مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.. الإدارة الشاملة أو الإخفاق

مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.. الإدارة الشاملة أو الإخفاق

<a href="mailto:[email protected]">amypersonal@yahoo.com</a>

سررت كما سر الكثير من أولي العزم والهمم بمشروع المدينة الاقتصادية في رابغ لعدة أسباب ولكن أهمها أن هذا المشروع سيخرجنا في المملكة من الرتابة والتواضع وغير المقبول في مشاريع التنمية العقارية رغم توافر الإمكانات للقطاع الخاص كافة حتى في ظل العجز الماضي في الميزانية حيث لم تتوافر الإدارة وروح المبادرة.
الإدارة الشاملة هي الأسلوب الأمثل لإدارة مثل هذه المشاريع العملاقة والمعقدة والمتعددة الاستخدامات، والمقصود بالإدارة الشاملة بأبسط أسلوب هو توجيه وتنسيق المصادر الخارجية والداخلية المكونة والمؤثرة في المشروع بتفويض كامل وشامل من أعلى مستويات السلطة واستخدام أحدث الأساليب الإدارية لتنفيذ نطاق محدد من العمل والتكلفة والوقت والجودة بنجاح كامل. وسواء في هذه الحالة بالنسبة لشركة إعمار أو الهيئة العامة للاستثمار أو الشركاء يعتبر هذا المشروع مهمة محددة الوقت والتكلفة والهدف ذات مصادر داخلية وخارجية محددة ومؤقتة الوجود.
وإدارة مشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بأسلوب إدارة المشاريع التجارية المستمرة لن تكون مجدية إلا في مرحلة التحويل والتشغيل، حيث تقل التحديات في الوقت ومصادر التمويل والتخطيط.
وحيث إن المشروع الآن دخل مرحلة التنفيذ بعد أن اجتاز مرحلة الفكرة والتطوير والتخطيط إضافة إلى تجاوز مراحل متقدمة في مرحلة التنفيذ وهي تحديد خطط الأعمال وأسلوب التنفيذ الهندسي والحصول على الموافقات الحكومية اللازمة كافة وتحديد هيكل التنظيم لفريق الإدارة المنفذة والجدول التنفيذي العام للمشروع وأسلوب التمويل لمراحل المشروع، وتكاليف التدفقات المالية وإضافة الخطط البديلة والمخاطر، وأرجو أن يكون ذلك بأسلوب الإدارة الشاملة حتى لا يواجه أي مصاعب تؤدي إلى مراجعة مهمة ومكلفة أثناء التنفيذ.
وبأسلوب الإدارة الشاملة فإن المتوقع أن يكون المشروع قد حصل على تصريح واحد وشامل من الدولة يغني المطور والملاك عن التعقيب والمراجعة لدى مستويات القيادة في القطاعات الحكومية كافة والوقوع في فخ البيروقراطية وشخصنة الأنظمة.
وكلنا يعرف ويرى ويعجب بالنجاح المنقطع النظير حتى على المستوى العالمي الذي تحقق في مشروع مدينة الجبيل وينبع الذي أنجزته بكل تفوق الهيئة الملكية للجبيل وينبع ولم يكن هذا النجاح ليتم لولا اتباع أسلوب الإدارة الشاملة فقد منح المرسوم الملكي الصادر لتأسيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع في عهد الملك خالد بن عبد العزيز، عليه أوسع رحمة الله، رئيس الهيئة الملكية آنذاك الملك فهد بن عبد العزيز، عليه أوسع رحمة الله، صلاحيات غير مسبوقة لأي رئيس هيئة مشاريع في تاريخ المملكة وكانت وما زالت الهيئة حتى اليوم المرجع الأول والأخير لتخطيط وتنفيذ إدارة وتشغيل مشاريعها مما ساهم في نجاح المشروع وتحقيق أهدافه وبناء علاقة ممتازة بين مصادر المشروع الداخلية والخارجية كافة، وساهم في نقل التقنية للمملكة عبر استشاريي المشروع والعقود كافة وساهم في التنمية المستدامة للمشروع.
وفي مثل هذه المشاريع العملاقة ذات الأنشطة المتعددة تعتبر سرعة الاتصال والتعميد والتفويض ذات قيمة عالية مقارنة بأي من العوامل المؤثرة على المشروع وذات قيمة أعلى في مشاريع التنمية الربحية المحددة الوقت.
ورغم أن كل المشاريع تنشأ بسبب حاجة البيئة الخارجية لها إلا أن البيئة الخارجية أحياناً تمثل المفاجأة الكبرى في الإخفاق خاصة مشاريع التنمية، وتقلل الإدارة الشاملة من ارتباط المشروع بالمعوقات البيروقراطية الحكومية والخاصة وتخفض نسب إهدار الوقت ثم بالتالي الأموال.
والمؤثرات الخارجية على المشاريع كثيرة ولكن أحصر منها:
1 ـ كبار موردي مواد البناء.
2 ـ كبار المقاولين.
3 ـ أصحاب المصالح المباشرة وغير المباشرة في المشروع.
4 ـ الدولة بقطاعاتها كراع.
5 ـ الدولة بقطاعاتها كمستفيد.
6 ـ الجهات غير المستفيدة من المشروع التي قد تؤثر على مصالحها.
7 ـ المناخ الاقتصادي والدورة الاقتصادية.
8 ـ العوامل الجيوسياسبة.
والإدارة الشاملة إدارة فعالة في التعامل مع عوامل خارجية وداخلية أخرى ذات علاقة مباشرة بالمشروع مثل الاستشاريين ومديري العقود. والمالك والمطور والهيئة العامة للاستثمار وقطاع الخدمات في الدولة أو القطاع الخاص، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة العدل، وزارة المياه والكهرباء، مؤسسة الموانئ، وكبرى أصحاب المصالح في القطاع الخاص ودون وجود شخص أو شخصية معنوية لها تفويض وصلاحية كاملة سواء الهيئة العامة للاستثمار أو إنشاء هيئة للمدن الاقتصادية ذات صلاحية شاملة وبعيدة عن روتين الدولة بما في ذلك آلية مجلس الوزراء سيواجه هذا المشروع العملاق العديد من العوائق وأقلها التأخير الذي قد ينشأ نتيجة لسوء تفسير العلاقة بين العوامل الخارجية والداخلية وأطراف العلاقة المتعددة لهذا المشروع.
ويحتاج المسؤول الأول عن هذا المشروع إلى صلاحية غير مسبوقة من أعلى مستويات السلطة في الدولة للإدارة والتخطيط والتنفيذ وتذليل الأمور الاستراتيجية كافة أولاً ثم التنفيذية المالية والإدارية والبشرية والخدمية والأمنية والإمداد والتموين والنقل والعوامل الاقتصادية والاستثمارية والقانونية ثم بدء الإنجاز والإدارة والتشغيل مع كل البعد عن الروتين السائد حالياً في الدولة.
وعلينا ألا ننسى العوائق العديدة في قائمة 107 من معوقات الاستثمار التي يجب حلها وتذليلها خاصة أن مثل هذه المشاريع ذات أبعاد سامية تشمل تنفيذ مشروع ضخم مالياً واقتصادياً وتنموياً يدعم قطاع الموارد البشرية ويحافظ على البيئة.
وبالإدارة الشاملة سيتمكن المسؤول الأول عن المشروع من:
- التفهم الكامل للمتطلبات ويشمل ذلك التخطيط والإعداد.
- السيطرة التامة على البيئة الداخلية للمشروع أثناء التنفيذ.
- السيطرة التامة على البيئة الخارجية للمشروع أثناء وبعد التنفيذ.
- التطوير والتنمية المستمرة للمشروع.
ومن أهم أسباب نجاح المشاريع:
1 ـ القيادة الإدارية المتمكنة والقادرة على التخطيط والإدارة الفعالة.
2 ـ استخدام أسلوب الإدارة الشاملة كاستراتيجية للتنفيذ.
3 ـ استخدام تركيبة مجزية ومطبقة سابقاً من التخطيط والتوجيه والتنظيم والسيطرة على مصادر المشروع.
4 ـ الدعم التنفيذي الداخلي والخارجي.
5 ـ الكفاءة في العمل.
6 ـ الصلاحية والتفويض الكامل لرئيس الفريق في اختيار أعضاء الفريق.
7 ـ مشاركة رئيس الفريق في القرارات كافة.
8 ـ وجود نظم معلومات إدارية ذات كفاءة عالية.
أمل أن يجد هذا الأمر الاهتمام من ولي الأمر، حفظه الله، وأصحاب العلاقة، حيث إن نجاح مشروع رابع مهم لنجاح المشاريع اللاحقة للمدن الاقتصادية في حائل، حقل، جازان، والزور ويعد تجربة ثرية للمهتمين في القطاع الخاص والدولة كافة والله الموفق.

الأكثر قراءة