الصناعة العقارية بين المحلية والدولية (التمويل السكني) (2 من 3)
يلعب القرض العقاري دوراً أساسياً في عملية التمليك العقاري خاصة السكني منها والتي يعامل الموضوع فيها بشكل حساس وخاص وعادة ما تخضع القروض السكنية للرقابة القانونية والمالية من قبل الدوائر الرسمية المختصة (مؤسسة النقد العربي السعودي) لحفظ حقوق الأطراف المتعاملين في أي من مجالاته وعدم السماح لأي نوع من أنواع الجشع الربحي من قبل المقرض أو المخاطرة غير المحسوبة من قبل المقترض.
وهذا ما دفع المؤسسات المالية والبنوك إلى التنافس فيما بينها (وهو في مصلحة المقترض) وتقديم برامج قروض مغرية لجذب العملاء والمقترضين، لأن ربح المؤسسات المالية عادة يقوم أساساً على تقديم هذا النوع من الخدمات المالية (القروض مقابل الربح المادي).
حماية الملكية
إن من أهم الأمور التي لا يجب أن يستهان بها هو موضوع الضمان المنزلي (التأمين) ضد الحوادث الذي يكون عادة شرطاً أساسياً لتقديم القرض السكني من الجهة الممولة. إلا أن هذا الأمر يخضع بالدرجة الأولى للأنظمة والقوانين والتشريعات التي تنظم موضوع الضمان المنزلي والمنتج الاقتراضي في الدول. وبعد تملك المنزل كاملاً فقد يفضل المالك البقاء والمحافظة على الضمان المنزلي (كضمان السيارة ضد الحوادث) لحماية العقار من أي حوادث أو مخاطر قد تلحق به ويعجز المالك عن تحمل تكلفتها المادية، خاصة ذوي الدخل المحدود، وفي بعض الأحيان قد يتنازل المالك بعد تملكه للمسكن عن الضمان السكني لاعتبارات خاصة، فمثلاً قد تكون تكلفة الضمان السنوي 400 ريال لمنزل قيمته 100 ألف ريال وعند حدوث طارئ، كحريق مثلاً بسبب التماس كهربائي أو غيره قد تصل تكلفة الإصلاحات في بعض الأحيان إلى أكثر من 50 ألفا وبالتالي تعتبر دفعة الضمان (التأمين) المنزلي هي بمثابة دفعة مادية لحماية الاستثمار في ثمن المسكن.
كما تختلف الأسعار لشركات التأمين والضمان السكني بحسب التغطية المطلوبة، لذلك لا بد للمالك أو المقترض لتملك المسكن البحث عن شركات التأمين المناسبة لمسكنه، أن يقارن بين عروضها ونوعية التغطية للحوادث وقيمة التغطية خاصة عند حدوث أي طارئ، لكي يكون خياره صحيحاً وألاّ يكون عرضة للمفاجآت المستقبلية خاصة إذا ما أصاب المسكن خطر غير مشمول بحسب بوليصة التأمين.
تمويل التملك السكني
تختلف آجال القروض العقارية بحسب المدة الزمنية للقروض فيعتبر القرض العقاري من القروض الطويلة الأجل عندما تمتد فترة السداد لأكثر من عشر سنوات وقد تصل إلى 20 أو 30 سنة، أما القروض التي تراوح مدتها بين ثلاث وخمس سنوات فتعتبر قروضاً متوسطة الأجل والقروض المحددة بسنة واحدة فتعتبر من القروض القصيرة الأجل، وبالتالي فشراء العقار السكني عبر المؤسسات المالية يعتبر عادة من القروض الطويلة الأجل في كثير من الأحيان.
لذلك فإن موضوع الموافقة على القروض وقيمتها المادية وفترة سدادها تخضع لعدة شروط تضعها المؤسسة المالية المانحة للقرض وعليهم التأكد من قدرة المقترضين على سداد قيمة القروض السكنية مع أرباحها، وبالتالي يسدد كامل القرض مع أرباحه بدفعات كما يتمناها الطرفان، (جزء مادي ربحي يحققه الطرف المقرض - البنك، وجزء مادي ومعنوي يحققه المقترض بتملكه الكامل للمسكن).
إذاً فالقرض العقاري يلعب دوراً أساسياً في عملية التمليك العقاري خاصة السكني منها والتي يعامل الموضوع فيها بشكل حساس وخاص وعادة ما تخضع القروض السكنية للرقابة القانونية والمالية من قبل الدوائر الرسمية المختصة (مؤسسة النقد العربي السعودي) لحفظ حقوق الأطراف المتعاملين في أي من مجالاته وعدم السماح لأي نوع من أنواع الجشع الربحي من قبل المقرض أو المخاطرة غير المحسوبة من قبل المقترض.
وهذا ما دفع المؤسسات المالية والبنوك إلى التنافس فيما بينها (وهو في مصلحة المقترض) وتقديم برامج قروض مغرية لجذب العملاء والمقترضين، لأن ربح المؤسسات المالية عادة يقوم أساساً على تقديم هذا النوع من الخدمات المالية (القروض مقابل الربح المادي).
أنواع القروض السكنية
تقدم المؤسسات المالية عدة أنواع من القروض السكنية في السوق العقارية لجذب المقترضين لبرامجها وأهمها:
1. قروض ذات دفعات ثابتة طيلة مدة القرض.
2. قروض ذات دفعات متغيرة عند فترة زمنية معينة كل سنة، ثلاث سنوات، خمس سنوات، سبع سنوات، أو عشر سنوات.
3. قروض الإيجار المنتهي بالتمليك.
4. القروض المطابقة للشريعة الإسلامية.
وكل هذه القروض لغرض الربح المادي، لذلك ترتبط بنسبة ربح محددة أو عائد أو مردود مالي على قيمة القرض وهي القيمة الربحية للمؤسسة المالية على قيمة القروض خلال فترة زمنية معينة.
ترتبط عملية القرض العقاري بخطوة قانونية لابد منها لحفظ حق المقترض (المؤسسة المالية) وبالتالي تشترط المؤسسات الممولة وضع إشارة مالية (مرهون) على سجلات التمليك في الدوائر العقارية وقد تحتفظ المؤسسة المالية الممولة بنسخة من سند التملك الأصلي ويزود المقترض بصورة منها كما يشترط أن يكون العقار موضوع الاقتراض رهناً لقيمة القرض المالية، وفي حالة عجز المقترض عن السداد الدفعات الشهرية، ويعتبر وضعه كعاجز عن السداد (متعثر)، عندها يحق للمؤسسة المالية المقرضة بيع العقار واسترداد المبالغ المستحقة لها من قيمة القرض وجميع المصاريف التي تكبدها وإعادة المتبقي للمقترض.
وتختلف طريقة التعامل مع المقترض في حالة العجز عن السداد من مؤسسة مالية إلى أخرى بحسب القوانين والتشريعات والأنظمة المالية المتبعة والمعمول بها في بلد ما، لذلك لا بد للمقترض أن يستفسر عن أسلوب المؤسسة المالية أو الجهة الممولة من طرق التحصيل في الحالات الاستثنائية الخاصة بحالة العجز عن السداد وأن يتفهم الطرق المتبعة في مثل هذه الحالة وما يترتب عليها من آثار مستقبلية.
شروط القروض العقارية السكنية
بما إن جميع برامج الإقراض تتوخى الربح فإنها تضع بعض الشروط والأسس على عملية الإقراض خاصة تجاه المقترضين، فليس كل مقترض يمكن أن يدخل مؤسسة تمويلية ويطلب قرضاً وتتم الموافقه عليه دون القيام بإجراءات عملية محددة لحفظ مال القرض وبالتالي الحفاظ على أموال المودعين والمستثمرين في المؤسسة المالية. إن الشروط التي تطلبها المؤسسة المالية من المقترض متعددة وتتناول وضعه المادي والوظيفي والعملي وموارده المالية وكيفية إدارته لها وبالرغم من أن هذه المعلومات تعتبر شخصية وخاصة إلا أنه يجب تقديمها للمقرض بكل شفافية ليدرس ويقيم وضع المقترض المالي ويقرر الموافقة على القرض أو رفضه، ومن أهم الشروط المباشرة والمؤثرة على القروض:
1. المداخيل العائلية الشهرية، ومصادرها كوظيفة أو عمل خاص أو استثمار.
2. مجموع المصروفات الشهرية، الالتزامات العائلية المالية، لتأمين مستوى معيشي مريح.
3. قيمة الدفعة الأولى من ثمن العقار التي يرغب المقترض بالمساهمة بقيمتها، ويفضل بعض المقرضين أن تكون أكثر من 10 في المائة من قيمة المسكن وأن يكون مصدرها قانونياً ومن جهة معروفة كحساب توفير بنكي أو قرض من رب العمل أو هبة موثقة من أفراد العائلة.
4. يحدد المقترض قيمة الدفعة السكنية المريحة لأفراد عائلته ونسبتها بناء على المعلومات والبيانات التي قد أعدت من قبل، وهذه النسبة تلعب دوراً مهماً في تحديد قيمة القرض، بناء على نسبة العائد الربحي (الفائدة) التي تطلبها المؤسسة المالية في استعادة القرض مع أرباحه على امتداد الفترة الزمنية للقرض.
أما التأثيرات غير المباشرة على قرار الموافقة على القرض فتتلخص بالتالي:
1. نوع الأعمال التي يزاولها أفراد العائلة من وظائف في القطاع العام أو القطاع الخاص أو مزاولة مهن مستقلة وعدد سنوات مزاولة المهنة قد يساعد المؤسسة المالية إيجابياً في قرار الموافقة على طلب القرض.
2. مستوى أفراد العائلة التعليمي ومستوى الوظيفة وسمعة العائلة في تسديد القروض (ناتجة عن بحث عن الخلفية الائتمانية والإقتراضية) تلعب دوراً مؤثراً على الموافقة المنشودة على القرض.
3. أما الحالة الصحية غير الدائمة لبعض أفراد العائلة فلا تدخل في كثير من الأحيان من ضمن العوامل المباشرة المؤثرة للموافقة على القرض.
ولابد من توضيح نقطة مهمة وهي أن المؤسسة المالية المقرضة يهمها معرفة قدرة المقترض على سداد كامل قيمة القرض لتحفظ حقوقها وحقوق مستثمريها ومودعيها ولا يهم المؤسسة المالية استعادة المنزل أو العقار وبيعه عادة فهذا ليس من أهداف عملها بل إن عملها الأساسي تقديم القروض وتحقيق الربح المادي من خلالها فقرض قيمته 50 ألف دولار مثلاً لمدة 20 سنة تستعيده المؤسسة 60 ألفاً فيكون ربحها مثلاً عشرة آلاف دولار ، وهذا الربح الذي قد يظهر كبيراً إلا أن هذه الزيادة المادية قد تتطلبها المدة الزمنية أيضاً وإذا نقصت المدة الزمنية يقل الربح عادة وترتفع قيمة الدفعة الشهرية للسداد.
* عضو مجلس محافظة جدة
مستشار وخبير عقاري دولي
المدير التنفيذي وعضو مجلس المديرين لشركة إيواء الديرة للتطوير العقاري.
<p><a href="http://[email protected]">ammorad@ewaa.com.sa</a></p>