أن تستمر بكل قوة وبدون عاطفة تجاه أي طرف، لأن الهدف واحد هنا اقتصاد وطن ومصلحة مواطن، وخلق سوق عادلة ومتوازنة للقضاء على المضاربات كما حدث لـ "بيشة" وغيرها الآن من شركات موجودة في السوق ومزيد من طرح شركات في السوق. طبعا تأثرت شركات شقيقة في بيشة بقرار هيئة سوق المال وانخفضت، وهي شركات مضاربة تحتاج إلى وقفه أيضا من الهيئة، أيضا "سابك" سجلت سعرا جديدا منخفضا ووصلت إلى 93.50 ريال و"الراجحي" 161.75 ريال و"الاتصالات" 73.75 ريال، وهذه أسعار جديدة سجلتها السوق، ورغم أن الإغلاق الأسبوعي يعتبر إيجابيا نسبيا، ولكن ظلت شركات المضاربة هي المسيطرة في السوق وحدثت تذبذبات عالية، وهذه تدل على استمرار السوق في ضعفها، فحين تقود شركات مضاربة خاسرة السوق فماذا ننتظر من السوق، لاحظنا أيضا أداء ضعيفا خاصة سهم "الاتصالات السعودية" ولا يزال ضعيفا كأداء وقد يستمر ذلك ويطول، "سابك" ينتظر نتائجه المالية وأمامه تحد مهم هو النتائج التاريخية للربع الثالث من عام 2006 فهل يتجاوزها؟ "الراجحي" ينتظر نتائجه فوجدنا أن البنك العربي و"الرياض" حققا نموا جيدا يتجاوز 30 في المائة للبنك العربي و14 في المائة لبنك الرياض و4 في المائة لبنك الاستثمار، إذا هناك تباين في نتائج البنوك المالية وأرباحها وواضح أنها تعاني من أرباح الربع الرابع، وهذا ما سيتضح على بقية القطاع البنكي خلال الأيام المقبلة مع إعلان النتائج المالية له.

الأسبوع المقبل
كمؤشر، تعتمد السوق على نتائج البنوك المهمة وهي: الراجحي وسامبا وساب، ومهم مستوى النمو في الأرباح مع الربع الذي يسبقه، وعام 2007 سيلقي بظلاله على البنوك كمستويات نمو، ووضحت من الآن في البنوك التي أعلنت نتائجها، كذلك شركة سابك أمامها تحد مهم وهو أرباح مقارنة بالربع الثالث الذي سبقه، رغم أن "سابك" استثماريا على المدى الطويل مغرية قياسا بأسعارها الحالية سواء أقل أو أكثر قليلا، الاتصالات لا يتوقع أن تحقق نموا لافتا كما حدث في الربع الثالث، إذ كان هناك تراجع نظرا للمنافسة مع شركة موبايلي، وأيضا لا ننسى دخول مشغل ثالث قد يرى النور فعليا خلال الربع الثالث من العام الحالي، وبالتالي منافسة أكبر وتقلص للإيرادات ما لم يوجد البديل.

أما أسهم المضاربة فستكون حاضرة بتذبذباتها العالية، وهي وصلت إلى أسعار حاليا تقارب شركات رابحة وقيادية واستثمارية أو أكثر منها، ولكن يجب أن يعي المتعاملون الظروف المحيطة بالسوق، وإدراج مزيد من الشركات وتلاعب المضاربين، وأن يكونوا أكثر احترافية وتمكنا، فما ظلت التذبذبات عالية ومستمرة في المضاربة لن تستقر سوق الأسهم السعودية بطريقة منطقية ومتوازنة، ولا ألغى المضاربة، ولكن ما يحدث في السوق، هي أموال لا تستقر ولا تبني ثقة، والحلول واضحة وهي تذهب في هذا الاتجاه، لكن تحتاج إلى الوقت.

التحليل الفني للسوق

المؤشر العام الأسبوعي
ملاحظ على السوق من خلال المؤشر الأسبوعي بداية مستقرة خلال الأسبوعين الماضيين، وحقق نموا لا يتجاوز 35 نقطة، وانتظار النتائج يبدأ يلقي بظلاله على السوق والمؤشر العام، ونلاحظ أن المؤشر العام لديه مثلث هابط خلال الأسابيع الماضية والآن في المرحلة الأخيرة، وسيتحدد خلال الأسبوعين المقبلين اتجاه السوق إما إيجابيا وإما سلبيا أو أفقيا، وأقرب أن يكون أفقيا لكن نحتاج إلى تأكيد من خلال متابعة الأسبوعين المقبلين. المقاومة الأسبوعية هي عند 7،710 نقطة والدعم عند 7،031، وأكرر أنها أسبوعية.

المؤشر العام اليومي
من المؤشر اليومي نلاحظ إيجابية في المؤشر العام واتجاها صاعدا عكسه آخر يوم تداول حين ارتفع 94 نقطة، وهذا يحتاج إلى تأكيد خلال الأيام المقبلة، ولكن بصورة عامة هناك استقرار للسوق على الأقل عند مستوى الدعم 7050 نقطة، والمقاومة اليومية الآن هي كما يلي، 233.7 نقطة و7397 نقطة ثم 543.7 نقطة. لكن مازالت المتوسطات في الرسم العلوي (الأخضر والأحمر) هي أعلى من المؤشر، وهذا يعني أنه لا تزال السوق سلبية وتعاني من الضعف رغم أنها متوسطات بسيطة وليست طويلة. ونلاحظ المسار الهابط للسوق ووصلنا إلى المرحلة الخامسة فهل تتجه للمرحلة الخامسة، هذا ما سيتضح خلال الأيام المقبلة ونلاحظ كلما لامس المتوسط هبط المؤشر العام.

القطاع البنكي أسبوعيا
القطاع البنكي كما ذكرنا في تحليلات سابقة هو المؤثر سلبا على المؤشر العام، ولايزال يعاني من الضعف رغم إغلاقه أعلى من الأسبوع الماضي، فهو يترقب النتائج السنوية للبنوك، خاصة المؤثرة في المؤشرين البنكي والعام، حتى الآن لا نرى إيجابية واضحة للقطاع، وهو بمسار هابط ولديه ضعف أو عدم وجود زخم في المؤشر، لكن ننتظر النتائج السنوية التي ستحدد الكثير وأيضا رفع رؤوس الأموال واستحقاقات البنوك. لكن مستوى السيولة بدأ في الارتفاع الإيجابي كما يتضح من الرسم الأخير للقطاع البنكي.

مؤشر القطاع الصناعي
القطاع الصناعي انحدر سلبا بقيادة "سابك" ووصل إلى أسعار جديدة لم تسجل سابقا، وهو الآن في نهاية المثلث الهابط، فهل تكون نتائج السنوية تؤثر إيجابا أو سلبا أو حياديا في القطاع؟ سنرى مع إعلان "سابك" وبقية الشركات، كل المستويات الفنية والمؤشرات منخفضة، ولم تعطي إشارة إيجابية واضحة للاتجاه الصاعد للقطاع، والآن هي في المستويات الأقل تماما، ولكن الانتظار هو ما سيحدد تجاه هذا القطاع، وطبعا أتحدث بلغة مؤشر القطاع لا المضاربة غير المؤثرة في المؤشر.

قطاع الأسمنت (أسبوعي)
قلنا سابقا هو القطاع الثابت أو المستقر، والآن يعتبر القطاع الأفضل فنيا، ومن يتذكر التحليل السنوي، ذكرت أن القطاع الأسمنتي قد يكون الأفضل في كانون الثاني (يناير) 2007 كمؤشر، والآن نرى أن مؤشر القطاع الأسمنتي تجاوز المثلث الهابط مرتفعا يتعزز مع كل يوم يمر إن قدر له الاستمرار، وفنيا هو مؤهل على أي حال. حتى أن مؤشر القطاع تجاوز متوسط 8 و4 أسابيع وهذا مهم. يحتاج ثباتا وتأكيدا للأيام المقبلة، لعل نتائج القطاع أسهمت في تعزيز النمو السعري له.

قطاع الخدمات (أسبوعي)
قطاع الخدمات الذي تغلب عليه المضاربة، يظل متقلبا وغير مستقر، ولكن الأسهم القيادية في القطاع كـ "البحري" و"مكة" و"جرير" مثلا، لم تتأثر سعريا إلا سلبا بالانخفاض، ويظل تسيطر على هذه القطاع المضاربة البحتة، ونلاحظ درجة الضعف في القطاع من خلال المؤشر الفني، وهو الآن باتجاه مستقر نسبيا، ولكن وصل لمستويات متدنية حقيقة ولدية مثلث هابط سيتحدد مسار المثلث مع الوقت كيف سيكون اتجاهه، هناك نوع من الإيجابية غير الواضحة فنيا، ولكن لأن الغلبة للمضاربة فهي لا تعكس قراءة مؤشر القطاع بصورة كافية وواضحة.

قطاع الكهرباء (أسبوعي)
قطاع الكهرباء يسير بوتد هابط لم يخرج منه حتى الآن، وقد يحتاج لأسابيع ليكون بمسار هذا الوتد، وهو الآن يسير أفقيا سيتضح مسار القطاع، ولكن يظل تذبذب محدود ونطاق ضيق جدا لطبيعة سهم الكهرباء.

القطاع الزراعي (أسبوعي)
كان لفترة سابقة هناك مسار صاعد، وكسر منخفض إلى مستويات متدنية، ويعتبر القطاع الأبرز بين شركات مفلسة كبيشة الموقوفة أو شركات خاسرة تقارب نص رؤوس أموالها، أو شركات تمارس نشاط غير نشاطها وتحقق أرباحا، ويظل القطاع الأبرز كمضاربات وهو الأكثر تحركا وتقلبا سعريا. الآن القطاع في مسار أفقي مع المتوسطات، وهناك تدفق نقدي للقطاع ودخول سيولة كما يتضح من الرسم السفلي للتدفق النقدي، وبقية المؤشرات الفنية rsi لم يعط إشارة إيجابية كرؤية أسبوعية. يظل قطاع مضاربات يخضع للتحليل اليومي والتقلبات اليوم وقد يفاجئك بأي خبر سلبي أكثر من إيجابي كما حدث لـ "بيشة".

قطاع الاتصالات (أسبوعي)
قطاع الاتصالات يتجه سلبا منذ شباط (فبراير) للعام المنتهي، والآن وصل لنهاية المثلث الهابط، ولاتزال كل المؤشرات الفنية سلبية وبالحد الأدنى، لا توجد إشارة إيجابية للقطاع أسبوعيا، في ظل عدم تحقق إيرادات ونموا كبير خلال عام 2007 سيظل القطاع في مسار أفقي أقرب للانخفاض أو الاستقرار، وسيكون دور النتائج المالية مهما في تحديد المسار واتجاه القطاع مع تزايد المنافسة وباعتبارها قطاعا استثماريا لا مضاربيا.

أخيرا يجب أن نراقب الأحداث التالية في المنطقة وهي مهمة في تحديد القرار الاستثماري، لا أتحدث بلغة المضاربين والمضاربة، والسوق تحتاج إلى أموال المستثمرين أكثر لخلق الاستقرار في السوق والقوة في السوق، وسنحتاج وقتا لكي نصل للمستوى النهائي للسوق واستقراره، هل تابع الجميع ما يحدث بإيران وتتابع الأحداث ورؤية مستقبل ما سيجري؟ الحشد العسكري المستمر في الخليج العربي؟ تسارع الأحداث في المنطقة كبير وخطير في الوقت نفسه؟ فهل المستثمر مستعد لضخ أمواله في هذا الجو غير المستقر في المنطقة والذي يضع احتمالات سيئة وخطيرة في المنطقة، لا أتحدث عن متغيرات أسبوع أو شهر بل مستقبل!! ..

www.alfowzan.com
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي