تجارة البضائع المقلدة في التعليم الخاص
<p><a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a></p>
في مثل هذه الأيام من كل عام, تبدأ الصحف المحلية في نشر أنواع وأشكال مختلفة من الإعلانات الدعائية للمدارس الخاصة. وتختلف هذه الإعلانات باختلاف القائمين على مدارسها, فمنها ما يخاطب عاطفة الوالدين بتوفير الفصول المريحة والملاعب الفسيحة ومنها ما يحاول أن يقنعهم بأن السبيل الوحيد لضمان مستقبل أبنائهم هو في تسجيلهم ضمن النخبة التي قد يستفيدون مستقبلاً من مصاحبتهم لها. والكثير من تلك الإعلانات يركز على الخصومات في الرسوم الدراسية وتخفيض التكاليف المادية على أولياء ألأمور. إن هذا النوع من التجارة قد يكون من أفضل سبل كسب العيش للعاملين فيه لأنه يقدم خدمه التعليم التي أمرنا الله بها والتي لا سبيل لنا للتقدم إلا بها, ولكن تجاره التعليم يجب أن يكون لها معاييرها الخاصة التي تميزها عن غيرها من سبل التجارة, فهي تقوم على أساس خدمه أعز الناس لدينا ومستقبل أمتنا. إن الوضع الحالي للتعليم الخاص في بلدنا قد تدنى إلى مستويات لم تعد مقبولة في الكثير من الدول النامية وليس المتقدمة فقط. إن المدارس الخاصة التي تعنى بتقديم خدمه التربية والتعليم على أساس متين وبمعايير عالميه قد لا يتجاوز عددها أصابع اليدين بينما نجد أن المدارس الأخرى تتزايد يوماً بعد يوم مستغلة تهاون المسؤولين في وزاره التعليم وجهل أولياء الأمور بأهمية نوعية خدمة التقليم المقدمة لأبنائهم وبناتهم. إن أول ما يلاحظ على تلك المدارس هو عدم اكتراثها بأماكن التعليم من مبان ومرافق وضربها عرض الحائط لأدنى المتطلبات الضرورية لهؤلاء الطلاب. لقد تم تحويل الكثير من المباني المتهالكة والضيقة إلى مدارس تغص بمئات ألأطفال بخدمات صممت لعائلة واحدة, فحولت المطابخ إلى معامل والغرف إلى فصول والملاحق إلى مكاتب إدارة, أما ما تبقى من الفناء فقد تفضل صاحب المدرسة مشكوراً بتغطيته بأنواع شتى من الصفيح لكي يكون مكانا يمارس فيه ألأطفال رياضة الوقوف وتناول الوجبات. أما التعليم داخل هذه المطابخ والمجالس فهو كثير الشبه بما هو متوفر في التعليم العام إلا أن دخل المعلمين يكاد لا يرقى إلا إلى مستوى رواتب خدم المنازل والسائقين, ولذا فإنه ليس من الغريب أن نرى شيوع الدروس الخصوصية التي لم تعد موجودة في دول العالم المتقدم أو النامي إلا في الدول العربية ومن حذا حذوها. قد يكون من غير العدل أن نطالب وزارة التعليم بتحسين وضع التعليم الخاص بينما هي تعاني وتكابد من أجل رفع مستوى التعليم العام. ولكن هذه الوزارة هي من يبارك هذا المستوى المتردي للمدارس الخاصة من خلال إصدار تصاريح لمدارس لا ترقى حتى إلى معايير المدارس الحكومية التي يجب أن تكون هي الحد الأدنى في المعايير المقبولة. إن استمرار الوزارة على هذا النهج سوف يؤدي بلا شك إلى انحدار مستوى التعليم وتحويله إلى تجارة لا تختلف عن تجارة البضائع المقلدة, مما سينعكس سلباً على مستقبل هذا البلد وأبنائه وتقويض جميع الجهود الصادقة للنهوض بهذا الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة.