(1) مدينة الملك عبد الله الاقتصادية
<p><a href="mailto:ali-alajlan@yahoo">ali-alajlan@yahoo</a>.</p>
يتنافس جميع الدول مع اختلاف توجهاتها السياسية على اجتذاب الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية وتفتخر كثير من الدول بحجم الاستثمارات الأجنبية والمبالغ المستثمرة فيها، وأصبحت هناك تسمية سياسية استثمارية بالدول الجاذبة للاستثمار وهي التي تقوم بتسهيل الإجراءات والقوانين الداعمة للاستثمار والاستفادة من المميزات والإعفاءات التي تقدمها الدولة للمستثمرين، والدول المنفرة للاستثمار وهي التي تضع العراقيل والصعوبات في وجه المستثمر، وقد مرت بعض الدول بتجارب عديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية وكانت تعتمد إستراتيجيتها الاستثمارية في بدايتها على التجريب والاستفادة من الإمكانيات المتاحة لديها وتوصلت إلى أنه لا يمكن تحقيق تنمية استثمارية متوازنة إلا من خلال المدن الاقتصادية باعتبارها من أفضل السبل للاستثمار وجذب رؤوس الأموال لتنمية الاقتصاد الوطني وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين بزيادة فرص العمل.
وتعتبر المدن الاقتصادية واحدة من أهم المغريات لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتسهيل الإجراءات على المستثمرين وسرعة البت في الطلبات والحصول على التراخيص وغالبا ما تصدر الدولة التي بها مدن اقتصادية أنظمة وتشريعات مختلفة تحفز على الاستثمار في هذه المدن لتساهم في تحقيق النجاح للشركات والمؤسسات المستثمرة، وقد استطاعت المملكة بفضل من الله أن تحقق إنجازات غير مسبوقة في الإصلاح الاقتصادي وكانت على رأسها الموافقة السامية على إقامة المدن الاقتصادية التي سوف تنطلق المملكة من خلالها إن شاء الله إلى العالمية لما تحققه من تنمية اقتصادية متطورة حسب المقاييس العالمية وسوف تقوي المدن الاقتصادية من بروز المملكة كوجهة استثمارية عالمية مع القدرة على المنافسة مع الدول الأخرى لجذب الاستثمارات الأجنبية إليها للمميزات التي تحظى بها المملكة ومنها الموقع الجغرافي والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي وتوافر المواد الخام الأساسية إضافة إلى البنية التحتية.
وتقع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية غرب المملكة بالقرب من مدينة رابغ الصناعية وتبلغ مساحتها 55 مليون متر مربع على شريط ساحلي بطول 35 كلم.
وقد بدأت الأعمال الإنشائية فيها اعتبارا من 21 كانون الأول (ديسمبر) 2005 ومن المتوقع بداية أعمال الشركات والمؤسسات وسكن الموظفين فيها في حدود 24 إلى 36 شهرا المقبلة حسب إفادة بعض المسؤولين ويبلغ حجم الاستثمار في مدينة الملك عبد الله 100 مليار ريال ويعتبر من أكبر مشاريع الاستثمار في المدن الاقتصادية على مستوى العالم وسوف تعزز هذه المدينة من مكانة المملكة كدولة جاذبة للاستثمار على المستوى العالمي ويزيد من مكانتها وسمعتها الاستثمارية وقد ساهمت هيئة الاستثمار العامة في توفير التسهيلات والإجراءات من خلال مركز الخدمة الشاملة لتوحيد استقبال الطلبات وإكمال الشروط الواجب توافرها والبت فيها ومن ثم الحصول على التراخيص مما يضفي على عملية الاستثمار في المدينة قدرا من السهولة والتيسير.
وما نتمناه من هيئة الاستثمارات العامة فتح المجال لرجال الأعمال في عضوية مجالس إدارة المدن الاقتصادية وعدم حصر العضوية بأعضاء الهيئة أو موظفيها للاستفادة من خبرات رجال الأعمال ولقربهم من الممارسات التجارية وما يعترضها من صعوبات وما تحتاجه من حلول، علما بأن أغلبية أعضاء هيئة الاستثمار في بعض الدول من رجال الأعمال ومن أصحاب الخبرات الذين يساهمون في تذليل العقبات على المستثمرين لما فيه من مصلحة وطنية مستقبلية.
وتضم مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ست مناطق استثمارية رئيسية وهي:
المنطقة الأولى: الميناء البحري بمساحة إجمالية تبلغ 2.6 مليون متر مربع وبمواصفات عالمية وتجهيزات تقنية حديثة وقدرات تشغيلية عالية وبحجم استثمارات كبيرة.
المنطقة الثانية: المنطقة الصناعية بمساحة إجمالية تبلغ ثمانية ملايين متر مربع لتلبية احتياجات الشركات الصناعية ويتوقع أن تجتذب استثمارات كبيرة ورؤوس أموال ضخمة، كما أنه يعول عليها في خلق فرص عمل عديدة للشباب السعودي.
المنطقة الثالثة: المرافق السياحية وهي مجموعة الفنادق والشقق الفندقية التي تخدم المدينة الاقتصادية وتحتوي على 3500 غرفة إضافة إلى مجموعة متكاملة من الخدمات الفندقية والأندية الرياضية.
المنطقة الرابعة: الجزيرة المالية بمساحة إجمالية تبلغ 500 ألف متر مربع ومستهدف جذب المؤسسات المالية والبنوك العالمية وشركات الوساطة الدولية ومكاتب الاستشارات المالية وتحتوي الجزيرة على مركز للمعارض والمؤتمرات وسوف يتم تشييد برجين الأول يتألف من 100 طابق والثاني من 60 طابقا ويتوقع أن يصل عدد العاملين في الجزيرة المالية قرابة 60 ألف موظف.
المنطقة الخامسة: الأحياء السكنية وتضم ثلاثة أحياء الأول في وسط المدينة والثاني على الكورنيش والثالث يتكون من فلل فخمة ومزودة بمراسي خاصة لليخوت والقوارب وقد روعي في الأحياء السكنية أن تلبي متطلبات جميع الاحتياجات السكانية.
المنطقة السادسة: المدينة التعليمية وهي الرافد الرئيسي لتهيئة الكوادر المؤهلة لإدارة المدينة الاقتصادية وما تتطلبه من اختصاصات مهنية لسد حاجة المدينة من سوق العمل.
وما نتطلع إليه من القائمين على هيئة الاستثمار العامة تسخير جميع الإمكانات وتهيئة الظروف وتذليل الصعاب من أجل إنجاح هذا الإنجاز الجبار (مدينة الملك عبد الله الاقتصادية) لمصلحة هذا الوطن ولتحسين مستوى المعيشة للمواطن السعودي ولخدمة الأجيال المقبلة ولخلق فرص عمل جديدة ولتمكين الاقتصاد الوطني من الوقوف صامدا أمام التكتلات الاقتصادية العالمية.
ولا يمكن لهذا المشروع الجبار أو لباقي المدن الاقتصادية أن تحقق تطلعات القيادة السعودية وأن تساهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية الوطنية وأن تحقق للاقتصاد الوطني النمو والازدهار وأن تبقي الآمل للأجيال المقبلة إلا بنزع رداء الروتين الحكومي وبوائد البيروقراطية المميتة لكل ما هو جديد وبكسر جميع العقبات التي تقف أمام الإصلاحات الاقتصادية والاستفادة من تجارب وخبرات الدول التي سبقتنا في جذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة المدن الاقتصادية.
ولن يتأتى ذلك إلا بإرادة قوية وقد قاد هذه الإرادة خادم الحرمين الشريفين برئاسته للمجلس الاقتصادي الأعلى وبصدور عدد من قرارات الإصلاح الاقتصادي ومنها المدن الاقتصادية كما أن صدور قرار مجلس الوزراء بإسناد إدارة المدن الاقتصادية إلى هيئة الاستثمار يعتبر تشريفا لها وثقة من الدولة في قدرتها على إدارة هذه المشاريع ويتطلب ذلك إدارة إبداعية خلاقة تسعى إلى المصلحة الوطنية وتتطلع إلى كل ما يمكن هذه المدن من النجاح والنمو وتنظر إلى المستقبل كهدف تسعى إلى تحقيقه لمصلحة الأجيال القادمة وتهدف إلى خلق فرص وظيفية حالية للشباب ومستقبلية للأجيال.
والله الموفق،،