جامعة الملك سعود بين الحصانة والمسؤولية
تعتبر جامعة الملك سعود من أكبر الجامعات على مستوى المنطقة والعالم من حيث عدد الطلاب والطالبات، وقد تكون الأكبر إطلاقاً من حيث المساحة، ولكن كبر حجمها العددي لا يقابله تميز في ما تقدمه الجامعة من خدمة لطلابها أولاً وللمجتمع ثانياً.
إن الغالبية العظمى من طلاب الجامعة يتذمرون من الأسلوب التعليمي الجاف الذي تنتهجه الجامعة وعدم المبالاة بمستقبل هؤلاء الطلبة من قبل الكثير من المحاضرين. كما أن الحصانة العامة التي تمنحها الجامعة لأعضاء هيئة التدريس فيها لا يقابلها اهتمام صادق بمعاناة الطلبة واحتياجاتهم، كما أن اهتمام الجامعة بالبحث العلمي وتشجيعه لم يرق إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه جامعة بهذا الحجم.
لقد لفت نظري قبل عدة أيام برنامج بثته القناة الرياضية في التلفزيون السعودي، وكان معظم وقت البرنامج مخصصاً لآراء الطلبة حول الجامعة وأنظمتها وطرق التدريس فيها ومعاملة المحاضرين لهم. لقد أفاد جميع الطلبة الذين سمعتهم بأنهم غير راضين عما تقدمه لهم الجامعة من خدمة تعليمية، بل إن الكثير منهم يتهم أعضاء هيئة التدريس بعدم المبالاة بتحصيل الطالب الأكاديمي، وأنهم يتعاملون معهم بكل جفاء وقسوة، الأمر الذي أصابهم ـ على حد قولهم ـ بالإحباط والشعور بالظلم والإهانة.
إن حدوث مثل هذا الشعور لدى طلاب أكبر جامعة في المملكة لهو أمر في غاية الأهمية وينبئ عن وصولنا إلى منحنى خَطر في تعليمنا الجامعي، وتدهور واضح في مستوى الاحترام الذي يكنه الطلبة للعلم ومعلميه.
لقد كان التعامل بين الطالب والمحاضر هو أكثر المواضيع التي تحدث عنها الطلبة في ذلك البرنامج، حيث ذكر أحدهم أن أحد الأساتذة غضب من أحد الطلاب في اليوم الأول للمحاضرة بسبب تأهب هذا الطالب لمغادرة القاعة بعد انتهاء الوقت المحدد لها، وطلب من الطالب بأن يسرع في حذف هذه المادة، والكثير يذكر أن إعطاء الدرجات بناء على الأهواء الشخصية أصبح من الأشياء التي تحدث بصفة يومية من قبل الكثير من الأساتذة، حيث وصل ذلك إلى حد إعطاء درجات الرسوب والنجاح بناء على حالة المحاضر أو المحاضرة النفسية في يوم رصد الدرجات دون أدنى تقييم لتحصيل الطالب الأكاديمي. وقد اتفق الطلاب على أن أي شكوى ترفع ضد أستاذ في الجامعة لا يمكن أن تنتهي بتحقيق العدالة، بل قد تزيد الأمور سوءا والظلم قسوة.
أما حول ما يعانيه الطلبة من تأخير في صرف مكافآتهم فقد كان هناك إجماع على أن كثيرا من الطلاب يتضررون من هذا التأخير ضرراً كبيراً يؤثر على تحصيلهم العلمي، دون إعطائهم أي مبرر مقنع، ولم يجد في ذلك التظلمات الكثيرة خلال السنوات الماضية، أضف إلى ذلك المبلغ الذي يخصم من الطلاب لما سمي "صندوق الطالب" وهو الأمر الذي أجمع الطلبة على جهلهم بفائدته وعن وجوه صرفه.
لقد اضطررت ألا أُكمل مشاهدة ذلك البرنامج الجيد، إلا أن ما رأيته وسمعته خلال عشرين دقيقة جعلني أتفهم سلوك بعض خريجي هذه الجامعة عندما يتعاملون باستهتار وعدم اكتراث بالوظائف عندما يجدونها، كما أن ذلك قد يكون أحد الأسباب التي تجعل الكثير من أبنائنا وبناتنا يفتقدون الإخلاص والإتقان في العمل والحرص على حقوق الآخرين وتوخي العدل في كل قول وعمل.