جني الأرباح .. والرفق بالمتداولين

جني الأرباح .. والرفق بالمتداولين

<a href="mailto:[email protected]">tareq@albassam.com</a>
شهدت سوق الأسهم الأسبوعين الماضية تذبذبات حادة وهبوطا في الأسعار تجاوز 20 في المائة, ومن المتوقع أن تشهد السوق هذا الصيف المزيد من التذبذبات الحادة خلال الفترة المقبلة، التي ستزيد من لهب حرارة الصيف, إضافة إلى التحركات العسكرية الملتهبة هذه الأيام في المنطقة.
يعتقد البعض أن جميع ما يحدث في سوق المال طبيعي ويحدث في جميع أسواق المال في العالم، ولكن الحقيقة أن ما يحدث في سوقنا بشكل خاص وأسواق الخليج بشكل عام يعتبر شيئا غير طبيعي مقارنة بأسواق المال في العالم التي يبنى صعودها وهبوطها على عوامل ومؤشرات اقتصادية عدة مؤثرة.

إن جميع العوامل والمؤشرات الاقتصادية في المملكة خاصة وفي دول الخليج عامة تعتبر أكثر من إيجابية, بل إذا صح التعبير, فهي في أوج عصرها الذهبي, وتتلخص فيما يلي:

1- ارتفاع أسعار النفط وزيادة الطلب عليه.
2- استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية.
3- البدء في إنشاء مدن اقتصادية وصناعية.
4- التوجه لضخ فائض الميزانية الكبير لسداد الدين العام.
5- الأرباح الجيدة التي حققتها البنوك والشركات المساهمة في نصف العام الحالي الأول.
6- ارتفاع النمو والأداء الاقتصادي الذي تجاوز المعدل الأعلى المحقق على مدى العقدين الماضيين.
7- التوسع في الإنفاق على مشاريع استثمارية مختلفة, خاصة في المجالات التعليمية والصحية.

في ظل ما تم ذكره أعلاه من عوامل ومؤشرات اقتصادية إيجابية من المفترض ألا يحصل في السوق ما هو حاصل هذه الأيام، بل إن تكون سوقنا في حالة استقرار ووضوح للجميع ولكن التفسير الوحيد لما هو حاصل في السوق لا شك أنه مرحلة جني أرباح عنيفة تسببت في هبوط عنيف للمؤشر.
جرت العادة في كل هبوط جديد لسوق الأسهم أن يستنجد المتداولون في السوق بمطالبة هيئة سوق المال بالتدخل لإيقاف الهبوط في السوق، علما أن هيئة سوق المال قامت بأداء دورها وواجباتها ومازالت مستمرة في ذلك، وليس من مصلحة الجميع أن تلعب هيئة السوق دورا أكبر من ذلك، وبدلا من توجهنا إلى الهيئة مباشرة عند كل مشكلة هبوط تواجهنا، فإنه من الأجدى تعاون الجميع لمحاولة معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الهبوط العنيف لإيجاد حلول له، وكذلك على جميع المتداولين, خصوصا الكبار منهم, متمثلين في صناديق البنوك وشركات الوساطة والمضاربين دون استثنئاء مراجعة دورهم في هذا الهبوط والالتزام بأخلاقيات السوق.
من الملاحظ أن طبيعة التداولات في سوقنا تغيرت وأصبحت عمليات البيع والشراء في سوقنا جماعية, وإحدى المشاكل الرئيسية في السوق أنها تتحرك ككتلة واحدة صعوداً وهبوطاً ودخولا وخروجاً, وذلك بفضل نجاح عمليات الشائعات، والتوصيات، واستغلال انعدام الوعي والمعرفة الاستثمارية لدى المتداولين, مما أدى إلى أن تصبح السوق سوقا موجهة وذات اتجاه واحد فقط يسير فيها الجميع دون وعي وتفكير.
إن ما يحدث في السوق ليس مرتبطاً بالعوامل والمؤشرات الاقتصادية ولا بالأحداث الجارية في المنطقة ولكن له ارتباط بقوة السوق, وتحديداً بالمضاربين وصناديق البنوك الذين يسعون إلى خفض الأسعار بعنف ومن ثم الشراء لتحقيق مكاسب كبيرة على حساب صغار المتداولين.
ستظل السوق رهينةً التذبذبات الحادة بتأثير من كبار المضاربين وصناديق البنوك في السوق الذين يلعبون بمدخرات العباد واقتصاد البلاد. إن جني الأرباح حق مشروع لجميع المتداولين ولكن استمرارهم في جني الأرباح بعنف سيصعب بشكل كبير دخول سيولة إضافية إلى السوق ويجعل من سوقنا سوقاً يكتنفها الكثير من المخاطر رغم خطط زيادة الشفافية فيها. وتكرار سيناريو الارتفاع ثم التراجع بعنف لا يمكن أن يكون في مصلحة أحد ولن يخدم المتلاعبين أنفسهم على المدى الطويل بعد أن يفقد جميع فئات المتداولين الثقة بسوق الأسهم.

الأكثر قراءة