المالية السلوكية: أي نوع من المستثمرين أنت؟

المالية السلوكية: أي نوع من المستثمرين أنت؟

<a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a> لو ذهبت لمعرض الدخول فيه بمقابل تذكرة قيمتها 500 ريال وعند الدخول اكتشفت أنك فقدت بطاقة الدخول التي اشتريتها، هل ستشتري بطاقة أخرى؟ فرضا لو اكتشفت أنك فقدت مبلغا من المال يساوي 500 ريال قبل أن تشتري التذكرة، هل ستستمر وتشتري التذكرة؟ في دراسات تطبيقية قام بها الباحثان دانيل كاهنيمن واموس تفرسكي في أواخر القرن الماضي وجد أن معظم الإجابات في أسئلة مشابهة تكون (لا) في الشق الأول و(نعم) في الشق الثاني، فرغم أن الخسارة المادية واحدة في الحالتين وهي 500 ريال ولكن الناس تنظر إليها بدرجة مختلفة حسب طبيعتها وليس قيمتها فقط، فالناس نظرت لخسارة النقد بشكل مختلف من خسارة التذكرة رغم أن التكلفة المادية للخسارة واحدة وكان من المنطق أن تكون الإجابة واحدة للسؤالين. هذه الدراسات أسست لما يسمى المالية السلوكية، وهي ببساطة أن قرارات المستثمرين ستختلف حتى ولو اتفق التأثير المادي إذا وضعت في سياق مختلف لتأثير العوامل النفسية والعاطفية في لحظة اتخاذ القرار كما هو واضح من المثال أعلاه. معظم النظريات الاقتصادية والمالية قامت على أساس أن الأفراد يتصرفون بطريقة عقلانية ويأخذون في الحسبان جميع المعلومات المتاحة عند اتخاذ أي قرار. لكن بعض الأبحاث أثبتت أن هذا ليس صحيحا في كثير من الحالات، لذا يعتقد بعض الباحثين أن الدراسات النفسية والاجتماعية قد تشرح التغيرات في الأسواق المالية أكثر من نظريات الاقتصاد المتخصصة، مثلا الاعتقاد بأن شركات النمو (التي يتوقع نمو أرباحها بشكل كبير) ستنمو أسعارها أفضل من السوق بشكل مستمر ناتج من الثقة الزائدة بقدرات الفرد على التوقع أكثر من حقيقة هذا النمو مما يجعل أسعار هذه الشركات تصعد بشكل كبير ثم في النهاية ترجع لأسعارها الحقيقية بعد انحسار هذه الثقة بناء على معلومات جديدة لواقع هذا النمو، فالمبالغة في التفاؤل أو التشاؤم طبع بشري، لذا عند ارتفاع السوق تكون هناك مبالغة قي الثقة بأن السوق ستستمر في الارتفاع ويبدأ البحث عن الأخبار الإيجابية لتبرير هذا الارتفاع وتجاهل المؤشرات السلبية حتى ولو كانت واضحة فيحدث الشراء الجماعي، وعند أوقات النزول يحدث العكس ويسيطر التشاؤم والتركيز على الأخبار السلبية فيحدث نتيجة لذلك البيع الجماعي. فالقرارات الاستثمارية في النهاية يتخذها بشر حتى ولو اعتمدوا على أفضل التقنيات الفنية والتحليلية ففي النهاية هم من يتخذ القرار وهم يختلفون في قراءات الأحداث لاختلاف القاعدة التي يستمدون منها هذه القراءة وغالبا في سوق المال يحركهم الخوف والطمع، الخوف من الخسارة والطمع في الربح حتى أن بعض المتخصصين ينسون قواعد مهمة في الاستثمار إذا وقعوا تحت تأثير هذين العاملين. يقسم بعض الباحثين المستثمرين إلى خمسة أقسام، القسم الأول المغامرون وهم الذي يعشقون المخاطرة ولا يستمعون للنصائح، والقسم الثاني المحتفلون (المقلدون) وهم الذي يتبعون الموجة ويتأثرون بأفكار الآخرين وينطبق عليهم المثل المعروف (مع الخيل يا شقراء)، والقسم الثالث الفرديون وهم الذين يتجنبون المخاطرة العالية ويعتمدون على أنفسهم في اتخاذ قراراتهم، والقسم الرابع المحافظون وهم الذين يخشون المخاطرة بشكل كبير ولا يتخذون قراراتهم إلا بعد حرص كبير وفترة طويلة، والقسم الأخير الوسطيون وهم الذين يقعون في الوسط بين الأنواع السابقة وتكون قرارتهم متوازنة وحسبما يقتضيه الوضع. ساعدت المالية السلوكية في إلقاء الضوء على بعض الظواهر خصوصا التأثيرات المؤقتة التي تطرأ على الأسواق المالية، أما على المدى البعيد فلا تزال النظريات الاقتصادية والمالية هي المسيطرة والأكثر دقة في شرح هذه التغيرات.
إنشرها

أضف تعليق