عبد الله بن عبد العزيز.. وعام من الإنجازات الاقتصادية العملاقة

<a href="mailto:[email protected]">t-hafiz@hotmail.com</a>

منذ اليوم الأول لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, حفظه الله, مقاليد الحكم في البلاد بمبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية في صباح يوم الإثنين الأول من آب (أغسطس) 2005 عقب وفاة المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وإنجازاته التنموية والحضارية تتسابق وتتابع وتتلاحق واحدة تلو الأخرى في جميع مناحي واتجاهات الحياة دون استثناء بالشكل الذي حقق للبلاد في عهده الميمون والزاهر التقدم والازدهار والرخاء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
هذا المليك الذي حمل هموم الأمة والوطن وترجم ذلك إلى واقع ملموس, قاصداً بذلك الملك عبد الله, وكما وصفته الأقلام والصحافة المحلية والعالمية لم يأل جهدا في متابعة شؤون المواطنين وتلمس احتياجاتهم المعيشية والتنموية من قرب منذ أن دخل المعترك السياسي عام 1964, حين أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز, رحمه الله, أمره بتعيينه رئيساً للحرس الوطني, ثم بعد ذلك تعيينه في عهد الملك خالد بن عبد العزيز, رحمه الله, نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء عام 1975, وكذلك خلال ممارسته مهام الحكم في البلاد منذ تراجع الحالة الصحية للملك فهد بن عبد العزيز, يرحمه الله.
بالتحديد وعلى الصعيد الاقتصادي ومنذ أن تولي الملك عبد الله رئاسة المجلس الاقتصادي الأعلى ونائبا لرئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن, وأخيرا ملكاً للبلاد, والإنجازات الاقتصادية والتنموية والحضارية عمت أرجاء البلاد وشملت بمنافعها وخيراتها جميع أفراد المجتمع السعودي بلا استثناء أو تمييز, فمنذ الأيام الأولى لتوليه مقاليد الحكم في البلاد كان العديد من القرارات التي كانت شاهدا على إخلاصه وحبه لهذا الوطن, حيث أصدر, حفظه الله, أمره الكريم بزيادة رواتب جميع موظفي الدولة بنسبة 15 في المائة باستثناء الوزراء ومن في حكمهم, الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على تحسين دخول المواطنين وتمكينهم من الإنفاق المريح على متطلبات الحياة المعيشية بالشكل الذي كفل لهم حياة كريمة, كما أن هذه الزيادة في الرواتب جاءت في ظروف مواتية, ولا سيما أن رواتب موظفي الدولة لم تشهد أية زيادة تذكر فترة من الزمن تجاوزت 20 عاماً, في الوقت نفسه الذي شهدت فيه أسعار المواد والمستلزمات الأساسية والضرورية للحياة ارتفاعاً ملحوظاً بسبب الارتفاع العام في الأسعار الذي شهدته مدخلات الإنتاج وأجور الشحن والتأمين العالمية وخلافه.
من بين القرارات الاقتصادية المهمة التي اتخذها الملك عبد الله, حفظه الله, خلال العام الأول من حكمه البلاد إصلاح أداء السوق المالية السعودية وبالتحديد أداء سوق الأسهم السعودي الذي شهد منذ مطلع الأسبوع الأخير من شهر شباط (فبراير) الماضي هبوطاً حاداً في قيمة مؤشره أدى لأن يفقد السوق أكثر من 40 في المائة من قيمة رسملته, وأن يلحق ذلك خسائر مالية فادحة بعدد كبير جدا من المستثمرين في السوق, وبالذات صغارهم, الأمر الذي حدا بالملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أن يصدر توجيهاته وتعليماته الملكية الكريمة للجهات المالية المختصة في البلاد بإدخال إصلاحات هيكلية سريعة على السوق التي استهدفت التحسين من أدائه والعمل على تنظيم وتيرة ارتفاعاته وانخفاضاته التي لعل من بين أبرزها وأهمها السماح للمقيمين من غير السعوديين بالاستثمار المباشر في السوق, وكذلك اعتماد تجزئة قيمة الأسهم السعودية, الأمر الذي أتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من المستثمرين للدخول إلى السوق, وكذلك القضاء على التركزات وحالات الاحتكار التي كانت تحدث في ملكية الأسهم.
من بين الإنجازات الاقتصادية العملاقة أيضاً التي حدثت خلال العام الأول من تولي خادم الحرمين الشريفين اعتماده, حفظه الله, بناء ثلاث مدن اقتصادية عملاقة, الأولى مدينة الملك عبد العزيز الاقتصادية التي تقع في مدينة رابغ, والثانية مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد التي تقع في مدينة حائل, والأخيرة مدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة. جميع هذه المدن الاقتصادية الثلاث مجتمعة يتوقع لها أن تستحدث وأن تخلق وظائف جديدة في الاقتصاد للشباب السعودي سيتجاوز عددها 50 ألف وظيفة, كما أنه يتوقع لها أن تجتذب استثمارات محلية ورساميل دولية ستتجاوز قيمتها 150 مليار ريال, هذا إضافة إلى ما ستحققه هذه المدن من مساهمة فاعلة في تنويع القاعدة الاقتصادية للدخل القومي.
ومن بين أبرز القرارات الاقتصادية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله خلال فترة عامه الأول من الحكم وذلك بهدف التحسين من حياة المواطنين والمقيمن في السعودية تخفيض أسعار الوقود والديزل بأكثر من 20 في المائة, الأمر الذي بدوره انعكس بشكل مباشر على تحسين دخول المواطنين والمقيمين على حد سواء بالشكل الذي مكنهم من توجيه الفوائض في السيولة التي كانت تنفق في السابق على الوقود لإنفاقها على احتياجات حياتية ومعيشية ضرورية أخرى أو توجيهها للادخار الشخصي وتنمية الثروات الفردية.
ويأتي فتح الباب أمام الشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع الغاز السعودي واختيار ثماني شركات عالمية عملاقة تعمل في مجال الاستثمار في الغاز للاستثمار في مشاريع متعددة ترتبط بصناعة الغاز الطبيعي في المملكة تجاوزت قيمتها 25 مليار دولار تجسيدا وتأكيدا لحرصه, حفظه الله, على تنويع قاعدة الدخل القومي وتقليل الاعتماد بقدر الإمكان على دخل النفط مصدرا رئيسيا ووحيدا للدخل.
كما أن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله, حفظه الله, عن نية الحكومة السعودية إنشاء صندوق للاستثمار بهدف مساعدة ذوي الدخل المحدود إضافة إلى أن إنشاء بنك تحت اسم بنك الإنماء بحجم رأسمال يقدر بنحو 15 مليار ريال, وطرح أسهمه للاكتتاب العام تأكيد على حرصه, يحفظه الله, على أن ينعم الموطن السعودي بالمزيد من الاستقرار والحياة الكريمة ورغد العيش.
المرأة السعودية أيضاً نالت حظها من هذا الحراك الاقتصادي الكبير الذي شهدته المملكة خلال العام الأول من تولي الملك عبد الله, حفظه الله, مقاليد الحكم في البلاد حيث واصلت المرأة السعودية مسيرتها التنموية ومشوارها الاقتصادي الذي حققت من خلالهما نجاحات تنموية واقتصادية باهرة وغير مسبوقة على مختلف الأصعدة والأنشطة والمجالات الاقتصادية والتنموية التي تتوافق بطبيعة الحال مع خصوصيته الإسلامية وتكوينها الفسيولوجي, وبهذا استطاعت أن تخترق مجالات عمل كانت في الماضي حكرا على الرجل, مما أسهم بشكل فاعل في مضاعفة إسهامها في بناء الاقتصاد الوطني في العديد من المجالات والأنشطة الاقتصادية والتنموية المهمة مثل الاستثمار في المهن الحرة والمتاجرة في سوق الأسهم وخلافه.
وعلى الصعيد الاقتصادي الدولي أسهم الملك عبد الله, حفظه الله, من خلال مبادراته الدولية في أن ينعم العالم بنمو اقتصادي مستقر من خلال محاولاته الجادة لكبح جماح الارتفاع غير المبرر في أسعار النفط العالمية بالتنسيق مع بقية الدول الأعضاء في منظمة الأوبك, كما حرص, حفظه الله, من خلال جولاته في دول مهمة من العالم كالصين والهند على تعميق أواصر الراوبط والعلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط بين المملكة العربية السعودية وبقية دول العالم, ولا سيما أن السعودية أصبحت عضوا فاعلا ومهما جدا في منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها أخيرا في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي, الذي استلزم بدوره القيام بمثل تلك الزيارات.
ختاماً: إن إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الاقتصادية والتنموية خلال عامه الأول من الحكم لا يمكن بكل تأكيد حصرها جميعها في هذا المقام, ولا سيما أن ما تم ذكره ما هو إلا قليل من كثير, ولكن وعلى الرغم من ذلك فقد أسهمت تلك الإصلاحات, وغيرها مما لم يتسع المجال لذكره, في تحسين أداء الاقتصاد السعودي بشكل عام والدفع بعجلة التنمية الحضارية قدما إلى الأمام بشكل خاص, والتحسين كذلك من الحالة المعيشية للمواطن الذي أصبح ينعم في عهده, حفظه الله, بمزيد من الاستقرار الاقتصادي والتنموي والحضاري, وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي