حسوفة !

<a href="mailto: [email protected]"> [email protected]</a>

قوى الاقتصاد تهزم أحياناً قوة القرار الإداري، فمهما حاولنا أن نوظف الشباب السعودي في مهن قليلة الدخل، شاقة العمل، فلن نستطيع إقناعهم، ولن نستطيع من خلال البرامج التدريبية المتعددة أن نجهزهم لينافسوا الكم الهائل من العمالة المستعدة أن تعمل ليل نهار بتكاليف زهيدة.

السعودة ليست قرارا نتخذه، وبلمسة سحرية نطبقه. السعودة منهاج طويل الأجل يحتاج إلى نظرة عميقة وبناء استراتيجي وباستخدام تكتيكات غير بيروقراطية.
نحتاج في رأيي المتواضع بادئ ذي بدء النظر بعمق لسياسة التعليم الأساسي والجامعي، ونشجع الشباب والشابات على الانخراط في التعليم الاحترافي، بدلاً من التعليم الجامعي العام، الذي لا يعطي للطالب أساسيات لمهنة أو حرفة محددة، فسياسة القبول في الجامعات تقسر الطلبة والطالبات على الدراسة في تخصصات هامشية لا يحتاجها المجتمع، مع العلم أن أكثرهم قد يبدع لو اختار تخصصا حرفيا أو مهنيا. ومثال على ذلك، تنافس البنوك والشركات، خاصة الاستثمارية على محترفي مهنة الاستثمار في الوقت الحاضر، فإذا كان الشباب مبدعاً يستطيع أن يفرض راتباً لا يقل عن 10000 ريال حال تخرجه في الجامعة، ولكن نادراً ما تجد من احترف هذه المهنة، مما تضطر البنوك والشركات الاستثمارية إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية التي دخل أحدهم يعادل 20 مرة على الأقل دخل خريج جامعة ذي تخصص عام. قس على ذلك المهن الأخرى كالطب والصيدلة والهندسة والمحاسبة وغيرها. لماذا ؟ لأن جامعتنا تخرج نصف طلابها ذوي تعليم جامعي عام دون ربطهم بمهنة أو حرفة معينة. ولن تجد الأعداد الهائلة من الخريجين ذوي التخصص العام أعمالاً في القطاع الخاص ماداموا غير محترفين.

عنوان مقالي، تأسفي وتأسف أحد الشباب الذي قابلته الأسبوع الماضي، ذلك الشاب مشروع محترف في مجال الاستثمار، ولكن مع الأسف أمضى أربع سنوات يدرس في الجامعة علم التاريخ الذي في نظره آخر اهتماماته. لماذا ؟ هذا التخصص الوحيد الذي وجده أمامه ليكمل دراسته الجامعية ! وينطبق على التعليم الأساسي ما ينطبق على التعليم الجامعي، لا يمكن فرض السعودة بقرار إداري ولكن باستراتيجية متكاملة والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي