الأبعاد الاقتصادية لفترة التداول الواحدة
<a href="mailto:[email protected]">t-hafiz@hotmail.com</a>
منذ تأسيس هيئة السوق المالية بموجب "نظام السوق المالية" الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1424، وهي تسعى جاهدة إلى تنظيم السوق المالية وتطويرها، وتنمية وتطوير أساليب الأجهزة والجهات العاملة في تداول الأوراق المالية، من خلال إصدار القوانين والتشريعات، التي تعمل على تطوير الضوابط التي تحد من المخاطر المرتبطة بتعاملات الأوراق المالية، بما في ذلك العمل على تحقيق العدالة والكفاءة والشفافية في معاملات الأوراق التجارية.
من بين القرارات الإصلاحية التي اتخذتها الهيئة للإصلاح من أداء السوق، إلغاء فترة التداول يوم الخميس، واقتصار التداول في السوق على خمسة أيام في الأسبوع بدلاً من ستة أيام, وكما كان هو الوضع في السابق، الأمر الذي أسهم بشكل فاعل في التحسين من أداء السوق، بالذات فيما يتعلق بمنح فرصة ووقت أكبر للمستثمرين والمتعاملين في السوق بمراجعة قراراتهم الاستثمارية، بالذات المرتبطة بتقييمهم أداء المحافظ وإعادة بنائها أو تشكيلها من جديد، كما أن ذلك ساعد على تنظيم أكثر لعمليات التسويات المالية لعمليات التداول التي تتم في السوق، كما أن قرار إلغاء فترة التداول يوم الخميس، ساعد, في رأيي, على تعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع السعودي، حيث إن ذلك أتاح للمتعاملين في السوق فرصة للراحة والاستجمام بإجازة آخر الأسبوع وقضائها مع أفراد العائلة وبين الأقارب والأصدقاء.
في رأيي, وبهدف تعزيز المنافع العديدة الاستثمارية والاجتماعية، التي تحققت عن إلغاء فترة التداول يوم الخميس أتطلع إلى أن تصدر هيئة السوق المالية في المسقبل القريب، قرارا يقضي بقصر فترة التداول في السوق على فترة واحدة (صباحية)، ولا سيما أن ساعات التداول الحالية وضعت في الماضي، ومنذ بداية تأسيس السوق، لتتواءم مع ساعات عمل فروع البنوك التجارية، وعندما كانت السوق صغيرة جداً، أما بالنسبة للمرحلة الحالية، ونظراً لكون السوق في الوقت الحاضر، نمت بشكل كبير، وأصبحت من بين أكبر الأسواق العالمية من حيث عدد المتعاملين في السوق وحجم التداول وعدد الصفقات، إضافة إلى بدء هيئة السوق المالية في الترخيص لعدد كبير من غير البنوك لتقديم خدمات الوساطة، فلعله من المناسب جداً إعادة النظر في ساعات التداول، لتكون فترة واحدة صباحية متصلة.
في رأيي, أن قصر فترة التداول في السوق على فترة واحدة صباحية متصلة، ولتكن مثلاً من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الثالثة عصراً، ستتحقق عنه العديد من المزايا والمنافع والفوائد المالية والاجتماعية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
(1) توافق ساعات عمل السوق مع أغلب ساعات عمل الأسواق الأوروبية والآسيوية، الأمر الذي بدوره سيمكن المتعاملين في السوق السعودية من التواصل مع بقية الأسواق العالمية.
(2) إن تزامن ساعات عمل السوق مع ساعات عمل شركات الوساطة والبنوك والشركات المدرجة في السوق، يسهل وجود المختصين في هذه الجهات للتعامل مع أي مستجدات في السوق، كما يمكن المتعاملين في السوق الحصول على الإيضاحات من الشركات المدرجة عند الحاجة.
(3) إتاحة الفرصة في المساء (بعد إغلاق السوق) للشركات المدرجة في السوق، لعقد اجتماعات مجالس الإدارة وإعلان القرارات والمعلومات، التي تهم المستثمرين خارج ساعات التداول، تفادياً للتسريبات في المعلومات، التي قد تؤثر في سلوكيات وتوجهات أسعار أسهم الشركات المدرجة في السوق.
(4) خفض التكاليف على الوسطاء والبنوك والسوق، الناتجة عن تكاليف الموظفين بعمل الفترتين، وهذا الأمر مهم جداً بالنسبة إلى مؤسسات وشركات الوساطة التي تم الترخيص لها حديثاً، حيث إن ذلك سيساعدها على تحقيق وفورات مالية، يمكن لها أن تستخدم في الصرف على التحسين من أداء عملها وقدرتها الذاتية على خدمة العملاء.
(5) قصر فترة التداول على فترة صباحية واحدة متصلة سيتزامن مع ساعات عمل نظام مدفوعات التسويات المالية الوطني، الذي بدوره سيساعد على تسوية مبالغ العمليات خلال اليوم نفسه.
(6) إتاحة فرصة أكبر في المساء (بعد إغلاق السوق) للمتعاملين في السوق لاستكمال الأعمال التشغيلية والصيانة الفنية للأنظمة في السوق ولدى الوسطاء.
(7) توطيد العلاقات الاجتماعية للمتعاملين في السوق بأفراد المجتمع وبأسرهم، لتفرغهم خلال فترة المساء للقيام بالواجبات الأسرية والعائلية.
(8) تخفيف الضغط على المرافق والطرق العامة، بسبب أن حصر وتحديد فترة التداول في وقت واحد متصل، يقلل بقدر الإمكان من حركة المتعاملين في السوق، بما في ذلك حركة الموظفين في البنوك وشركات الوساطة المالية.
في رأيي أن اختصار فترة عمل السوق على فترة تداول صباحية واحدة متصلة وإلغاء الفترة المسائية، سيساعد على تشجيع التداولات بغرض الاستثمار، وليس بغرض المضاربة، وبالذات بالنسبة إلى صغار المستثمرين وحديثي العهد بالسوق، بحيث تترك صناعة السوق والتداول اليومي للمحترفين وعن طريق الوسطاء المرخص لهم من قبل هيئة السوق المالية، كما أن تقنيات الاتصالات الحديثة، مثل التداول عبر الإنترنت وعبر الهاتف وإتاحة المعلومات وأسعار السوق مباشرة، مكنت الكثيرين من متابعة السوق في كل وقت ومن أي مكان في العالم، وبالتالي ستنتفي الحاجة وكما هو واقع الحال، لأن تكون هناك فترة تداول مسائية، بحجة أن الكثير من الناس لا يمكنهم متابعة السوق صباحاً، بسبب ارتباطهم بأعمال أخرى، وبالله التوفيق.