مراكز الاستدعاء وتوفير الخبرات

شاهدت برنامجا عن الاقتصاد العالمي في ال "سي .إن .إن" موضوعه اجتذاب الخبرات الأجنبية، وقد ركز البرنامج على كيف أن بلادا مثل الهند، وباكستان، والفلبين بدأت تخلق فرصا وظيفية لشبابها من خلال ما يعرف باسم "مراكز الاستدعاء"، التي تهتم بتلبية طلبات العملاء الأمريكيين.
وفي عصر الاتصالات الفضائية، وخطوط الإنترنت فائقة السرعة، والأنظمة الرقمية يمكن للإنسان أن يفتح مكتبا في أي مكان في العالم.
وقد قررت الشركات الأمريكية أن أفضل مكان تؤدي فيه أعمالها هو الهند، وهناك ثلاثة أسباب لذلك هي: أخلاق العمل القوية لدى الشباب من الجنسين في الهند، ومعرفتهم الكبيرة بعلوم الكمبيوتر والإنترنت، وكذلك إجادتهم للغة الإنجليزية.
هذه العوامل الثلاثة كانت بمثابة منجم من ذهب للهند، وكنت قد ذكرت في هذا المكان نفسه منذ عام أنه خلال أسبوع واحد تم توظيف 14 ألف هندي بمرتب شهري أساسي للفرد يصل إلى نحو أربعة آلاف ريال. وباكستان، التي لم تشأ أن تتخلف عن الركب، قامت أيضا بتدريب شبابها وشاباتها حتى تنال قضمة من كيكة التوظيف الأمريكية.
وفي الهند، يعمل نحو 400 ألف شخص في مراكز الاستدعاء لتلبية طلبات خدمات الكمبيوتر للشركات، والمستشفيات، ومؤسسات التأمين، وغيرها. وتقوم هذه المراكز أيضا بتحليل الحسابات وتقارير المراجعة بتكلفة أقل وكفاءة أعلى مما كان يمكن عمله في أمريكا.
وقال بروفسور أمريكي من جامعة شيكاغو في ذلك البرنامج إنه أصبح خائفا على وظيفته لأن بروفسورا سنغافوريا من جامعة في سنغافورة باستطاعته الآن أن يدرس حصصه نفسها من خلال نظام مؤتمرات الفيديو.
ماذا يعني هذا لنا ؟ ولماذا لم نستطع عمل الشيء نفسه؟ أليس لدينا الشباب الكافي المؤهل للقيام بهذا؟ ليس هناك ما يمنع هذا لكن هناك بعض المشكلات التي يجب أن تحل أولا، ولعل العقبة الكبرى هي نظام خدمة الإنترنت البطيئة جدا عندنا، والمواقع الكثيرة المغلقة بلا داع مما يجعل مستخدم هذه الشبكة يكاد يفقد عقله.
وثاني هذه العقبات هو عدم توافر الكفاءات المدربة تدريبا عاليا في مجال تقنية المعلومات والذين يتمتعون بأخلاق العمل العالية ويجيدون اللغة الإنجليزية.
وقالت سيدة كنت قد ناقشت هذا الموضوع معها إن هذا بسبب نظام التعليم عندنا، وهي بالطبع محقة تماما فيما قالت، إننا نخرج الآلاف سنويا لكن هل هم مؤهلون للعمل في بيئة عالية ؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه. هل يجيدون اللغة الإنجليزية والرياضيات؟ وهل لديهم من الكياسة واللباقة ما يمكنهم من التعامل مع الزبائن العالميين؟
إننا نتحدث كثيرا عن السعودة وإذا كان شبابنا مؤهلا ما كنا سنحتاج إلى استخدام مثل هذه الكلمات، ولا ألوم المؤسسات التعليمية فقط لكن قبل ذلك الآباء الذين لم يستثمروا الوقت والمال لإعداد وتأهيل أبنائهم، وبدلا من ذلك فإن مثل هؤلاء الآباء ينفقون أموالهم ووقتهم في الإجازات الخارجية التي لا تسمن ولا تغني من جوع رافضين استثمار ريال واحد لرفع كفاءة تعليم أبنائهم، ماذا يمكن عمله إذن؟
إذا لم تكن لدينا القوى العاملة فلا يجب أن نتوقع الحصول على الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وليس خافيا أن انعدام رأس المال العقلي سيؤدي إلى نضوب موارد الدخل.
إن الهند، وباكستان، والفلبين، تتحدث الآن عن تقنية المعلومات العالية بينما لا نزال نحن نناقش السعودة!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي