بعد تخصيص الشركات .. هل نخصص الأفراد؟!

<a href="mailto:[email protected]">Fax4035314@hotmail.com</a>

الآن يوجد توجه لا رجعة فيه لتخصيص القطاعات والشركات الحكومية, فبعد فشل أو تخفيف الأعباء عن الحكومة "أي حكومة" لإدارة هذه الشركات والقطاعات, وهو ما نلحظه لدينا في المملكة، فكان تخصيص شركة الاتصالات السعودية, من أول القطاعات التي خصصت, وآمل أن تتسارع الخطى إلى مزيد من التخصيص, كقطاع الكهرباء الذي يعاني الكثير, ثم الخطوط السعودية الناقل الجوي الوحيد المتفرد لدينا, الذي أيضا يعاني الكثير, وغيره من القطاعات الحكومية التي تحتاج إلى تسريع أكبر للتخصيص. وأثبتت عملية تخصيص "الاتصالات السعودية" ووجود منافس قوي "يركع" الأسعار كل يوم أقل فأقل, لاحظنا الآن خدمة أفضل وبأسعار أقل. ونظرية التخصيص تعني بكل بساطة وبالمفهوم الاقتصادي المتعارف عليه, خدمة أفضل بأسعار أقل, وتطويراً مستمراً, ولاحظنا أنه مع انخفاض الأسعار والخدمة الأفضل أضيفت أرباح إضافية لشركة الاتصالات واستمرت وتيرة الأرباح المتزايدة, من كل ذلك, وما يحدث من عمليات تخصيص, هي للحقيقة بطيئة, وليست بالسرعة المعقولة والمقبولة, ولكن هي موجودة على الأجندة ووفق جداول زمنية محددة ستأتي تباعا, وهذا ما يجب أن نفهمه وندركه, إن الحل لإدارة أفضل, وخدمة أفضل, في الوقت المناسب, وبأسعار أقل أيضا, يكمن في التخصيص على أقل فرضية من فرضيات الحلول.
من كل ما يحدث من تخصيص وتوجه عام في هذا الجانب, أتطرق الآن إلى موضوع تخصيص الأفراد, كنا سابقا, نجد الدكتور غازي القصيبي ينتقل من وزارة إلى وزارة لإصلاحها من الداخل والخارج, ونجح الوزير بقوة في البداية, وقل الوهج والقوة مع الوقت, وإن كان النجاح صفة ملزمة له "كإدارة" وهذه كانت في مرحلة الثمانينيات، ونجح الوزير القصيبي في تقديم فكر إداري جديد لدينا وجريء, وانتقل الوزير من وزارة إلى وزارة, وهو قد يكون بعيدا عن تخصصه العلمي في الوزارة التي يتولاها, ولا يعني التخصص النجاح المطلق بالتأكيد, ولكن كإدارة وعلم هي ثابتة وقد تنجح في أي مجال ولكن بحدود وليس على إطلاقه. الآن أشبه المهندس خالد الملحم, بنفس نهج وبرنامج الدكتور القصيبي, فبعد أن أصلح ورمم "الاتصالات السعودية", الآن نجده يفعل الشيء نفسه في الخطوط السعودية العملاق المريض, ولكن سيحتاج إلى وقت ووقت وغيره مما يحتاج إليه كل إداري. السؤال الآن: هل نحن نفكر وندرك أن مرحلة التخصيص تتطلب إدارات مؤهلة ومتخصصة؟ وأفرادا يملكون العلم والكفاءة الإدارية الكاملة؟ يجب أن نفكر كم لدينا من مديرين ومديرين إداريين لكي يقودوا هذا التخصيص واقتصاد الوطن؟ التخصيص لا يعني الحل, بل القوة البشرية ماهيتها؟ مَن يدير؟ هنا السؤال المهم. وأقدر وأعرف أن لدينا كفاءات كبيرة وعالية المستوى, لأن مَن يدير "سابك" و"أرامكو" والبنوك السعودية في الداخل والخارج, والشركات العملاقة الكبرى العائلية هم سعوديون, ونفتخر بهم أشد الافتخار. ولكن أين هم من عملية التخصيص التي تحدث, يجب أن نفكر ونقتنع أن موظف الدولة يظل بمنهجية معينة ومحددة وليس ذا تجربة وخبرة, لا يمكن أن يقود عملية إدارة شركات تخصص, فهل نتصور قطاعا حكوميا يتم تخصيصه, ويظل المدير الذي يدير الشركة منذ عشر وعشرين سنة هو نفسه على كرسي الرئاسة لهذه الشركة. هذا غير منطقي وعملي لإدارة الشركة, فكأننا غيّرنا ديكور المنزل, وظل كل شيء على حاله. قناعتي الشخصية التي تقبل النقاش والحوار والاختلاف بلا حدود, أن نصنع من أبناء هذا الوطن الأكفاء, وأن نقدم لهم المحفزات المالية والمعنوية لكي يكونوا قائدي شركات هذا الوطن. بلادنا لا يوجد بها خالد الملحم فقط, بل مئات من خالد الملحم, وطبعا هنا لا أقلل من المهندس خالد الذي أعتز بشخصيته ونجاحه وكفاءته وهو لا يعرفني ولا أعرفه أشهد له بهذا الكلام, ولكن لنعطي الفرصة للكفاءات المغيبة من إدارة دفة الاقتصاد, لا أن نأتي بنفس الأفراد والمديرين الذين ينتقلون من إدارة إلى إدارة ومن جهة حكومية إلى شركة وهكذا, نحتاج إلى دماء جديدة وشباب يدير اقتصاد هذا الوطن، خاصة في مرحلة التخصيص وغيرها. إذاً يجب أن نصنع الأفراد بخلق الفرصة لهم, وفتح الطريق لهم, وأتصور أننا سنكتشف كم يخبئ هذا الوطن من الكفاءات الوطنية الإدارية متى أتيحت لهم الفرصة وبصلاحيات كافية, سنجد ونكتشف أننا تأخرنا كثيرا, وسبقنا المجاورون كثيرا وبلا مبرر لدينا حقيقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي