مصرف الإنماء ـ للفقراء .. 100 مليار ريال هدية الملك عبد الله لشعبه
<a href="mailto:[email protected]">abdulrahman@zamil.com</a>
فاجأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز شعبه بالأمر بإنشاء مصرف يعمل وفقا للأساليب الشرعية باسم مصرف الإنماء برأسمال 15 مليار ريال وعلى أن يطرح 70 في المائة من رأسماله للمواطنين بسعر السهم عشرة ريالات, وعدد الأسهم المطروحة ستكون مليار و50 ألف سهم, وبالفعل, تم إصدار قرار بذلك من مجلس الوزراء برقم 42 وتاريخ 27/2/1427هـ.
ولهذه المفاجأة آثار إيجابية على المواطنين والسوق من أهمها:
أولا, لنبدأ بهدية خادم الحرمين الشريفين, هل بالفعل 100 مليار ريال, عندما أمر ـ أطال الله في عمره ـ أن يطرح مليار و500 ألف سهم بسعر عشرة ريالات فإن قيمة هذا السهم السوقية بعد طرحها ستكون 100 ريال للسهم, أي بقيمة سوقية قدرها 100 مليار ريال على الأقل في الأسابيع الأولى حسب تجربة سوقنا المالية عند الطرح الأولي. فالسهم تزداد قيمته عشر مرات في المؤسسات المالية بعد الطرح. وإذا انتظر كل المساهمين وخاصة الفقراء ولم يتسرعوا في البيع فإن هذه الهدية قد تصل إلى 200 مليار ريال لهذا الشعب المحب لمليكه ووطنه خلال السنة الأولى, وهذه الطبقة الفقيرة بحاجة ماسة إلى مثل هذه المبادرات الإيجابية من قيادته لتوزيع الثروة والتي بدأت تتركز في أيد قليلة.
ثانيا, إن طرح أغلبية أسهم المصرف للمواطنين هي مشاركة فعلية للمواطنين في ملكية وإدارة إحدى أكبر المؤسسات المالية في المنطقة, وهذه رسالة واضحة للمؤسسات الثلاث الذين أكرمهم الملك بميزة التأسيس بأن يكون 70 في المائة من أعضاء مجلس الإدارة الأول من ممثلي المكتتبين, أما الـ 70 في المائة من الأسهم وهم من المواطنين المؤهلين والمتخصصين في الأمور المالية وليسوا من موظفي هذه المؤسسات.
ثالثا, إن تسمية ثلاث مؤسسات عامة, وهي التأمينات الاجتماعية ومؤسسات التقاعد وصندوق الاستثمارات العامة كمؤسسين هو اختيار حكيم ليس رغبة من قبل الحكومة للسيطرة على البنك, وإنما لتفادي الإحراج الذي تواجهه الجهات المسؤولة عند الترخيص لهذه البنوك بعد أن كثرت طلبات كبار القوم من رجال الأعمال وغيرهم للحصول على تراخيص لإنشاء المؤسسات المالية والتي نحن بحاجة إليها مما عطل أي خطوة نحو الترخيص لأي مؤسسة مالية ومما أعاق تطوير هذا القطاع في سوقنا الكبيرة ذات الـ 300 مليار دولار دخلا قوميا, والذي يسكنه 23 مليون مواطن ومقيم ويخدمه فقط عشرة بنوك, في حين أن مجموع عدد البنوك التي تخدم كلا من سكان الإمارات 49 بنكا, عمان 14 بنكا, قطر 12 بنكا, البحرين 34 بنكا, الكويت 11 بنكا, الأردن 21 بنكا, ولبنان 28 بنكا, ودخلهم القومي المجمع لا يتعدى 188 مليار دولار وعدد سكان هذه البلدان مجتمعة 19 مليون نسمة ويخدمهم نحو 199 مؤسسة مالية.
رابعا, إن تسمية هذه الجهات الثلاث لا يعني أنهم أصحاب المبادرة وإنما صاحب المبادرة هو خادم الحرمين الشريفين الذي طرح هذه الفكرة على المجلس الاقتصادي الأعلى مباشرة حلا للمعضلة السابق ذكرها. وأيدها وسار على تنفيذها معالي وزير المالية مشكورا. ولقد تكرم خادم الحرمين الشريفين بتسمية هذه الجهات لأنها تمثل عموم المواطنين فقراء وغيرهم. فالتأمينات تمثل كل العمالة العاملة في القطاع الخاص من السعوديين والتقاعد تمثل كل الموظفين السعوديين في الدولة, إنما الاستثمارات العامة فهي تمثل الملكية العامة للجميع .. لذا فالاختيار صائب وحل لمشكلة المنافسة بين أصحاب الأعمال على التراخيص مؤقتا.
خامسا, أسعدني ما قرأته في الصحف المحلية حول إعلان تأسيس المصرف, حيث إن هذا المصرف (سيقدم خدمات التمويل والتسهيلات على أساس المشاركة بالربح والخسارة ..), مما يعني بالفعل على أسس شرعية حسب رغبات القيادة وتوقعات المواطنين وعلى المؤسسين ومؤسسة النقد أخذ ذلك بعين الاعتبار وإصدار النظام ليكون مماثلا بالضبط لما صدر في النظام الأساسي لبنك البلاد والذي تمت الموافقة عليه من مؤسسة النقد ثم طرح أخيرا للجميع, مما شجع كل المواطنين على الاكتتاب وهذا ما يتطلع له القائد صاحب المبادرة.. وأي لبس وعدم الوضوح في أسلوب عمل المصرف سيخلق إحراجات ومشاكل عند الطرح مما قد تضطر القيادة للتدخل.. وهذا ما لا نريده .. وسوقنا لا تتحمل الاجتهادات غير المدروسة, لأن عدم موافقة أصحاب الفضيلة المشايخ على أسلوب عمل المصرف سيؤدي إلى مشكلة واضحة. وكما هو واضح عند طرح كل شركة مساهمة, يحاول مؤسسيها ومطوريها الالتزام بالأمور الشرعية رغبة في تشجيع كل المواطنين المساهمة فيها.
سادسا, إن أروع ما جاء به هذا القرار هو طرح أسهم المصرف مباشرة للجمهور والتي سينعكس إيجابا على المساهمين والسوق المالية, أما مقولة تأخير هذا الطرح حتى يبدأ المصرف في تحقيق أرباح فهذا رأي بعيد عن الواقع خاصة بعد تجربة بنك البلاد والذي طرح هذا العام وحقق أرباحا تشغيلية من أول ربع سنوي بلغت نحو 100 مليون ريال, على الرغم من ضخامة المصروفات التأسيسية التي تكبدها المصرف.. والتي تعكس مصداقية ونزاهة إدارة هذا البنك هي نتيجة إدخار المواطنين لأموالهم في هذه البنوك دون طلب فوائد عليها في حين أن البنوك تحقق عوائد مجزية وتعود لملاك هذه البنوك.
وأخيرا, كلمة أهمسها في أذن والد الجميع الملك عبد الله وهي رغبتنا في رؤية مصارف مماثلة على أصغر حجم (ولتكن ثلاثة مليارات ريال) في المناطق النامية مثل: جازان, حائل, المدينة, بريدة, والهفوف, وبنفس المؤسسين وأسلوب العمل الشرعي نفسه, وذلك لعدم وجود أي مراكز رئيسية لأي من البنوك القائمة فيها مما سيساعد على خدمة صغار المستثمرين والمتعاملين في مثل هذه المناطق.. وذلك بأسلوب تدريجي وبمراحل مدروسة.
شاكرا لخادم الحرمين الشريفين هديته البالغة 100 مليار ريال لمواطنيه المساهمين وهديته ما يقارب من 30 مليار ريال لكل العمال السعوديين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية وكل الموظفين السعوديين في مؤسسة التقاعد وللشعب عموما من خلال صندوق الاستثمارات العامة, وشكرا لوزير المالية على حُسن متابعته في تطوير هذا المصرف.
والله الموفق