تمويل البنوك لاكتتاب الفقراء

<a href="mailto:[email protected]">f.albuainain@hotmail.com</a>

ربما تكون هذه المرة الثانية التي أعيد فيها طرح فكرة تمويل البنوك لاكتتاب الفقراء الذين لا يستطيعون ممارسة حقهم في الاكتتابات الجديدة بسبب ضيق ما في اليد، ما يحرمهم من اقتناص الفرص الذهبية التي هيأها لهم ولي الأمر من خلال مشاريع الخير والنماء. اضطررت إلى إعادة طرح الموضوع بعد أن تكشفت لي بعض المعلومات الحديثة عن أولئك الذين لم تسعفهم مقدرتهم المالية على الاكتتاب في شركة" إعمار المدينة الاقتصادية" التي كان من المفترض أن تصبح إحدى وسائل الاستثمار المهمة الموجهة لتحسين أوضاع ذوي الدخل المحدود.
دأبت البنوك السعودية فيما مضى، على تمويل اكتتاب الأغنياء بما نسبته 900 في المائة من مبلغ اكتتاب الأفراد مقابل فوائد بنكية لم تلبث أن ألغتها بسبب المنافسة. استمرت البنوك السعودية في تطبيق سياسة التمويل لغرض الاكتتاب حتى انتفت الحاجة لها نتيجة زيادة أعداد المكتتبين ما أدى إلى اعتماد نظام توزيع الأسهم بينهم بالتساوي.
يبدو أن الحاجة لتمويل الاكتتابات بدأت في الظهور من جديد لأسباب إنسانية لا يمكن تجاوزها أو السكوت عنها، خصوصا في مثل هذا الوقت الذي يشهد توجها حكوميا لتخصيص بعض القطاعات العامة، إضافة إلى طرح فرص استثمارية جديدة من خلال المدن الاقتصادية، المصارف، ومنشآت الطاقة من أجل تنمية مدخرات المواطنين، والتخفيف عنهم، وفتح قنوات جديدة يمكن لها أن تدعم استراتيجية الملك عبد الله بن عبد العزيز لتوزيع الثروة وتنمية المناطق.
على الرغم من توافر الفرص الاستثمارية الموجهة، إلا أن الواقع يثبت أن هناك شريحة مهمة من المواطنين لا تستطيع المساهمة فيها بسبب الفقر. هناك الكثير من الحلول الناجعة التي يمكن من خلالها التغلب على مشكلة فوات فرصة اكتتاب المواطنين بسبب الفقر، إلا أنني أعتقد أن نظام التمويل البنكي يمكن أن يكون أحد أفضل الحلول المتاحة لتمكين الفقراء من استغلال حقهم في مشاريع الدولة الاستثمارية.
فالبنوك التي ارتضت لنفسها، من قبل، تمويل اكتتابات الأغنياء دون فوائد لا أظنها تمتنع عن المساهمة في تمويل اكتتابات الفقراء متى طلب منها ذلك من مبدأ خدمة المجتمع، والمساهمة في إنجاح مشروع الملك عبد الله لمكافحة الفقر. الاكتتاب في مشاريع الدولة الاستثمارية يمكن أن تحقق للفقراء أرباحا مجزية تخفف عنهم مصاعب الحياة، وتساعدهم في مواجهة حاجاتهم المعيشية؛ فعلى سبيل المثال، يمكن للعائلة المكونة من 7 أشخاص أن تحقق من خلال الاكتتاب في شركة "إعمار المدينة الاقتصادية"، على سبيل المثال، أرباحا لا تقل عن 15000 ألف ريال سعودي، وهو مبلغ قد تستغله الأسرة في سداد إيجار شقة سكنية لعام كامل. هذا الربح قد يتكرر في بنك الإنماء، ومشاريع الطاقة، والمدن الاقتصادية الأخرى، ما يجعلنا نؤكد على إمكانية استغلال الاكتتابات القادمة كوسيلة دعم لمشروع الملك عبد الله لمكافحة الفقر.
أجزم بمقدرة البنوك الفائقة على تطبيق اقتراح تمويل اكتتاب الفقراء دون تحملها لمخاطر إضافية يمكن أن تؤثر مستقبلا على أموال المساهمين. فالمعروف أن الدولة رعاها الله تطرح أسهم مشاريعها دون علاوة إصدار, ما يعني استحالة بيع السهم فيما بعد في سوق التداول بأقل من قيمته الاسمية، وهو ما يعني ضمان شامل لقيمة الأسهم المخصصة، في الوقت نفسه فإن المكتتب (المقترض) لن يستطيع التصرف في أسهمه المخصصة أو فائض الاكتتاب دون الرجوع إلى البنك الممول، ما يعني ضمانة أخرى شاملة للتمويل الكلي.
أعتقد أن تمويل اكتتاب الفقراء يحتاج إلى مبادرة إنسانية تتبناها البنوك السعودية الرائدة في خدمة المجتمع - خصوصا تلك التي قدمت مئات الملايين لأعمال البر - وهي المبادرة التي يمكن أن نطلق عليها اسم "مبادرة الخير لتمويل اكتتاب الفقراء" فلعلها تكون سنة حسنة يهبهم الله أجرها وأجر من يعمل بها مستقبلا بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي