عقار.. ورجال المبيعات

<p><a href="mailto:[email protected]">ammorad@ewaa.com.sa</a></p>

قبل أن أشرع في الكتابة صباح اليوم رأيت عنوان الموضوع الذي سأكتب عنه وكأنه مكتوب أمام عيني، وسألت نفسي عن مدى أهمية هذا الموضوع لي ولحياتي (وللفتى ابن المواطن) وكيف تعاملت معه، وتذكرت بعض المواقف ورأيت صورها حين استخدمت العنوان نفسه لإحداث فرق إيجابي في حياتي، ثم استرجعت أحداث اليوم لأعرف كيف تركز انتباهي مرة أخرى على الموضوع نفسه، وبدأت أشعر بأهمية المشاركة في المعلومات والأسلوب والخير مع رجال الصناعة والفتى ابن المواطن وكيف يمكن أن يعم الخير والمعرفة ويحسن بذلك رفيقا وصديقا.
ماذا يحصد القطاعان العام والخاص من جراء التربية والتعليم؟
رجال المبيعات.. وتربية مجتمع: في عالم المبيعات تظهر صورة الذات السيئة لدى رجال المبيعات بعدة طرق، لكن ثلاث من هذه الطرق تكون واضحة تماما ولا يمكن أن تخطئها.
الأول: موظف المبيعات صاحب صورة الذات السيئة لا يبذل الجهد اللازم وهو أكثر كسل عند الأحوال التي يكون فيها الإشراف متسما بالتراخي أو الإهمال، وقد يقوم موظف المبيعات باختلاق أو تلفيق عشر مهام يؤديها ويقوم بالتسويف لعدة أيام قبل أن يعود ويظهر إلى العمل. أما موظف المبيعات صاحب صورة الذات الجيدة الذي يحب نفسه فإنه يستجيب بشكل مختلف إذ إنه يدرك أنه لم يتم رفضه هو شخصيا في عمليات البيع المتعثرة والمحاولات لإيصال المعلومات وإنما هو رفض عرض بيع العقار الذي قدمه أو يحاول أن يقدمه ليبيعه.
الثاني: موظف المبيعات صاحب صورة الذات السيئة يتردد في محاولة إتمام صفقته ولا يقدم أي مقترحات لأن ينشط عميله باتخاذ إجراء عملي والإقدام على الشراء، وخوفا من رفض العميل العرض فإن ذات الموظف سيعاني ويتألم لشعوره بالخسارة لذا فإنه يحمي ذاته من ألم عدم إفشال الصفقة. وموظف المبيعات ذو صورة الذات الجيدة يبذل جهدا مخلصا لإتمام الصفقة لأنه يعلم أنه أسوأ ما يمكن أن يحدث له هو أن يتلقى الرفض، وهو يعرف أن الرفض نادرا ما يكون حاسما وأنه قد يتمكن من إتمام الصفقة ببساطة، لأنه يؤمن بأنه يستحق النجاح إضافة إلى أنه يؤمن بالمنتج الذي يبيعه. وهو يشعر بقوة حينما يقدم خدمة للعميل، لذا فإنه يحاول إنهاء المهمة بثقة ويقين وهو يعرف أن الخدمة تعني حرفياً (تقديم الخدمة السديدة الوافية للمستفيد منها).
الثالث: موظف المبيعات أو عامل المكتب صاحب صورة الذات السيئة لا ينتقل بنجاح نحو مسؤولية الإدارة مرة أخرى، هو يخشى رفض الآخرين وهم الأشخاص الأعلى منه أو الأدنى ممن حوله وهو توجه عام ليخرج من شخصيته ويضع واحدا من أربعة أقنعة حسبما يتطلب الموقف - القناع الأول: يكون فتى المجموعة ويؤكد للجميع ممن هم تحت رئاسته أن شيئا لم يتغير بسبب ترقيته أو توليه منصبا إداريا - والقناع الثاني: قد يخشى رفض نظرائه السابقين له لذا فإنه يمنح امتيازات واستثناءات تتجاوز مبادئ الإدارة الجيدة، أو لعله يتبنى الأسلوب المعاكس (أسلوب قد وصلت) المتعجرف - والقناع الثالث: قد يكون مشغولا بشكل مفرط في علاقاته بفريق الإدارة وفي اندفاع لإرضاء الآخرين ونيل قبولهم ليصبح شديد التذلل والخضوع والاستسلام ويسعى بشكل مفرط للحصول على النصائح - والقناع الأخير: وهو فيه يتبنى موقف الشخص الذي يعلم كل شيء ولا يلتمس نصيحة أحد مطلقا ويشرع في أن يوضح للآخرين جميعا كيف تقاد السفينة.
والشخص صاحب صورة الذات الصحيحة السليمة ينتقل إلى الإدارة بشكل جيد ويظهر ثقة حذرة توضح جدارته بالوظيفة وقدراته على النهوض بأعبائها بشكل طيب وهو لا يقدم وعودا براقة كبيرة لكنه يفي تماما بكل ما يعد به ويزيد عليه، ويفهم الفارق ما بين تقديم الخدمة وبين الذل والامتهان، ويعلم كيف يرسم الخط الفاصل بين الثقة بالنفس وبين العجرفة والغرور.
وهو صلب حازم فيما يتعلق بالمبادئ والقيم لكنه مرن متفهم فيما يتعلق بالطرق والأساليب ويستطيع أن يضع حدا فاصلا ما بين المودة والابتذال. وهو لا يرتجف ولا ينهار عندما يتخذ قرارا خاطئا ولا يشعر بالتهديد عندما يرتكب خطأ ولا يذهب إلى اتخاذ القرارات في مجتمع الأعمال التي تظهر صورة الذات السيئة عن طريق الوعود الارتجالية المستحيلة التنفيذ.
الفصل الثاني:
إذ إن التربية هي عصب الحياة، وهي التي تؤثر على اتجاه وعلو المجتمع والقول الصحيح هو إننا لا نستطيع أن نوصل قضايانا لكل العالم، لكن نستطيع أن نتعلم الإنصات إلى هذه القضايا وبذلك نعلم أنفسنا أولا، ثم نعلم الآخرين. ومن يدرك أن التفكير الحديث يركز على صياغة الاستراتيجيات وبناء التواصل لا على التقنيات الحديثة فحسب سوف يتفوق على من يعتمد كليا على التقنية المحضة.
نحن مخلوقات تحكمنا العادة، فحياتنا تتبع أنماطا نأخذها معنا في أي مكان نحل فيه، أنماط حياتنا وأسلوب تفكيرنا وطبيعة سلوكنا هي التي تخلق استيعابنا للظروف المحيطة بنا وليست الظروف التي تخلق ذلك، وعندما ندرك طبيعة هذه الأنماط والعادات نبدأ في اختيار نوعية الحياة التي نريدها، وإن الهروب من الأمور التي لا نريدها لا يعتبر إجابة لأننا نحن الذين نمثل العنصر الثابت الذي يخالف ظروفنا وسنظل على ما نحن عليه ما لم نختر أن نبحر في دواخل أنفسنا لنكتشف ونراجع هذه الأنماط التي تشكل حياتنا وما هي عليه.
إن هذه الأنماط والعادات تعرف بالاستراتيجيات، والاستراتيجية هي مجموعة من الأفكار المتتابعة والسلوكيات المبنية على مجموعة من المعتقدات والإحساس بالذات، ونحن جميعا لدينا عناصر خاصة تتميز بها إستراتيجيات في حالات القوة وحالات الضعف. وبمجرد أن نعي طبيعة السلوك المصاحب لتحسن حياتنا والسلوك المصاحب لتدهورها فإننا سنوفر لأنفسنا فرصة للاختيار وبتحويل اللاشعور إلى العقل الواعي وسوف نقلل من الاحتياج إلى حكم الآخرين علينا ونخلق لنفسنا الحرية من خلال وعينا بما نقوم به.
تتكون الاستراتيجيات مما هو أكثر من أنماط التفكير، إنها تتضمن أيضا الطريقة التي نصوغ بها معتقداتنا وقيمنا ومفهومنا لفرص وجودنا وإحساسنا بهويتنا ومكونات أخرى كثيرة، وإذا بدأنا بمنهجية مبسطة لصيغة نماذج استراتيجيات تفكيرنا يمكن أن نعود بها إلى العناصر الأولية القيم والمباديء التربوية السليمة، ونسلح أبناءنا والأجيال المقبلة بالمزيد منها (الفتى ابن المواطن).

ومين لابنك غيرك؟ ابني وعمر أرض بلادك.. بكرة الخير لك ولأولادك..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي