محدودية مكرر الربحية
<a href="mailto:[email protected]">zaid114@hotmail.com</a>
"مكرر الربحية" هذا المصطلح الذي يتردد على لسان أي محلل مالي مالا يقل عن مائة مرة في اليوم، ولا تكاد تخلو أي مجلة أو جريدة اقتصادية أو مالية منه، فهو معشوق المحللين والصديق الصدوق للمستثمرين. فلماذا هذا الإفراط في استخدامه وكأنه المعيار أو الأداة الوحيدة من أدوات التحليل المالي، وكيف يقوم أحد المحللين على الهواء بتوصية شراء مجموعة من الأسهم فقط لأن مكرر ربحيتها قد وصل إلى مستويات مقبولة! فهل يجب على المستثمر أن يتخلص من أي سهم يزيد مكرره الربحي عن متوسط مكرر ربحية القطاع أو السوق؟
قد لا يختلف اثنان على أهمية مكرر الربحية في تقييم المستوى السعري لسهمٍ ما، لكن نقطة الخلاف هي أن مكرر الربحية وحده دون الأخذ في الحسبان مقاييس ومتغيرات اقتصادية أخرى يعتبر عقيماُ وقد يؤدي إلى قرار استثماري خاطئ. من خلال طرحنا التالي سنتناول الشروط التي يجب توفرها في مكرر الربحية ليؤدي دوره المطلوب. أولاً، يجب أن نوجد معيارا أو مقياسا لكي نقارن به Benchmark لكل قطاع على حِدى ومن الأخطاء التي يقع بها بعض المستثمرين وبعض المحللين معاً هو أن يضع مجال Range لمكرر الربحية بشكل عام تقارن جميع الشركات به، والكثير من المحللين رغم مهنية بعضهم يتخذ 30 إلى 40 مرة دون مراعاة أن لكل قطاع خصائصه المستقلة مثل الدورة الاقتصادية التي يمر بها وتوقعات المستثمرين لتك الصناعة، فقطاع الأسمنت بشكل عام يشهد نمواً ملحوظاً بسبب المتغيرات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة بشكل عام والمملكة بشكل خاص. عادةً يتم حساب متوسط مكررات الربحية لكل قطاع ثم تقارن شركات القطاع به، لكن العائق في بعض القطاعات في السوق السعودية أنها تحتوي على شركة واحدة مثل قطاع الكهرباء وقطاع التأمين أو شركتين فقط كقطاع الاتصالات فيجب إيجاد شركات مماثلة و متجانسة نوعاُ ما من حيث رأس المال ولو كانت من خارج المملكة مع الشركات في السوق السعودية للمقارنة. ثانياً، يجب أن نأخذ في عين الاعتبار معدل نمو الأرباح المستقبلي للشركة، لأن المستثمر يستثمر ليحقق إيرادات في المستقبل ولذلك من المفترض أن تكون رؤيته مستقبلية، فالشركة التي يتوقع المستثمرون أن تحقق نسبة نمو في الأرباح المستقبلية تكون سعرياً أعلى من شركات النمو المتدني وبذلك يكون مكرر الربحية أعلى وإن تساوت الأرباح المحققة للسهم، والفرق السعري بينهما يعتبر علاوة يدفعها المستثمرون ولا يدل بالطبع على أنه تضخم سعري غير مبرر! وبهذا لا يمكن الجزم من أن جميع الشركات ذات المكررات الربحية المتدنية تعتبر أفضل من شركات المكررات الربحية المرتفعة دون مراعاة نسبة نمو الأرباح المستقبليةFuture projected earnings growth ، ناهيك عن الصعوبة التي تواجه المحلل المختص في استقراء المستقبل والتنبؤ لأرباح الشركة والذي لا يتطلب منه معرفة مالية فحسب بل اقتصادية ودولية. والجدير بالذكر هنا هو أن اتخاذ القرار للاستثمار في الشركات ذات النمو المرتفع بالأرباح ليس في كل الأحوال خاليا من المخاطر، لأن سعرها سوف يهوي بشكل دراماتيكي حين انخفاض معدل نمو أرباحها، وقد أكد ذلك الكثير من مديري الصناديق الاستثمارية في السوق الأمريكية في خلال الفترة ما بين 1996 إلى 1997 فقد حققت بعض شركات التكنولوجيا نمواً مرتفعاً في أرباحها مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير وفي العام التالي أصبحت هذه الشركات من أكبر الخاسرين، فشركة Shiva إحدى الشركات الأمريكية التي تعمل في مجال الشبكات كان مكرر ربحيتها 65 مرة في عام 1996 ولكن بعد الإعلان عن أرباحها في الربع الأول من عام 1997التي تراجعت بمعدل 40 سنتا للسهم أدى ذلك التراجع إلى انخفاض سعر السهم بنسبة 75 في المائة. فبهذا يجب أن يعي المستثمر أنه حتى الشركات ذات العوائد قد يتدهور سعرها في حين تحقيق معدل نمو منخفض مقارنةً بالفترة السابقة. ثالثاً، قد يكون متوسط مكرر الربحية للقطاع نفسه متضخماً وهذا غالباً ما يكون في القطاع المليء بشركات المضاربة مثل قطاع الزراعة في السوق السعودية. ولحل هذه المشكلة يُقارن مكرر الربحية بالسنوات أو بالأرباع الماضية مع مراعاة المتغيرات الاقتصادية وحالة السوق للسنة الحالية لأن ليس كل ارتفاع يعتبر تضخماً.
ختاماً، ليس المقصود التقليل من أهمية مكرر الربحية كمعيار وأداة من أدوات التحليل المالي لكن استخدامه وحده دون تحليل وفهم أعمق للشركة والقطاع والسوق معاً، إضافة إلى استخدام أدوات التحليل المالي الأخرى يعتبر مضللاً وقد يؤدي إلى قرارات استثمارية خاطئة.