هيئة السوق المالية وبناء الشراكات الاستراتيجية

<p><a href="mailto:[email protected]">Abdalaziz3000@hotmail.com</a></p></a></p>
كاتب اقتصادي

تطور الفكر والسلوك الإداري في العقود الثلاثة الماضية بشكل متسارع كما هو التطور في العلوم الأخرى، ومفهوم الشراكات الاستراتيجية من المفاهيم الإدارية الحديثة التي طبقت في العالم الغربي وحققت نتائج باهرة حتى أصبحت نهجا استراتيجيا جديدا لتحقيق الأهداف المشتركة للمؤسسات، حيث تتعاون جهتان أو أكثر للتعاضد والتكامل في تحقيق تلك الأهداف.
وتكون الحاجة أكثر إلحاحا عندما تكون أهداف المؤسسة أهدافا كبيرة ومتشعبة وتواجه تحديات كبيرة لتحقيقها، وهيئة السوق المالية وهي تسعى إلى تنظيم وتطوير سوق الأوراق المالية تواجه الكثير من التحديات والعوائق، مما يجعلها بحاجة إلى أشكال الدعم كافة وخاصة تلك التي يمكن أن تحصل عليها من خلال بناء الشراكات الاستراتيجية لتحقيق الأهداف المشتركة، حيث يعتبر هذا النوع من الدعم الأفضل من نوعه لأنه قائم على مبدأ محفز للطرفين لتقابل المصالح Mutual benefits والتي ستؤول إلى تحقيق الاستمرارية والمزيد من التعاون.

نعم إن تنظيم وتطوير سوق مالية يصل حجم التداول لأكثر من 30 مليارا يوميا تحتاج إلى جهود مشتركة ومتكاملة من جهات متعددة للارتقاء بها لتصبح سوقا ناضجة تلعب دورها الحقيقي في التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد، وهيئة السوق المالية مهما عظمت إمكانياتها وقدراتها لا يمكن لها أن تحقق أهدافها في الوقت المناسب دون بناء شراكات استراتيجية فعالة مع الأطراف ذات الصلة بالأوراق المالية كافة بصورة أو بأخرى .
والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين من أهم الجهات التي يجب على هيئة السوق المالية بناء شراكة استراتيجية معها، إذا علمنا أنه من المهام التي تضطلع بها إصدار وتطوير معايير محاسبة تحدد الطرق المناسبة لقياس وعرض وإيضاح عناصر القوائم المالية وتأثير العمليات والأحداث والظروف على المركز المالي ونتائج الأعمال، وإصدار وتطوير معايير مراجعة موضوعية محددة ومقبولة يلتزم بها المحاسبون القانونيون المرخص لهم بالعمل في المملكة تكون بمثابة مقاييس لتقييم كفاءة المراجع ونوعية العمل الذي يقوم به، وتطوير وتنفيذ برنامج مراقبة أداء المحاسبين القانونيين بغرض التأكد من التزامهم بالمعايير والتعليمات المهنية الصادرة عن الهيئة والجهات المختصة، وإعداد البحوث والدراسات الخاصة بالمحاسبة والمراجعة وما يتصل بهما.
وكل ذلك ذو صلة بطريقة مباشرة وغير مباشرة بالإفصاح والشفافية اللذين تسعى هيئة السوق المالية إلى ترسيخهما في سوق الأوراق المالية السعودية على أسس وقواعد متينة لتحقيق العدل والمساواة بين المتعاملين للوصول إلى المعلومة الواضحة السليمة الدقيقة، مما يشير إلى وجود أهداف مشتركة بين هيئة السوق المالية والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين تشكل أرضية صلبة لبناء شراكة استراتيجية.
ولقد سرني كما سر كل غيور على اقتصاد بلادنا الحبيبة خبر توقيع الهيئتين عقدا تمول بموجبه هيئة السوق المالية دراسة تتعلق بمراجعة معايير المحاسبة السعودية الصادرة عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، ومقارنتها بالمعايير الدولية، إضافة إلى إجراء دراسة تفصيلية عن واقع الإفصاح الفعلي للشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية السعودية، وإني أرجو الله أن تكون الدراسة فاعلة في تحليل وتشخيص الواقع لاتخاذ قرارات مناسبة لمعالجة الآثار السلبية التي يعاني منها سوق الأسهم نتيجة الضعف الواضح في الإفصاح والشفافية، الضعف الذي أدى إلى تعزيز فاعلية الشائعات وأضعف مستوى العدل والمساواة.
ختاما أرجو من القائمين على هيئة السوق المالية وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن التويجري أن يواصلوا العمل بهذه الاستراتيجية التي أثبتت فعاليتها، فيعملوا على بناء المزيد من تلك الشراكات الاستراتيجية مع الجهات ذات الصلة بأهداف هيئة السوق المالية كافة بصورة مباشرة أو غير مباشرة مثل الوسائل الإعلامية ومجتمع الأعمال والمؤسسات المالية والشركات المساهمة المدرجة والمرتقب إدراجها ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية ذات الصلة، استراتيجيات قائمة على تحقيق المصالح المشتركة المحققة للمصلحة العامة، وأعتقد أن ذلك ممكن ومتيسر وحجم السوق يستدعي العمل في الاتجاهات لتنظيمه وتطويره كافة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي