شركة البولي بروبلين المتقدمة .. ما يصح إلا الصحيح

[email protected]

مع إعلان شركة البولي بروبلين المتقدمة عن نشرة الإصدار الخاصة بالاكتتاب العام على أسهمها، يلفت نظرنا أن هذا الاكتتاب يمثل سابقة تاريخية في السوق المالية السعودية طوال الـ 20 عاما الأخيرة، حيث إن الشركة أصبحت سباقة في التحول من ملكية خاصة إلى ملكية عامة من خلال رفع رأس المال وليس من خلال التخارج كما هو الحال في جميع الاكتتابات السابقة، مما يعني أن متحصلات هذا الاكتتاب ستذهب كاملة إلى حقوق المساهمين بهدف تمويل رفع رأس المال من 750 مليون ريال إلى 1.413 مليون ريال بدلا من توجه متحصلات الاكتتاب للمؤسسين فقط.
إن الإطار الصحيح لسوق الإصدارات الأولية في جميع الأسواق المالية العالمية (ويشمل ذلك تحول الشركات من ملكية خاصة إلى ملكية عامة) هو من خلال رفع رأس المال وليس استراتيجية التخارج التي تتم بين المؤسسين والمكتتبين، لأن رفع رأس المال ينطوي على إصدار حقيقي لأسهم جديدة ينسجم تماما مع مفهوم الإصدارات الأولية. في المقابل، لا تنطوي استراتيجية التخارج على رفع لرأس المال وبالتالي عدم وجود إصدار لأسهم جديدة، إلا أن هذا المفهوم يصلح لتنفيذ مشاريع التخصيص الحكومية فقط كما حصل مع اكتتاب شركة الاتصالات السعودية عام 2003م لأنه يمثل الإطار الوحيد لتنفيذ مشاريع التخصيص.
في السياق نفسه، يلفت نظرنا أن نسبة الطرح في اكتتاب شركة البولي بروبلين المتقدمة بلغت نسبة 47 في المائة تقريبا وهي نسبة عالية لم نتعود عليها سابقا في سوق الإصدارات الأولية في المملكة، مما يعني احتمال حصول المكتتب على عدد أسهم أكثر ونسبة تخصيص أكبر بالمقارنة مع الاكتتابات الأخيرة والأهم من ذلك السيطرة بنسبة أكبر على مجلس إدارة الشركة. يجب أن نوضح أن هذه النسبة المرتفعة من الطرح تعتبر أيضا سابقة تاريخية في السوق المالية السعودية مقارنة بنسبة 30 في المائة كحد أقصى المعمول بها في جميع الاكتتابات الأخيرة استنادا إلى قواعد التسجيل والإدراج (تحديدا المادة التاسعة) الصادرة عن هيئة السوق المالية.
أيضا، نلاحظ في هذا الاكتتاب عدم وجود علاوة إصدار على المكتتبين الجدد وقد يكون السبب في ذلك أنها شركة حديثة التأسيس حيث إنها تأسست خلال عام 2005م إلا أنها خطوة إيجابية من الشركة لجذب صغار المستثمرين للاكتتاب بأسهمها آخذين في الاعتبار أنه كان بإمكان الشركة التوجه قبل ذلك إلى سوق الملكية الخاصة (من خلال عملية طرح خاص موجهة لكبار المستثمرين) لرفع رأس المال مع علاوة إصدار ثم تنفيذ استراتيجية تخارج من خلال سوق الإصدارات الأولية.
من المهم تأكيد أن العرض النقدي يمثل أمانة في أيدي المسؤولين عن السياسة النقدية والسوق المالية في الدولة (رعاها الله)، إلا أن الشركة ستستغل هذا العرض النقدي بما يخدم مصالحها من خلال زيادة حقوق المساهمين فيها لتمويل التوسع في أصولها في وضع مشابه لاكتتابات حقوق الأولوية للشركات المدرجة في السوق. في المقابل، نجد أن استراتيجية التخارج لا تخدم الاقتصاد الوطني، بل تعتبر استنزافا للعرض النقدي المحلي، في حين أن المستفيدين الوحيدين من هذه الاستراتيجية هم المؤسسون البائعون فقط.
لا شك أن ما قامت به شركة البولي بروبلين المتقدمة هو إنجاز يستحق الإشادة به لأن الشركة قدمت نموذجا لباقي الشركات الراغبة في دخول السوق، وهي توجهات اقتصادية مهمة يجب أن تتبع بهدف تطوير سوق الإصدارات الأولية في المملكة، الذي يبدو أنه اقترب من مرحلة النضج في دورة حياة الأسواق المالية. في حال رغبة هيئة السوق المالية في المضي قدما في الاكتتابات الجديدة (خصوصا فيما يتعلق بالتحول من ملكية خاصة إلى عامة). من المهم التوقف تماما عن استراتيجيات التخارج لأنها الاستثناء وليست القاعدة وهي حتما ستؤثر سلبا على السوق الثانوية (سوق الأسهم) والاقتصاد المحلي بطريقة غير مباشرة.
هنا يجب أن نتذكر أن تطور الأسواق المالية العالمية يقاس دائما بتطور القيمة السوقية الإجمالية ولا يقاس بتطور عدد الشركات المدرجة، وإلا فإننا سنحتاج اليوم إلى 100 عام على الأقل لنصل إلى المرتبة الـ 50 عالميا، لأن بعض الأسواق المالية في دول ذات اقتصادات صغيرة تفوقنا اليوم كثيرا من حيث عدد الشركات المدرجة.
بشكل عام، إن ما قامت به شركة البولي بروبلين المتقدمة هو القاعدة وليس الاستثناء في سوق الإصدارات الأولية لأننا مهما تحاورنا واختلفنا حول هذا الموضوع إلا أنه في النهاية "لا يصح إلا الصحيح". على ذلك، يجب أن نهنئ هيئة السوق المالية الموقرة وأن نهنئ أنفسنا بهذه التوجهات الإيجابية في آلية الاكتتابات الجديدة لما فيه خير هذا الوطن الغالي تحت ظل قيادتنا الحكيمة حفظها الله ورعاها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي