ربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار هو الصواب

[email protected]

كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول مسألة ربط العملة الخليجية المرتقبة بالدولار أو بسلة عملات أو تعويمها. بدورنا نرغب في الإسهام والإدلاء بدلونا في هذا النقاش. من وجهة نظرنا نرى أن الصواب هو ربط العملة الخليجية بالدولار الأمريكي و إلغاء فكرة سلة العملات فضلا عن التعويم وذلك على خلفية الظروف الموضوعية لاقتصاديات دول مجلس التعاون.
بداية يشار إلى أن مشروع العملة الخليجية الموحدة مرتبط بمبدأ الاتحاد النقدي 2010 وذلك في إطار مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي. ترتبط دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر بمشروع الاتحاد الجمركي على أن يتم الانتهاء منه عام 2007. يرتبط مبدأ الاتحاد الجمركي بتوحيد السياسات التجارية الخارجية مع الدول غير الأعضاء. كما من المنتظر أن يتم العمل بالتفاصيل المتعلقة بمبدأ السوق المشتركة في نهاية عام 2007 والقاضي بإفساح المجال أمام تحرك عوامل الإنتاج من دون شروط أو قيود بين الدول الأعضاء. وحسب الخطة الزمنية سيتم تدشين مشروع الاتحاد النقدي عام 2010. ويتطلب تطبيق مشروع الاتحاد النقدي توحيد السياسات المالية والنقدية بين الدول الأعضاء, الأمر الذي يتطلب إطلاق العملة الخليجية الموحدة.

أهم عملة صعبة
كما أسلفنا نرى أن من الصواب تبني سياسة ربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار الأمريكي للعديد من الأسباب من بينها ضرورة منح الثقة للمستثمرين. فسياسة الربط تمنح الثقة للمتعاملين مع اقتصاديات دول المجلس, خصوصا صغار المستثمرين, كما تبعد المواطنين والمقيمين من التداعيات المرتبطة بتغير سعر صرف العملة الخليجية الموحدة مع أهم عملة صعبة في العالم. حقيقة القول يعتبر الدولار الأمريكي العملة الصعبة الرئيسة ماضيا دوليا بسبب الطلب على اقتنائه وقبوله في جميع أنحاء العالم, ولم يتغير الوضع بشكل ملموس حتى مع ازدياد شعبية عملة اليورو.
المشهور أن نحو 60 في المائة من الدولارات المنتشرة في العالم موجودة خارج الولايات المتحدة. بل الذي حدث على مدى السنوات القليلة الماضية هو تراجع قيمة اليورو أمام الدولار أمام عملة اليورو وليس الطلب على الدولار. يلاحظ أنه بمقدور 80 سنتا من اليورو شراء دولارا واحدا في الوقت الحاضر. أما في عام 2002, كان لزاما دفع يورو زائدا 25 سنتا لشراء دولار واحد. يسهم هذا التحول في تعزيز الصادرات الأمريكية إلى دول منطقة اليورو. بمعنى آخر, فإن تدني سعر الدولار (أو ارتفاع قيمة اليورو) يخدم الاقتصاد الأمريكي عن طريق جعل الصادرات الأمريكية أقل تكلفة وفي المحصلة يستفيد الاقتصاد الأمريكي عن طريق تنشيط الدورة الاقتصادية. وهذا يعني فيما يعني أن السلطات الأمريكية عمدت إلى تخفيض قيمة العملة لغرض تعزيز القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية حول العالم. ويلاحظ في هذا الصدد أن الولايات المتحدة تعمدت التقليل من قيمة عملتها دون الخشية من تراجع شعبيتها استنادا إلى الطلب على الدولار حول العالم, الأمر الذي يعكس قوة الاقتصاد الأمريكي, الذي يمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي الدولي.

الصادرات مسعرة بالدولار
وهناك سبب جوهري آخر يفسر ضرورة ربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار وهو أن الغالبية العظمى من صادرات دول المجلس مسعرة بالعملة الأمريكية. فهذا ينطبق على النفط والمنتجات النفطية والبتروكيماويات, فضلا عن الألمنيوم والألبسة. المعروف أن القطاع النفطي يعد المساهم الأول في إيرادات الخزانة لكل دول المجلس بلا استثناء. كما أن نسبة لا بأس بها من الواردات (البتة أقل من الصادرات), وخصوصا تلك الآتية من الولايات المتحدة أو الصين مسعرة بالدولار الأمريكي.

فوائض في الميزان التجاري
تجدر الإشارة إلى أن هناك ضغوطا تمارسها الولايات المتحدة على الدول المقيدة عملتها بالدولار والتي يتمتع ميزانها التجاري بفائض (كما هي الحال مع الصين) لاتخاذ خطوات تصحيحية. ترغب واشنطن في قيام دول مجلس التعاون باتخاذ خطوات ملموسة للحد من تصاعد ظاهرة تسجيل فوائض في الميزان التجاري, وذلك على خلفية الارتفاع الكبير في أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية. وعلى هذا الأساس هناك مصلحة للاقتصاد الأمريكي في أن يتم تعويم العملة الخليجية الموحدة لأن من شأن ذلك إفساح المجال لرفع قيمتها في وقت لاحق لأسباب اقتصادية بحتة منها وجود فائض كبير في الحسابات الجارية. يعتقد على نطاق واسع أن القيم الحقيقية للعملات الخليجية يجب أن تكون أعلى مما هي عليه في الوقت الحاضر.
ختاما نرى أن تعويم العملة الخليجية الموحدة أو ربطها بسلة عملات من بينها الدولار واليورو والين قد يتسبب في إحداث صدمات لا تتحملها اقتصاديات دول المجلس. فشعوب دول المجلس كحكوماتها تميل إلى السياسات المالية المحافظة. إننا ندعو محافظي البنوك المركزية إلى التخلي عن فكرة ربط العملة الخليجية الموحدة بعملة غير الدولار أو التعويم تحاشيا لحدوث تقلبات لا تحمد عقباها مستقبلا. ما يحدث الآن هو حصول المستثمرين وغيرهم على رسائل غير واضحة ومتناقضة ترسل بين الحين والآخر من أصحاب القرارات.

رئيس وحدة البحوث الاقتصادية ـ جامعة البحرين

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي