التحديات الاقتصادية تسيطر على انتخابات البحرين
تسيطر الملفات الاقتصادية على اهتمام الناخبين في البحرين وهم يدلون بأصواتهم في الانتخابات النيابية والبلدية اليوم السبت. من جملة الهموم الاقتصادية هناك قضايا تراجع التوظيف في القطاع العام فضلا عن تزايد الأهمية النسبية لقطاع النفط إضافة إلى المنافسة الإقليمية والالتزامات الدولية.
أولا: تراجع التوظيف في القطاع العام
تشير الإحصاءات الرسمية إلى استمرار مسلسل تراجع التوظيف في الوظائف المدنية للقطاع العام. فقد بلغ عدد العاملين في الدوائر الحكومية في الربع الأول من عام 2006 تحديدا 37411 بينهم 33680 من المواطنين ما يعني فقدان 17 وظيفة. ويعتبر ما حدث في الربع الأول استمرارا لمشكلة بدأت تظهر في عام 2005 حيث تم تسجيل تراجع أكبر قدره 148 وظيفة. وعليه يشكل تراجع التوظيف في الدوائر الرسمية مؤشرا خطيرا، حيث يتزامن مع تنفيذ سياسة الإصلاحات الاقتصادية التي تشمل تحويل بعض أصول القطاع العام لعهدة القطاع الخاص (وخصوصا الأجنبي) مثل بيع محطة الحد لإنتاج الكهرباء والماء. ومن المنتظر أن تقوم شركة أجنبية بتشغيل موانئ البحرين ابتداء من عام 2007. ويخشى أن تسبب ظاهرة تراجع التوظيف في القطاع العام في تعقيد إجراءات إيجاد وظائف حلول لقضية إيجاد وظائف للداخلين الجدد لسوق العمل.
ثانيا: تزايد الاعتماد على القطاع النفطي
يعتبر الدخل النفطي المساهم الأول بلا منازع في الموازنة العامة الأمر الذي يتنافى مع مزاعم التنوع الاقتصادي فضلا عن جعل الاقتصاد تحت رحمة تطورات الأسواق الدولية. فقد شكل الدخل النفطي 76 في المائة من مجموع إيرادات الخزانة العامة 2005. حسب الموازنة المعتمدة, كان من المفترض أن يشكل الدخل النفطي 71 في المائة من مجموع الإيرادات ما يعني ارتفاع الأهمية النسبية للقطاع النفطي في دخل الخزانة.
فضلا عن مساهمته في دخل الموازنة ساهم القطاع النفطي بنحو 79 في المائة من مجموع الصادرات البحرينية في عام 2005 مقارنة بنحو 74 في المائة في عام 2004 وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. كما أن الواردات النفطية مثلت 52 في المائة من مجموع الواردات في عام 2005 مقابل 43 في المائة من مجموع الواردات في عام 2004. المعروف أن البحرين تشتري ومن ثم تستورد النفط الخام من الجارة المملكة العربية السعودية لغرض تكريره إلى منتجات نفطية مثل الديزل وبالتالي تسويقه في الأسواق العالمية. حقيقة القول تؤكد هذه الإحصاءات أن الاقتصاد البحريني أصبح أكثر وليس أقل اعتمادا على النفط، الأمر الذي يتنافى مع السياسة المعلنة للحكومة والداعية للمزيد من التنوع الاقتصادي بعيدا عن النفط.
ثالثا: تنامي المنافسة الإقليمية
تعاني البحرين من تنامي ظاهرة المنافسة الإقليمية فيما يخص قطاع الخدمات المالية الذي بدوره يعد أحد أهم أركان الاقتصاد البحريني. على سبيل من المنتظر أن يتم العمل قريبا في السعودية على إنشاء مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة الرياض. وتأمل السلطات السعودية في افتتاح أكاديمية مالية في قلب المشروع. كما سيحتضن المركز مختلف المؤسسات الرسمية المرتبطة بالخدمات المالية منها هيئة السوق المالية والبورصة وبيوتات الخبرة المالية.
إضافة إلى أن هناك منافسة حادة من مركز دبي المالي العالمي, حيث تبلغ تكلفة المشروع أكثر من ملياري دولار. أيضا أطلقت السلطات في قطر مشروع مركز قطر المالي. وذهبت قطر أبعد من ذلك حيث قررت تأسيس بورصة دولية للمتاجرة في منتجات النفط والغاز في إطار مشروع مدينة الطاقة في قطر. في المقابل هناك مشروع المرفأ المالي في البحرين بتكلفة قدرها مليار و300 مليون دولار يجري تشيده في الميناء القديم وسط المنامة. ومن المنتظر أن يقوم العديد من المؤسسات المالية الرسمية والأهلية مثل البنك المركزي والبورصة بالانتقال إلى هذا المشروع العملاق بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع في عام 2007 كخطوة أولى لتشجيع البنوك الأخرى للانتقال إلى المرفأ.
رابعا: التأقلم مع الالتزامات المختلفة
ويمثل التحدي الآخر في تطبيق الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف. فهناك اتفاق إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين أمريكا والبحرين الذي بدوره دخل حيز التنفيذ في بداية آب (أغسطس). لا شك أن الأمر يتطلب السماح للشركات الأمريكية العملاقة المنافسة في الاقتصاد البحريني الصغير نسبيا.
أن البحرين ملزمة بتطبيق التزاماتها فيما يخص تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي. من المتوقع أن يتم تدشين المرحلة الثالثة من مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي في نهاية عام 2007. الإشارة هنا بالطبع إلى مبدأ السوق المشتركة الذي بموجبه ستمنح عوامل الإنتاج ومنها الثروة البشرية حرية الحركة بين الدول الأعضاء الست. وهذا بدوره يتطلب السماح للشركات الخليجية بالعمل في البحرين دون عراقيل، الأمر الذي سيشكل تحديا لبعض المؤسسات البحرينية الصغيرة والمتوسطة. أيضا هناك التزامات تتعلق بعضوية البحرين في بعض المؤسسات والمعاهدات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة العمل الدولية بخصوص التجارة والعمالة على التوالي.
ختاما: المؤكد أن نتائج الانتخابات ستسهم في تحديد التوجهات الاقتصادية للبحرين لفترة غير قصيرة.