"تطـمع في كـــل ما تســمع"

<a href="[email protected]">[email protected]</a>

اعتبر البعض وجهة نظر بحث "صدْناه بْسنْف" إصدار يوم السبت 15/4/2006 متفائلا ومبالغا في بعض مقاطعه لتباين قوة الاقتصاد السعودي أمام تحفظات مستفيدين لنشاطاته، وأن الإحصائيات المقارنة المتوافرة من وزارتي المالية والاقتصاد الوطني والإصدارات الرسمية من البنك الدولي وصندوق النقد، لواقع حالة الاقتصاد الوطني السعودي، لا يمكن أن تجعله يتقدَّم في قوته وقدراته على اقتصادات عالمية تضم الولايات المتحدة، الصين، الهند، والبرازيل .
الإحصائيات المعنية عن حالة الاقتصاد يظهر بريقها وقوة صداها من جانب الطلب المتزايد على النشاطات الاقتصادية المتعلقة مباشرة بإنتاج الزيت الخام والغاز وصناعة البتروكيماويات، التي إجمالي دخولها تزايدت لارتفاع أسعارها عالميا، وكمياتها ارتفعت مع التوسعات المستمرة في الإنتاج وتزايد الطلب العالمي ولفتح أسواق الشرق و"لحلحة" المواقف الأوروبية أمام البتروكيماويات السعودية.
التخلف الاقتصادي الاجتماعي الذي عليه المناطق النائية وعشوائية المدن وتدني مخرجات تطوير الطاقات البشرية والبطالة والعطالة وأمراض العصر الحديث لا تؤثر في القوة المادية من الدخل الريعي، وتوافر مجالات من زاوية العرض لتوظيف مُنتج للفوائض المالية بما يقلل من هدرها في مجالات استثمارية تقليدية لتدوير الفوائض وتشغيل استثمارها المربح بسرعة فاعلة في المجالات التعليمية والتثقيفية والبحثية.
ويدعم هذا التوجه قول الدكتور فاروق الباز مدير مركز أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن، "إن البحث العلمي في بلادنا لا يرقى إلى مستوى الاحتياجات، وإنه يمكن للعلماء العرب في المهجر أن يساهموا مساهمة مهمة في تصحيح المسار ودعم البحث العلمي"، ويستطرد القول "أول هذه المواضيع التكنولوجيا الحيوية، وهو موضوع الساعة في كل الدول المتقدمة، إذ تسهم المعارف في هذا المجال في تحسين صحة الإنسان إضافة إلى تطوير الدواء. الموضوع الثاني عن البيئة لمعالجة المشاكل الناجمة عن التغيرات البيئية والمناخية وإنتاج الطاقة من المصادر المتجددة مثل الشمس والرياح، وتشكل تكنولوجيا المعلومات الموضوع الثالث الذي يمثل البنية الأساسية في تقدم المعارف عالمياً" .
الموازنة السنوية للدولة تتفاوت، استنباطات أهداف ومرامي تجميع أرقامها النهائية لفوائض ونقص وتوازن أرقام إجمالي الدخل والإنفاق وفقاً لاستمرارية استدامة تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية لسنوات التشغيل المتواصل لإنجاز الخطط التنموية المرحلية مترابطة التسلسل في البناء الإنمائي الإعماري الشامل المتكامل.
الأرقام المعلنة توضح أن فائض الميزانية الحالية 50 في المائة ويمثل 15 في المائة من الدخل القومي الرسمي، ورصيده النقدي السائل لدى مؤسسة النقد العربي السعودي يوازي 50 في المائة من الدخل القومي، متوافرة لاستثماره بحكمة وحرافة في مجالات وفرص تدعم القاعدة الإنمائية، وترفع القدرات الفكرية والبشرية والبحث العلمي والمعرفة التي عطاؤها المقدر 20 في المائة إضافة في النمو لأكثر من عشر سنوات مقبلة.
المعدل الإحصائي المعلن للنمو يقارب 23 في المائة، ولا يترك ـ وفقاً لما أعلنه معالي وزير المال السعودي في أبو ظبي الشهر الماضي ـ مخاوف تضخم تذكر، بينما معدلات أسعار الأسواق للمستلزمات المعيشية والاستهلاكية تحقق من منظور المستهلكين وإقرار التجار بصحتها لأسعار الواردات زيادة تصل إلى 10 في المائة سنوياً، ومقارنة إجمالي قيمة الصادرات بالواردات تعطي فائضا سنويا يقارب 30 في المائة.
الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة أوضح مؤخراً "أن المؤشرات الاقتصادية ممتازة وتبشر بخير، وأن تدفقات العائدات على خزينة الدولة سيجعل الموازنة تسجل فائضاً متنامياً للسنة الثالثة على التوالي، ما أسهم في تنفيذ مشاريع عملاقة، وتبني خطط طموحة إضافة إلى خفض الدين العام". وأضاف بوحليقة "أن استغلال الفائض في الموازنة في حاجة إلى صندوق "موازنة الموازنة العامة"، يوضع فيه الفائض ويستخدم في تحقيق استراتيجية البلد، وبما يخدم أهدافها" .
التحسن الباهر في حالة الاقتصاد الوطني تدعمه زيادة الأسعار العالمية للنفط الخام وارتفاع كميات البراميل المصدرة. القراءات المتزنة للطلب المستقبلي تتوقع استمرار زيادته لما لا يقل عن ربع قرن بمتوسط سعر لا يقل عن 50 دولار للبرميل، ما يدعم حكمة الاتفاق على نوايا السياسة الاقتصادية الاجتماعية الحسنة للاستفادة من القوة المادية المقدر توافرها لربع قرن مقبل، واستثمارها في تطويع إيجابي علمي للمعوقات البشرية اجتماعياً وعلمياً وثقافياً ومعرفياً لتوفير العقول والخبرات والمهارات عن طريق إقامة مؤسسات التدريب والتقانة والخبرة، لتتولى المساهمة في تنمية المناطق والقطاعات الموفرة لفرص العمل عن طريق برامج تنموية واقعية متكاملة تغذي بعضها البعض، والبعد عن الأسلوب الذي نسير عليه من تشتت الجهود في مجالات كثيرة ومنفصلة دون توفيرها من ذاتها لمظلة تنموية التكنولوجيات الحديثة والعلوم الاجتماعية والمعرفية.
يقول مفكر عربي "يمثل الارتباط بين التكنولوجيات الحديثة والتقدم الاجتماعي علاقة طردية أساسية، لأن الاتجاه نحو البحث العلمي بجدية واقتناع تكون له نتائجه المباشرة على تحديث المجتمعات وازدهار الدول، ويكفي أن نتأمل الارتباط العكسي المفترض بين التوسع في استخدام الهواتف المحمولة وبين أزمة النقل والمواصلات كما نعرفها، فالتطورات الفكرية هي المظلة الحقيقية للتوفيق بين التقدم العلمي والتطور الاجتماعي". ويزيد في الإيضاح قوله "إن مقتنيات العصر وأدواته التكنولوجية المتقدمة لا تكفي وحدها، فحيازة مفردات الحياة العصرية لا تعني التقدم المطلوب ولا تحقيق الإصلاح المنشود، وحتى ادخار الأموال واستثمارها لا يكفيان، فالعبرة باستثمار العقول وتشكيل رؤية طويلة المدى لا ترتبط بوجود الثروة الطارئة".
القراءة للنشاطات الاقتصادية الاجتماعية في مجالات الحياة تطمئن لقيام حركة تشغيلية استهلاكية طموحة ربما تفوق واقع السيولة المتوافرة في الأسواق وأرصدة البنوك التجارية التقليدية وتلك المروِّجة لسلع مصرفية إسلامية والبنك المركزي بما يدعم القناعة وراحة البال بانتعاش الأعمال ومصداقية زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع حيوية متفرِّقة، قد تزيد الطلب الاستهلاكي لمواد البناء من الأسمنت والحديد، دون ترابط مع تطوير الأمور الحياتية لطبقات المجتمع وتفاوت الدخول الفردية لما قد يترك ضائقة لأصحاب الدخول المتوسطة الثابتة ولا يستفيد منها أصحاب الدخول المتدنية.
حالة الاقتصاد قوية من منظور المؤشرات النقدية والمالية المتعارف عليها دولياً بتحسن وارتفاع الدخل القومي يرتبط ارتباطاً مباشراً لارتفاع الأسعار العالمية للزيت الخام وزيادة الطلب عليه وتنظيرات المعلقين لاستمرار أحواله لصالح الدول المصدرة له لما لا يقل عن ربع قرن. الاستفادة المفضلة من فوائض الدخل في المدى البعيد لا تغفل الاستثمار لإيجاد دخول إضافية تتماشى مع الاحتياجات المستقبلية، خاصة في ضوء الزيادة السكانية المتوقعة وارتفاع مستقبلي لمعدل الأسعار للبضائع والسلع الاستهلاكية وتكاليف توظيف البطالة والعطالة المتزايدة بعد تدريبهم وتأهيلهم وتجهيزهم لفرص العمل المتوقعة في المستقبل في عالم المتغيرات والتزامات الاتفاقيات الموقعة وخاصة التجارة العالمية.
الإصلاح السياسي أوضحه قول خادم الحرمين الشريفين الأحد 4/3/1427 "إننا لا نستطيع أن نبقى جامدين والعالم حولنا يتغير، ومن هنا سوف نستمر بإذن الله في عملية التطوير وتعميق الحوار الوطني وتحرير الاقتصاد ومحاربة الفساد والقضاء على الروتين ورفع كفاءة العمل الحكومي".
طريق النماء يحتاج إلى رصف وتشييد الآليات المصاحبة والطرق والوسائل لمعرفة المتطلبات والاحتياجات، وإعداد الطاقات والخبرات والتخلص من المعطلات في طريق الإنجاز. المعطلات الأكثر ضرراً بمسيرة التنمية الاقتصادية الاجتماعية تتعلق بأسلوب تعاملاتنا وقدرتنا العجيبة في التعقيد والتعطيل لأتفه الأسباب غير المبررة، ويزيد من فداحة المشكلة وتعقيد نتائجها السالبة تعدد الجهات الرسمية لإنجاز العمل الواحد ونتائجه تتضرر سلباً لتفاوت وتناقض وتغير الاحتياجات والمسارات حتى بعد إكمال الإجراءات.
المعايشة العملية للتعامل مع الجهات الرسمية والعامة والشركات المساهمة تبين تفاوتا كبيرا في الفرضيات والادعاءات للمستويات المختلفة في الإدارة الحكومية الواحدة من داخلها وعدم الترابط الإداري بين القمة والقاعدة، وتوافر مسلسلات مضحكة مبكية للمعاناة التي يواجهها المراجعين وأصحاب الأعمال الجادين، وتعتبر هدراً مجتمعياً ضاراً ينخر في البنية المجتمعية، ويسيء لسمعة الاقتصاد ويعطل عملية الإنجاز، ناهيك عن الأضرار الجانبية. انطلاقة تأسيس صناعة التأمين أعلنتها هيئة الاستثمار في نيسان (أبريل) 1905م من منطلق مسؤوليتها تسهيل إنجاز الدوائر الحكومية دون أن تنتهي في إجراءات تسجيلها حتى نيسان (أبريل) 1906م لتبقى صناعة التأمين السعودية بعد عام ميلادي" لا مطلقة ولا معلقة، بل شاهدة على حقيقة واقعنا".
تسجيل الشركات المساهمة العامة إجراءات عرفناها بسيطة مبسطة وواضحة وتختص بها جهة حكومية معينة بعد استكمال الإجراءات النظامية من الجهات المتخصصة والغموض، معالجته كانت تتم بالتداول الهادف المؤدب بين المسؤولين الحكوميين. مؤخراً الانفتاح الاقتصادي أوجد إضافات مؤسسية للجهات الحكومية القائمة وعجز عن تنظيم تسلسل سير المعاملات والتعاملات وترتب عليها صراع يتم معالجته "توافقياً"، والتعطيل في إنهاء معاملات تسجيل الشركات المساهمة متكرر لأسباب ومبررات "هايفة" لأي من الجهات الأربعة، لتضعف تحقيق الهدف الإنمائي الذي تدفع به الدولة.
للمستويات المتدنية للأجهزة الحكومية تتبع "طريقة الأباريق" والمستويات العليا مشغولة عن نفسها، والوسطية حريصة على دعم تقليد التسويف والإحالة. التعمق في زيادة "اللت والعجن" عن الإضرار بالاقتصاد الوطني وتعطيل عملية النماء قد يؤدي إلى كشف المغطى والمحظور، بينما المطلوب "الإصلاح". التركيبة الإدارية لكثير من الأجهزة الحكومية وخاصة المتعلقة بالتنمية والاحتكاك بالجمهور تعمل بعقلية نصف قرن مضى، وتفتقد المفهوم الخدمي للتنمية للقدرات الحكومية والأهلية والمدنية. الدراسة والحوار لتوفير تقارب في المفهوم التنموي للعولمة مهم، ودونه لا يمكن التحرك ناهيك عن الانطلاقة. الشكوى من تباين الاحتياج الخدمي وطريقة الإنجاز لا تفيد ولا تجدي. القائمين على إنجاز المهمات لم يتدربوا أساساً على العمل المناط بهم، ولم تتوضح لهم المهام. الضرر المجتمعي كبير والخسارة فادحة ولا بد من الانتباه للمشكلة وتوفير الأموال اللازمة لمعالجتها علمياً وبطرق حديثة، وفاقد الشيء لا يعطيه.
توفر النية الصادقة والعزيمة المخلصة والجهود الخيرية ضمن أنماط حديثة وأطر معرفية مهم أن يدعمها رجال علم وخبرة متوافرة في بلادنا لطريق الإصلاح ودون تطبيق الجهل بطريقة علمية ولا استخدام الحركات البهلوانية. وبدون حصر لمجهودات الإبداع يحضرني أن محافظة أمانة مدينة جدة تبدو وكأنها تدخل التاريخ الحديث من بابه الضيق وبدون "إحم ولا دستور"، بعلم حديث ومعرفة وتقانة مرتبطة بمخترعات سلكية ولا سلكية لا يعيها حملة الأقلام على كثرتهم بعد أن أصبحوا مثل الهم على القلب.
الصحافة المحلية إلاَّ ما ندر مثل الأطرش في الزفة لمتابعة أحوال مدينتهم، ولتدرجها في تبني طرق علمية حديثة في حل مشاكل بيئة متراكمة لسنوات طويلة. المستقبل كشاف حتى نرى نتائج العلم والمعرفة والمثابرة والالتزام مقارنة بسنوات طويلة لتسويف الأمور وتراكم المخاطر.
الشكوى التي عليها أهالي جدة، سواء من الضنك أو مجرى السيل ظهرت وكبرت ونمت على سنوات طويلة، وأهل جدة عندما شعروا بمخاطرها وأضرارها نسوا بدايتها ووضعوا "حرَّهم" في إدارة الأمانة القائمة بعد أن "ضاقت خلقهم " لمرور عام دون وقوفهم على نتائج العهد "المعرفي الحديث"، ومتأثرين بالسلبية التي عليها الصحافة المحلية تجاه الأمانة، والرغبة في أن يروا تحسناً في أحوال مدينتهم من البعوض والنفايات والنظافة .. إلخ. الحق معهم لعجز الأمانة عن وصول أخبار منجزاتهم والوقوع فريسة أخبار "مضللة أو هاجدة" من الصحافة المحلية التي علمها وعلومها تقف عند اصطياد الأخطاء، وعجزها فهم أن طريق النماء يحتاج فكرا وعلما وزمانا.
بعض الطروحات الصحافية والأعمدة الفكرية تظهر وكأنها تكتب من فراغ أو للإضرار بأشخاص بدلاً من تقييم الأعمال. الصحافة المحلية لا تستطيع مساندة مرحلة البناء التنموي من منطلق مسؤولية معرفة البرامج والأعمال ونقدها ونقل المعلومة للقارئ في غياب المعلومات من أمانة محافظة مدينة جدة.
غياب المعلومات لا يعفي الصحافة من مسؤوليتها دعم المجهود ونقل المعلومة الصادقة للقارئ، وهذا ما لم تنجح في تقديمه صحيفة "المدينة المنورة" في أكثر من سبع تغطيات صحافية لتقول "الأرقام الفلكية التي حصدها المطربون في عام واحد ما بين 17 مليونا لعمرو دياب و16 مليونا لنانسي عجرم وما بينهما من ملايين غيَّرت حسن بيف باف من قسم المكافحة في أمانة جدة، ففكر جدياً في عمل أوبريت غنائي يستعرض فيه مسيرة الأمانة في مقاومة البعوض. (فُلَّه) سرَّبت خبراً بأن الموسيقار العالمي (عادل أبو قرصة) قام بتلحين العمل، فيما كتب كلماته الفنان (سامي أبو الدماغ)، وتم استدعاء الفنانة (حشرية بلاعة) من إحدى دول الجوار لغناء الأوبريت. وعن الكلمات قالت (فُلَّه) أن مطلع الأوبريت يقول (أحب أمانة جدة وأحب الصحة كمان، وبعشق تصريح أبو راس والغامدي الفنان ويقول العالم كله بعوضتنا في أمان) .
حمى الضنك ومجرى السيل قليل من كثير يتطلب المواجهة والمعالجة وتجنب التكرار، ما يوفر القناعة أن النشاط الذي عليه أمانة محافظة جدة ليس قاصرا على مشكلة معينة بقدر أنه الأسلوب العلمي الحديث في التقدم والنماء ضمن القدرات والإخلاص والأمانة المتوافرة.
دور الصحافة المحلية في دعم التقدم التنموي حيوي، وأمانة في أرقابهم، و(التريقة) على شباب البلد المتعلم المثقف بعد أن توافرت لهم الفرصة للإبداع جرم لا يغتفر. التصدي لعدم تكرار هذه الإسقاطات موقف وطني يفرض على كل من تعرَّض لهم بالاسم أو الغمز لانقضاض (البعوضة)، أن يشتكي أمام قضاء الجهة الرسمية ويطالب بحقه في الضرر الاجتماعي وما سببه من سمعة سيئة لمرفق الأمانة المهم .. والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي