مخالفة المرور ليست جناية!
يوضع القانون – أي قانون – لتنظيم حركة الحياة والناس.. وبلا قوانين تصبح الحياة فوضى.. ويجور الناس بعضهم على بعض، ويختلط الجاني بالمجني عليه.. فلا تعرف أيهما هذا وأيهما ذاك.
وقانون المرور – أو نظام المرور – مهم جدا في عالم أصبحت فيه السيارات ضرورة قصوى من ضرورات الحياة.. ولهذا فإن هذا النظام يخضع للتبديل والتعديل بين الحين والحين.. ولا بأس بهذا ما دام يصب في المصلحة العامة.. ولكن هناك قاعدة قانونية تقول إن العقوبة لا بد أن تتناسب مع الجرم.. فليس معقولا –مثلا – أن تحكم بالإعدام على شخص سرق قطعة لحم أو كيلو خيار.. وتحكم بالسجن عاما على شخص قتل شخصا عامدا متعمدا.. وفي نظام المرور الحالي يتم حجز المخالفين لحين تسوية موقفهم من المخالفة.. وهم يحشرون في قاعة ضيقة عارية من الأثاث، وقد يتم حجز 40 مخالفا في مكان لا يتسع لعشرة في غرفة التوقيف.. وفي هذه الغرفة الضيقة تهدر حرية الإنسان وربما كرامته، بما في ذلك سحب جوال الموقوف فلا يسمح له الاتصال بأهله وهو إجراء قد يتم مع جاسوس أو متهم من عتاة المجرمين.. أما مع موقوف لأنه ارتكب مخالفة مرورية فذلك شيء لم نسمع به في العالم كله.
والمجتمع كله يتحدث عما حدث للمهندس " زكي محمد فارسي" مع مرور "جدة" وهو ما نشرته الصحف وتناوله بعض الزملاء.. فقد روى المهندس "فارسي" ما شاهده في غرفة التوقيف من مواطنين افترشوا الأرض وجلسوا أو ناموا على البلاط، وهي عقوبة تتم بلا محاكمة.. إنما مجرد إجراء لا يراه القائمون على المرور ولا يهتمون بالتوسعة مع المخالفين واحترام آدميتهم.
وثمة جدل واسع الآن بين رئيس مجلس السلامة المرورية في مدينة الملك "عبد العزيز" الدكتور "علي الغامدي" واللواء "فهد البشر" مدير عام المرور.
ويبدي الأول اعتراضه على حجز المخالفين بلا محاكمة في غياب المحاكم المرورية وهو يعترف بنزاهة رجال المرور إلا أنهم بشر يخطئون.. بينما يرى السيد اللواء ضرورة حجز المخالفين لحين إقرار النظام الجديد للمرور والقائم على النقاط والمعمول به في أكثر دول العالم ونحن نؤيد الدكتور "الغامدي" فيما ذهب إليه.. فالمخالفة المرورية مهما كانت ليست جناية سالبة للحرية والكرامة.