تفويض الصلاحيات كأداة لتطوير المؤسسات والشركات

تفويض الصلاحيات كأداة لتطوير المؤسسات والشركات

تعتمد فلسفة الإدارة على توزيع الصلاحيات والمسؤوليات لأعضاء المنظمة الإدارية وفقاً لمنهج مدروس (أو يفترض أن يكون كذلك) مبني على رؤية واضحة وشامله لأهداف التنظيم وتوجهاته. فبناء على تحديد التوجه العام للمنشأة (سواء حكومية أو خاصة) والتحديات والظروف المحيطة بها يتم تحديد تلك الصلاحيات والمسؤوليات، خاصة للمستوى الأول والثاني في المنشأة. إن التوجه العام في تطبيق حوكمة الشركات corporate governance في كثير من دول العالم يركز على جانب مهم من تحديد الصلاحيات والمسؤوليات لمجالس الإدارة، ولكبار المسؤولين من التنفيذيين والمديرين في تلك الشركات نحو إدارة مثلى تضمن تحقيق الشركة لأهدافها واستراتيجياتها. إلا أن كثير من الرؤساء التنفيذيين ومديري الشركات والمؤسسات يحجمون عن تفويض كثير من صلاحيات العمل لمرؤوسيهم، حتى وإن كانت طريقة وآلية التفويض مكتوبة، وذلك راجع لعدد من الأسباب التي تعاني منها كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة في كثير من الدول العربية وبعض الدول الأجنبية أيضا، ومن تلك الأسباب:
1 ـ الخوف غير المبرر من كثير من المديرين (في الإدارات العليا للتنظيمات) من أن تفويض الصلاحيات لمرؤوسيهم سيقلل سلطاتهم وبالتالي الحد من نفوذهم في مؤسساتهم، مع أن تفويض الصلاحية لمن هم دونهم، متى ما أحسنوا تفويض تلك الصلاحيات، سيجعل هؤلاء المديرين متفرغين لمهام أكبر تكون الأساس في وضع التصور والرؤى لنجاح مؤسساتهم وتساعد في توسيع آفاقهم لإدارة تنظيماتهم ومن ثم زيادة إبداعهم في التوجيه الأمثل للمنشأة مما يضمن تنمية الناحية الفكرية الإبداعيةentrepreneurship لتوليد الأفكار. كما يتيح للتنظيم الاتجاه إلى الناحية الابتكارية لتلك المؤسسات، فمهمة القادة في المنظمات والمؤسسات تختلف عن أداء الأعمال الروتينية التي قد تكون من عمل الصف الثاني أو الثالث في المنظمة.
2 ـ الغموض في التوصيف الوظيفي job description لكثير من الوظائف في القطاعين العام والخاص على حد سواء، مما يترتب علية عدم إلمام الموظفين بحدود العمل وحدود صلاحياتهم ومسؤولياتهم، وبالتالي تحد من القدرة على أداء أعمالهم بوضوح كما تُحَجِم حماسهم للتطوير ومبادراتهم الإبداعية. وحتى لو وجد الوصف الوظيفي للوظيفة في الشركة أو المؤسسة من ناحية نظرية، فإن إلمام الموظف الجديد (أو المستمر) بهذا الوصف يكون محدوداً وذلك لعدم وجود الوعي الوظيفي الكافي من الموظف ومن الإدارة العامة للموارد البشرية في تلك المنظمة لتوعية الموظفين بحقوقهم، وواجباتهم، وحدود مسؤولياتهم.
3 ـ عدم وجود المساءلة في تعدي الصلاحيات والمسؤوليات في غالبية التنظيمات الإدارية وذلك لقلة الوعي الثقافي من جهة، وعدم وجود الآلية الواضحة التي تعين الأطراف المختلفة على فهم الأُطر والحدود القانونية الواضحة في داخل تلك التنظيمات وطرق المحاسبة الشفافة.
إن عدم الوضوح في تحديد الصلاحيات والمسؤوليات للموظفين يمثل عائقاً للعديد من المنشآت في تحفيز موظفيها للإبداع في مجال عملهم وذلك لعدم وضوح الرؤية للموظفين في الإطار العام الذي يفترض أن يعملوا به، مما يجعلهم أن ينفذوا مهامهم وفق فهمهم المؤكد لحدود مسؤولياتهم. إن الضبابية في حدود المسؤوليات والصلاحيات للموظفين تمثل تهديداً للموظفين المبدعين في تنفيذ المهام وفقاً لأعلى المستويات والتي من المفترض عليهم القيام بها وذلك لخوفهم من تخطي صلاحياتهم دون قصد. كما أن عدم وضوح الرؤية في المسؤوليات تحد من تفويض الصلاحيات للمديرين الأقل مما يجعل الرؤساء التنفيذيين ينشغلون في أمور روتينية تأخذ من وقتهم الكثير مما يعوقهم عن أداء الدور الأهم في المنشأة وهو الإشراف العام والرؤية الكاملة والشاملة للشركة (الرؤية البانورامية) ولسير العمل في المنشأة مما يضمن لها تحقيق رسالتها وأهدافها وفق أساس منهجي يتصف بالديمومة وبعيداً عن الاجتهادات الشخصية.
والله ولي التوفيق،،،

عضو المعهد الأوروبي لحوكمة الشركات
<p><a href="mailto:[email protected]">alajlan@mail.com</a></p>

الأكثر قراءة