الكيل بمكيالين حاجة بيولوجية
الكيل بمكيالين: حاجة ضرورية يمارسها الناس في كل زمان ومكان وتمارسها أمم وحكومات وأفراد .. حتى الحيوانات .. وكذلك القوانين كافة، تبيح الكيل بمكيالين وأيضا يأمر به العقل السليم.. أحياناً.
ولكن الذي يكال له بالناقص (يصيح ويحتج ويطالب بالعدالة), وقد يكون هو نفسه كيل له بالزائد في مناسبات أخرى (وغرش وألبد) وللإيضاح .. نورد أمثلة: عندما دنس محققون أمريكيون القرآن الكريم في جوانتاناموا قام مسلمون بمظاهرات هنا وهناك واحتجت حكومات إسلامية (وبس) والسؤال الآن ماذا لو أن (حكومة سريلانكا) هي التي دنست القرآن، كيف يكال لها (رد الفعل؟)... وأنا وأنت لو (تفل في وجهك متسلط جائر) غاية ما في الأمر تقول الله يسامحك، ولكن لو كان ( الفاعل التافل) حقيراً وضعيف البنية كيف تكيل له (رد الفعل)؟!
وملك الغابة هذا الضيغم الضخم الذي يعامل الحيوانات الضعيفة بمكيال (الافتراس) نجده يعامل الحيوانات القوية كالفيل بمكيال (ينبض بالحذر) والحمد الله على العقل عند الإنسان ولولاه لكان (أحسن ضيغم في الغابة) يقدر عليه، كما يقول المتنبي:
لولا العقول لكان أدنى ضيغم
أدنى إلى شرف من الإنسان
وفي كل الصفات والسمات يوجد الكيل والمكيالان، حتى الرذائل مثل "الكذب" وهناك كذب (أبيض) له ضرورة حيوية مثل كذب الأزواج على بعضهم البعض، أو كذب (أكثر بياضا) كالكذب الذي ينفع محتاجا أو يشفي مريضا ولا ضرر منه، بينما هناك (كذب) يسبب المهالك .. ونحن نحث أولادنا على ممارسة الصدق ونعاقبهم على الكذب وفي الوقت نفسه يلاحظ أطفالنا استعمالنا (المكيال الآخر) عندما – يهاتفنا (ثقيل) ونأمر أطفالنا بالرد والادعاء أننا غير موجودين.
ومثل الكذب.. أيضاً صفة النفاق: الذي هو الوجه الآخر لصفة الكذب ونمارس (المباح منه) صغارا وكبارا سرا وعلانية إذا كان نفاقا يدفع شرا أو يجلب خيرا ونسميه أحياناً (مجاملات) وفي هذه المجاملات توجد (مكاييل كثيرة وليس مكيالين فقط).
وكذلك في النفاق الصارخ توجد مكاييل أقساها من هم في الدرك الأسفل من النار, والعياذ بالله.
ومثل الكذب والنفاق: هناك صفة من الفصيلة نفسها هي صفة الغش والتدليس .. وينطبق عليها ما ينطبق على غيرها مكاييل مختلفة تخضع كلها (لمنحنى جاوس) الذي فيه طرف ضعيف وطرف يشتد قوة وقسوة، والغش ليس ظاهرة فقط لكنه شائع في كل المجتمعات وأمثال الشعوب تحذر منه (فتح عينك تأكل ملبن) (خل العلم الردي على بالك) (ما خاب من استشار) (من برا الله الله ومن داخل يا ما شاء الله) .. وتجدنا نعلم أطفالنا على الغش والتدليس منذ الطفولة ومنذ الشهر الأول من عمرهم عندما (نعطيهم اللهاية بدلا من ثدي الأم).
ومثل آخر (الواسطة) أو الشفاعة .. فيها مكاييل وفيها مهابيل وغرابيل، هناك واسطة يعود نفعها على مظلوم وهذه محمودة، وعكسها واسطة تعطي ظالما حق مظلوم وهذه كفانا الله شرها. وبين هذه وتلك وساطات أقل نفعاً أو