زيادة عدد البنوك المحلية ضرورة لخدمات أفضل

زيادة عدد البنوك المحلية ضرورة لخدمات أفضل

<p><a href="mailto:[email protected]">tareq@albassam.com</a></p>
رئيس مركز خطوات للاستشارات

في التسعينيات كان عدد محدود من البنوك السعودية والبنوك المشتركة تحتكر السوق السعودية بهدف التركيز على بناء القدرة المالية للبنوك القائمة وتطوير خدماتها المصرفية وفقاً لأحدث المعايير، لتكون قادرة على المنافسة المحلية والدولية، عام 2000 تم منح خمس تراخيص جديدة لبنوك دول مجلس التعاون تنفيذا لقرار المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون بالسماح للبنوك الخليجية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء الأخرى، عام 2005 تم منح خمس تراخيص جديدة أخرى لبنوك عالمية وهذه الأيام تستعد بنوك عالمية أخرى لاستكمال إجراءات تراخيص جديدة لها انتهاجا لسياسات الانفتاح التي تعيشها المملكة بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية.
إذاً استمرارا في طريق سياسية الانفتاح التي انتهجناها أخيرا ستصبح المملكة المركز المالي الأول في الشرق الأوسط والخليج دون منازع لأن مقدرات السوق السعودية تساوي ضعفي الأسواق الأخرى مجتمعة تقريبا، والفرص الموجودة في المملكة أكبر من الفرص الموجودة في أي دولة أخرى في الخليج والشرق الأوسط، وهذا ما شجع البنوك الخليجية والعالمية على الإقبال على دخول السوق السعودية.
مما لا شك فيه أن وجود البنوك العالمية في المملكة سيدعم زيادة روابط التعاون والتبادل الاقتصادي بين المملكة وبقية دول العالم بشكل أفضل ويوسع القاعدة الاقتصادية، ومن الواضح أن نطاق عمل البنوك العالمية سيتركز على خدمة الشركات العالمية الموجودة في السعودية أولا وممارسة العمل المصرفي الانتقائي ثانيا ومن غير المتوقع أن تقبل البنوك الإقليمية والعالمية على تقديم منتجات وخدمات مصرفية شاملة تغطي معظم مناطق المملكة نظرا لضخامة الاستثمارات التي يحتاج إليها التوسع وتوافر الفرص لهم بتحقيق أرباح كبيرة باستثمارات محدودة.
لذا ما زالت حاجتنا إلى المزيد من البنوك المحلية قائمة نظرا لما يمر به الاقتصاد السعودي من ازدهار غير مسبوق يشمل القطاعات الاقتصادية كافة وفي ظل نمو سكاني متزايد ومساحة جغرافية كبيرة تشير إلى نمو كبير في الفئات والمناطق التي بحاجة إلى تقديم منتجات وخدمات مصرفية شاملة، إضافة إلى البيئة المصرفية الانتقائية غير الصحية التي تنتهجها البنوك المحلية في الوقت عند زيادة الطلب على خدماتها، التي يعاني منها المتعاملون مع البنوك من غير حملة بطاقات الخدمات الخاصة والتي تتلخص في النقاط التالية:
1- رسوم الخدمات الباهظة والمتفاوتة من بنك إلى آخر.
2- انخفاض مستوى الخدمات وعدم إمكانية الاعتماد عليها .
3- محدودية الخدمات الإلكترونية وغير الفعالة في كثير من الأحيان.
4- تبني بيئة مصرفية غير مقبولة بفرض السيادة والانتهازية الصرفة على العملاء.
5- تجاهل الطوابير وطول فترة الانتظار للمتعاملين ونقص عدد الموظفين المقدمين للخدمات.
6- التركيز على المصرفية الانتقائية بسياسيات عدم فتح حسابات جارية ومنح القروض إلا للفئات المستهدفة و.... .
إن التوسع بمنح تراخيص لبنوك محلية جديدة أصبحت ضرورة ملحة لتشعل من حدة المنافسة وتقلل من الاحتكار الذي تتمتع به البنوك المحلية الحالية وتزايد الطلب على خدماتها المواكبة للنمو السكاني، والطفرة الاقتصادية، ستعطي فرصة الاختيار الأمثل لطالبي الخدمات البنكية للتعامل مع عدد أكبر من البنوك للاختيار بين الخدمات المتاحة والمتوافرة بالشكل الذي يتوافق مع رغباتهم وتوجهاتهم المصرفية، بدلاً من الوضع الحالي الذي يحتكر فيه عدد محدود من البنوك المحلية الكبيرة نسبياً على جميع تلك الأنشطة، دون تقديم ما يطمح إليه المتعاملون من خدمات على المستوى الذي يتلاءم مع البيئة الاقتصادية التي تعيشها المملكة في الوقت الحاضر.
إن سياسة زيادة عدد فروع البنوك المحلية القائمة وخدماته الإلكترونية لن تجدي نفعا لتلبية الطلبات والاختيارات لشريحة لا بأس بها من المجتمع إلا على طريقتها الخاصة التي تتركز في البحث عن زيادة الأرباح على حساب الخدمات المقدمة، ولكن السبيل الوحيد لتقديم خدمات أفضل هو زيادة وتيرة المنافسة ولا يمكن زيادة المنافسة إلا بمنح تراخيص جديدة لبنوك محلية أخرى، حتما سيؤدي ذلك إلى زيادة حدة المنافسة التي ستؤثر في مستويات العائد على أسهم البنوك، وعند ذلك فإن البنوك المحلية القائمة ستضطر إلى إعادة النظر للاستثمار في برامج لزيادة كفاءة عملياتها بخطط وسياسات جديدة، لتقديم خدمات أفضل للجميع دون استثناء، ببناء وتأهيل الكوادر السعودية بالتعليم والتدريب وتحديث البنية التحتية، أما قبل ذلك فلا مبرر لديهم لهذا الاستثمار بل اعتباره ليس من الضروريات.

بعد بناء وإرساء وتطبيق أنظمة البنوك وطرق مراقبتها ومتابعتها وتطويرها وفقاً لأحدث المعايير فليس هناك عذر بعدم زيادة عدد البنوك المحلية لحاجة السوق ومحدودية خدمات البنوك المحلية الحالية وتركيزها على الربح المادي السريع، وذلك السبيل الوحيد لتحسين مستوى الخدمات البنكية وبناء وتأهيل الكوادر السعودية بزيادة حدة المنافسة ولن نرى منافسة بين البنوك المحلية إلا بزيادة عددها رضوخا لما تتطلبه الطفرة السكانية والاقتصادية الحالية والقادمة.

الأكثر قراءة