التجمع والميزة التنافسية.. اقتصاديات الجوار

<a href="mailto:[email protected]">mjadeed@hotmail.com</a>

مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومركز الملك عبد الله المالي، ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية جميعها منشآت اقتصادية حديثة على منظومة الاقتصاد السعودي. حيث، تحتوي كل منشأة على عدد كبير من الشركات و المؤسسات والهيئات المتمركزة في موقع جغرافي لإنتاج مجموعة من الخدمات والمنتجات المترابطة.
تعرف مثل هذه المنشآت في أدبيات التنافسية بـالتجمعات clusters. وتختلف أنواعها باختلاف طبيعة خدماتها ومنتجاتها.
على سبيل المثال، تركز المنشآت الصناعية في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين على صناعة البتروكيماويات. وبالتالي يطلق على مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين تجمع بتروكيماوي Petrochemical cluster.
وتسعى كل من مدينتي الملك عبد الله الاقتصادية والأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية لتكوين تجمعين استثماريين يركزان على إنتاج الخدمات والمنتجات الاستثمارية لتلبية احتياجات منظومة الاقتصاد السعودي من المنتجات والخدمات الاستثمارية. ويسعى أيضا مركز الملك عبد الله المالي لتكوين تجمع مالي يركز على إنتاج الخدمات والمنتجات المالية لتلبية احتياجات منظومة الاقتصاد السعودي من المنتجات والخدمات المالية.
أحد أهم أسباب إنشاء التجمع داخل أي منظومة اقتصادية تحقيق الميزة التنافسية. ولتحقيق هذه الميزة، يمر اقتصاد الدولة المالكة للتجمع بأربع مراحل أساسية. تعكس كل مرحلة المصادر التي يستمد منها التجمع ميزته التنافسية.
1. المرحلة الأولى مرحلة عوامل الإنتاج factor-driven stage.
2. المرحلة الثانية مرحلة الاستثمار investment-driven stage.
3. المرحلة الثالثة مرحلة الابتكار innovation-driven stage.
4. المرحلة الرابعة مرحلة الثروة wealth-driven stage.
تمثل المراحل الثلاثة الأولى تطورا في الميزة التنافسية، عطفا على أن الاقتصاد يركز على التطوير المستمر في خدمات و منتجات التجمع بما يحقق نمو منظومته الاقتصادية. و بالتالي يشجع الاستثمار وتزداد قدرة شركات التجمع الكبيرة على التأثير على سياسات المنظومة الاقتصادية لصالحها.
وتمثل المرحلة الأخيرة نوعاَ من التواضع أو التراجع في الميزة التنافسية، عطفا على أن الاقتصاد يركز اهتمامه على الحفاظ على الوضع الحالي بدلاَ من تطويره. وبالتالي ينخفض تشجيع الاستثمار وتزداد قدرة شركات التجمع الكبيرة على التأثير في سياسات المنظومة الاقتصادية لصالحها. لعل تجمع خدمات الكهرباء والمتمثل بشكل أساسي في الشركة السعودية الموحدة للكهرباء يمر في هذه المرحلة.
إن أهم مخرجات الطفرة النفطية الأولى في أوائل و أواخر السبعينيات إنشاء "سابك" لتكون مركزا لتجمع صناعة البتروكيماوية ولاستثمار الموارد الطبيعية الهيدروكربونية والمعدنية بالمملكة. أستثمر التجمع والمتمركز بشكل أساسي في مدينتي الجبيل وينبع، وبناءَ على إحصائيات الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ما قيمته نحو 75 مليار ريال في عمليات تطوير المدينتين. أثمر ذلك عن قيام ما يربو على 200 صناعة بلغت جملة استثماراتها نحو 160 مليار ريال وموفرة بذلك أكثر من نحو 85 ألف فرصة عمل.
واليوم، يحتل التجمع مكانة مرموقة في خريطة العالم الاقتصادية في مجال صناعة البتروكيماويات والأسمدة والحديد الصلب من حيث المبيعات وتنوع الخدمات والمنتجات.
الطفرة النفطية الثانية والتي نشهد بداياتها الآن تختلف، كما هو معلوم، عن الطفرة الأولى من ناحية مسببات ارتفاع أسعار النفط، ودور القطاع العام والخاص في تحفيز النمو الاقتصادي، والقدرة التنظيمية لإدارة العوائد المرتفعة للنفط.
وبالتالي، هل ستخطو مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومركز الملك عبد الله المالي، ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية على خطى التجمع البتروكيماوي في تكوين تجمعات استثمارية ومالية لتشكل دعائم جديدة للميزة التنافسية لاقتصادنا الوطني على المدى البعيد؟ و إذا كان كذلك، هل ستختلف الميزة التنافسية عن تلك الموجودة في بعض اقتصاديات الجوار؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي