مركز الملك عبد الله المالي ضرورة سعودية

<a href="mailto:[email protected]">jasim.husain@gmail.com</a>

يشكل قرار إنشاء مركز مالي في العاصمة الرياض خطوة نوعية وضرورية لاقتصاد المملكة العربية السعودية، فقد تم الكشف عن الأمر حديثا في خطاب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وجاء في الخطاب, الذي ألقاه بالنيابة وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف, أن الحكومة السعودية قررت إنشاء مركز رائد للخدمات المالية. حقيقة أحسنت السلطات اختيار تاريخ الإعلان عن هذا المشروع الطموح, حيث تم الإعلان عنه أثناء انعقاد ندوة "بناء المستقبل" بتنظيم من قبل وزارة المالية وهيئة السوق المالية والهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مؤسسة (يورومني).

الهدف من المشروع
جاء في كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز "وفي إطار الجهود المبذولة لتطوير القطاع المالي سيتم إنشاء مركز مالي متطور في مدينة الرياض يضم المؤسسات المالية العاملة في القطاع مع استمرار مراجعة هيكلة القطاع وأطره التنظيمية من أجل التطوير المستمر المتوافق مع حاجات الاقتصاد المحلي وتعزيزا لقدراته التنافسية إقليمياً ودولياً والاستمرار كذلك بتشجيع القطاع الخاص لزيادة إسهامه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطوير شراكة فاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص واستكمال الأطر التنظيمية والرقابية اللازمة لذلك".
ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من إعداد الخطة الاستراتيجية للمشروع مع نهاية العام الجاري, على أن تبدأ الأعمال الإنشائية في عام 2007. وقد وعدت السلطات بإنشاء مركز الملك عبد الله المالي وفق أحدث المعايير من حيث البنية التحتية والتجهيزات والخدمات. وحسب السلطات, فإن موقع المركز سوف يكون متميزا، حيث يسهل الوصول إليه سواء من مركز المدينة أو من المطار.

مركز ضخم
يبدو أن الجهات الراعية ترغب في جعل المشروع متميزا من حيث الحجم. سوف يتم تشييد المركز على مساحة قدرها 1.6 مليون متر مربع. بالمقارنة تبلغ مساحة مركز "كناري وورف" في العاصمة البريطانية تحديدا 345 ألف متر مربع. بمعنى آخر, ترغب السلطات السعودية في جعل المركز أهم منطقة للخدمات المالية على مستوى منطقة الشرق الأوسط بدليل مقارنته بالمراكز العالمية وليس الإقليمية. وتأمل السلطات في افتتاح أكاديمية مالية في قلب مركز الملك عبد الله المالي لتدريب الشباب السعودي على آخر فنون قطاع الخدمات المالية فضلا عن مرافق متعددة للمؤتمرات المخصصة. كما سيحتضن المركز مختلف المؤسسات الرسمية المرتبطة بالخدمات المالية منها هيئة السوق المالية والبورصة، إضافة إلى فروع للمصارف ومكاتب الخبرة المالية.

مراكز مالية منافسة في المنطقة
حقيقة من حق السعودية أن تقوم بإنشاء مركز مالي متخصص للخدمات المالية تماما كما هو الحال في بعض الدول الإقليمية، بل إن الخطوة جاءت متأخرة لحد ما، نظرا لأن الاقتصاد السعودي هو الأكبر والأهم بين دول المنطقة. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 267 مليار دولار بالأسعار الجارية. بالمقارنة يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للإمارات 112 مليار دولار، لكن يلاحظ أن إمارة دبي بدأت بتنفيذ مركز دبي المالي العالمي بقيمة ملياري دولار أمريكي.
كما أن حجم الاقتصاد السعودي يزيد 24 مرة على حجم الاقتصاد البحريني، لكن يلاحظ أن البحرين قطعت أشواطا طويلة في فرض نفسها كعاصمة للخدمات المصرفية على مستوى المنطقة بأسرها. يجري العمل حاليا على قدم وساق للانتهاء من المرحلة الأولى في نهاية العام الجاري لمشروع مرفأ البحرين المالي في الميناء القديم وسط المنامة. الجدير ذكره أن مؤسسات مالية بزعامة بيت التمويل الخليجي تقوم بالترويج لمشروع مرفأ البحرين المالي والبالغ تكلفته مليار و300 مليون دولار. ومن المنتظر أن تقوم العديد من المؤسسات المالية الرسمية والأهلية مثل مؤسسة نقد البحرين والبورصة بنقل مقراتها إلى المرفأ المالي.
من جانب آخر أعلن في الدوحة قبل فترة عن خطة طموحة لإنشاء بورصة دولية للمتاجرة في منتجات النفط والغاز في إطار مشروع مدينة الطاقة في قطر. ومن المنتظر أن يتم تشغيل البورصة في غضون ستة أشهر لا أكثر. ويتوقع أن تساهم بورصة الطاقة المتخصصة في تعزيز الأنشطة المالية في قطر.

التزام بتطوير القطاع المالي
كان لافتا ما جاء في خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز الالتزام بتطوير القطاع المصرفي من هيكلية ونظم من أجل التطوير، فالتطوير مسألة جوهرية في ظل التغييرات السريعة في عالم اليوم، بل من الممكن أن يتم إدخال أمور جدية أخرى لم تكن في الحسبان عند الإعلان عن المركز المالي.
بدورنا نعتقد أن مركز الملك عبد الله المالي سوف يخدم الاقتصاد السعودي الذي ينمو بسرعة فائقة على خلفية ارتفاع أسعار النفط. تقدر نسبة نمو الاقتصاد السعودي بنحو 8 في المائة. كما أن السيولة متوافرة في السعودية بدليل توظيفها في مختلف الأدوات المالية في سوق شراء الأسهم سواء داخل المملكة أو خارجها في الدول الشقيقة المجاورة. ختاما نأمل أن يتمكن مركز الملك عبد الله المالي من فتح آفاق جديدة أمام الاقتصاد السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي