قراءة في خطاب الوزير القصيبي حول التدريب

<a href="mailto:[email protected]">Jasim.husain@gmail.com</a>

تضمنت الكلمة التي ألقاها غازي القصيبي وزير العمل في المملكة العربية السعودية حول خصائص التدريب, الكثير من النقاط الحيوية التي تستحق الوقوف عندها ومناقشتها. جاءت كلمة الوزير في سياق المؤتمر الثالث والثلاثين للاتحاد الآسيوي لمنظمات التدريب وتنمية الموارد البشرية "إي آر تي دي أو", التي استضافتها المنامة في الفترة ما بين 9 إلى 12 نيسان (أبريل) الجاري بتنظيم من جمعية البحرين للتدريب والتطوير. وكان القصيبي هو المتحدث الرئيسي للمؤتمر. تركزت الكلمة, التي ألقيت باللغة الإنجليزية, حول "قوانين التدريب العشرة للقصيبي".
بداية أهدي الوزير القصيبي كلمته إلى روح المرحوم يوسف الشيراوي الذي كان قد تقلد عدة مناصب وزارية في البحرين. وكان الاثنان مرتبطين بعلاقة صداقة امتدت عدة عقود من الزمان. وأشار معالى الوزير إلى أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها في البحرين بعد رحيل صاحبه.
وكعادته لم يفوت القصيبي فرصة إمتاع الحضور ببعض الطرائف بين الحين والآخر. فمن جملة ما قاله أن تغيير الوظائف في الصغر يعني فيما يعني اكتساب الخبرة, أما تبديل المهام في الكبر دليل عدم القدرة. وكان الوزير بذلك يرد على مقدم البرنامج الذي بدوره عدد المناصب التي تقلدها القصيبي طوال مسيرته العملية. ويعتبر هذا الكلام دليلا آخر على تواضع الأستاذ والمدير والسفير والوزير غازي القصيبي. يركز بقية مقالنا على مبادئ التدريب عند القصيبي.

كهربائي وليس حلاقا
يدعو القانون الأول إلى التركيز على توفير التدريب لمهن مقبولة من الناحية الاجتماعية مثل الكهربائي. ويكمن السر في ذلك إلى أن الكهربائي ينظر إليه على أساس أنه مهندس بطريقة أو أخرى. لكن الأمر لا ينطبق على مهن أخرى مثل الحلاق. حقيقة لا يمكن إنكار أهمية السمعة الاجتماعية للمهن المكتسبة, خصوصا في المجتمعات الخليجية التي تتسم بالترابط الاجتماعي.
في المقابل يؤكد القانون الثاني أهمية جعل التدريب مصدر فخر في حد ذاته. فالمطلوب في هذه الحالة توفير البيئة اللازمة حتى يحصل المتدرب على هذا الشعور. المؤكد أنه لا يمكن إنكار هذه الخاصية نظرا لأهمية العامل النفسي في تحقيق النتائج المرجوة.
ويؤكد القانون الثالث للتدريب حول حقيقة مفادها أن عملية التدريب تكون أكثر قبولا وشهرة في حال تنفيذها بواسطة مؤسسات عملاقة مثل "أرامكو وسابك". المؤكد أن الشركات الكبيرة تمتلك القدرات للقيام بعمليات تدريب متكاملة وبصورة مستدامة.

التدريب لوظائف محددة
ويؤكد القانون الرابع مسألة أن التدريب الذي يوفر وظيفة مضمونة يكون أكثر قبولا. بمعنى آخر, فإن المطلوب التشديد على ربط عملية التدريب بوظائف محددة بدل التركيز على العموميات.
من جهة أخرى, يرى القانون الخامس أن من غير الصواب أن يتم إسناد مهمة التدريب إلى شخص سوف يفقد وظيفته في حال نجاح المتدرب. أي من غير المعقول توقع الإخلاص من العامل الأجنبي الذي يطلب منه تدريب مواطن يحل محله في الوظيفة نفسها. فهذه صفة إنسانية لا يمكن التغاضي عنها في أي حال من الأحوال.
ويؤكد القانون السادس توفير فرصة التدرب في الخارج. المؤكد أن التدريب في الخارج له نكهة خاصة حيث يحمل في طياته الكثير من المعاني منها أهمية الموظف بالنسبة إلى المؤسسة.
ويؤكد القانون السابع أهمية التخطيط في البرنامج التدريبي. فالمطلوب إعداد برنامج متكامل من حيث الأفكار والتخطيط والتنفيذ. فليس من الصواب أن يتم صرف الأموال والوقت والجهد في أمور غير واضحة المعالم.
ويرى القانون الثامن أن البرنامج التدريبي سيكون أكثر فعالية في حال القيام بجهد مشترك بين القطاعين العام والخاص بدل أن يركز كل قطاع على حدة. ويكمن السر في أن القطاع العام في العادة يكون أكثر كرما. أما ميزة القطاع الخاص فتكمن في استيعابه المهارات المطلوب توافرها. ورأى محدثنا أن مثل هذه البرامج تعتبر مشهورة في المملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي.

التدريب استثمار للمؤسسات
ويشدد القانون التاسع على أهمية أن ترى المؤسسات أن التدريب يعد استثمارا ينصب في مصلحة المنظمات والشركات في نهاية المطاف. واستشهد الوزير بفقرة منسوبة إلى نجله سهيل, الذي يمتلك مؤسسة تجارية في البحرين. فحسب سهيل القصيبي فإن الشركات التجارية في المنطقة ستتمكن من تعزيز الإنتاجية وربحيتها في حال إذا استثمرت في تدريب موظفيها. وتشمل الفوائد الأخرى للتدريب تحسين نفسية الموظفين حيث إنهم يحسون بأنهم مهمون, الأمر الذي سوف يساعد على التقليص من بعض الظواهر السلبية مثل الغياب وترك المؤسسة. وعلى هذا الأساس بمقدور الشركة توفير المال على المدى البعيد بسبب عدم وجود الحاجة إلى جلب موظفين جدد ومن ثم تدريبهم.
وأخيرا يدعو القانون العاشر إلى عدم الأخذ بقوانين القصيبي للتدريب إلا في حال عدم توافر البدائل.
ختاما يلاحظ أن العامل المشترك بين (قوانين التدريب العشرة للقصيبي) هو التشديد على العامل النفسي. ختاما نعتقد أن نظرية معالي الوزير حول التدريب تستحق المزيد من الدراسة والتمحيص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي