أين الاستثمار في المساكن من مليارات القروض

[email protected]

لفت نظري تقرير نشرته "الاقتصادية" الأربعاء الماضي عن حجم القروض الاستهلاكية الممنوحة من البنوك للأفراد خلال الثماني سنوات الماضية، حيث بلغت 184 مليار ريال منها 36 مليارا خلال الأشهر الستة الأولى لهذا العام!!
وهذه الإحصائيات صادرة عن مؤسسة النقد السعودي ومعظم هذه القروض لم يتم استغلالها بالشكل المثالي وذهب بعضها في سوق الأسهم، والله سبحانه وتعالى أعلم بحجم الخسائر التي تكبدها هؤلاء المقترضون وكم تبقى منها وكيف سيتم سدادها ومتى ؟ وأنا أتعجب كيف تصل القروض إلى هذه الأرقام الفلكية من دون حساب المخاطر المترتبة عليها خصوصا أن معظم الأموال المقترضة هذا العام ذهبت مع الريح في خسائر سوق الأسهم، ومن هذه المليارات ما نسبته 7.3 في المائة فقط أي ما يعادل 13.4 مليار ريال ذهب لقروض التمويل العقاري حسب التقرير وقد يكون معظمها بهدف تمويل المشاريع العقارية الاستثمارية وليست السكنية.
يا ترى كم وحدة سكنية نستطيع بناءها من هذه المليارات بإقراضها للمواطنين لبناء المساكن وليس للاستثمار في سوق الأسهم على الأقل ستساهم في بناء الآلاف من الوحدات السكنية وحل جزء كبير من المشكلة بدلا من الاعتماد على صندوق التنمية العقاري الذي يقف وحيدا وعاجزا عن تلبية حاجات المواطنين من القروض نظرا لكثرة الطلبات وقلة الموارد؟ حتما لو تحركت البنوك وخصصت جزءا من وقتها في دراسة الاستثمار طويل المدى ذي الجدوى الاقتصادية لاكتشفت أن الاستثمار في التمويل العقاري هو أنجح وآمن استثمار على المدى الطويل وستسهم في حل أزمة المساكن التي نواجهها في مختلف مناطق المملكة، فالاستثمار في بناء الوحدات السكنية هو المستقبل نظرا لقلة العرض وزيادة الطلب حاليا وللحاجة المتنامية على المدى القريب.
وبدلا من منح القروض للأفراد للدخول في سوق الأسهم والمتاجرة فيه من قبل مبتدئين حديثي عهد في هذا المجال فالأفضل توجيهها بالشكل السليم، علما أن الأموال قد لا تخرج من خزانة البنوك في معظم الحالات فهي في محافظهم أو في حسابات المقترض لديهم وهي في تناقص كما حدث في بداية العام وما يحدث هذه الأيام في سوق الأسهم.
البنوك عليها أن تقوم بدور فاعل في تقديم النصح والتوجيه لبدائل الاستثمار وبدائل الاستفادة من القروض فلو تم توجيه نصف القروض للتمويل العقاري لدارت عجلة الاقتصاد ولاستفاد العديدون من الدورة المالية للقرض بدلا من توجيهها إلى سوق ناشئ يحتاج إلى وقت طويل ليزداد الوعي وترتفع معه ثقافة المستثمر التي لا تأتي بالمجازفات غير المحسوبة والاندفاع غير المبرر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي