منتدى جدة الاقتصادي.... الاسم والمسمى

انتهى يوم الإثنين الماضي منتدى جدة الاقتصادي السابع وهو أحد أبرز الأحداث الاقتصادية وأكبرها والذي يعقد سنويا في مدينة جدة منذ عام 2000، كان المنتدى كعادته متميزاً باستضافة أبرز الأسماء العالمية والمحلية، وقد بذل القائمون عليه جهداً كبيراً في الإعداد والتحضير والتنظيم لهذا المنتدى ليكون متوافقا مع أهداف وتطلعات هذا الحدث العالمي, الذي يراد له أن يكون حدثا يعنى بالتخطيط والتفكير الاستراتيجي وأن يكون نقطة جذب للمختصين في مجال الاقتصاد.
كان منتدى هذا العام يحمل شعار " من أجل آفاق جديدة للنمو الاقتصادي: احترام الهوية الفردية وتعزيز القيم المشتركة "، ولمست من خلال حضوري بعض الجلسات أن عوائدها وفوائدها تبقى محدودة جداً على مستوى فئة معينة من أصحاب المال والأعمال والمختصين في المجالات الاقتصادية والسياسية، وحتى هؤلاء لا تخرج الفائدة العائدة على بعضهم من المنتدى عن الاستمتاع بمقابلة بعض كبار الشخصيات والأصدقاء والزملاء, خصوصا خارج القاعة الرئيسية.
جاء منتدى جدة الاقتصادي هذا العام في طبعته السابعة مكرراً للمنتديات السابقة مع اختلاف بعض الشخصيات والرعاة والمسؤولين عن إدارة الجلسات كما كان للمشاركة النسائية حضورها السنوي مع بعض التغييرات الشكلية وكالعادة في كل عام اختلف الحضور على اللغة التي تم استخدامها, خصوصاً وأن المنتدى يحمل شعاراً لاحترام الهوية الفردية وعلى الرغم من عدم وجود الشريك الأكاديمي الأجنبي هذا العام ووجود الهوية المحلية الكاملة للمنظمين وعلى الرغم من تحفظ كثير من الحضور إضافة إلى بعض المشاركين الذين قدموا أوراق عملهم باللغة العربية فقد رأت إدارة المنتدى أن تبقى اللغة الإنجليزية لغة للمنتدى..!
منتدى جدة الاقتصادي مناسبة رائعة وفكرة رائدة تحتاج منا كل الدعم والمساندة والتأييد ومن هذا الدعم العمل على توجيه هذه المناسبة المهمة لتساهم في نمو اقتصادنا المحلي بالدرجة الأولى ولتحقق أفضل عائد لمجتمعنا، ماذا يستفيد رجال الأعمال بجدة وسكانها بصفة خاصة ورجال الأعمال في المملكة بصفة عامة من منتدى يحضره شخصيات عالمية ودولية قد يحضر بعضها من أجل الكسب المادي وتقدم فيه أوراق عمل باللغة الإنجليزية، هل العبرة بالأسماء والإعلانات والحضور والأمور الشكلية والمسميات وإبراز دور المرأة أم بالمحتوى والمضمون والفائدة التي يخرج بها المشارك؟ لقد كان الإقبال على المنتدى يعتمد أحيانا على موضوع ورقة العمل وأحيانا أخرى على المتحدث مما جعل حضور بعض الجلسات كبيرا وأخرى ضعيفا جداً، ولذلك لا بد لنا أن نعمل على تطوير هذا المنتدى والعمل على تكثيف الجهود للارتقاء بمستواه، ولنا أن نتخيل كيف سيكون الإقبال على المنتدى لو تم استضافة كبار رجال وسيدات الأعمال في المملكة وبعض المسئولين من ذوي الاختصاص لإبداء آرائهم في الوضع الاقتصادي للمملكة مع استضافة ثانوية لبعض الشخصيات الدولية للاستماع إلى وجهات نظرها أيضا، كيف سيكون الإقبال على منتدى جدة الاقتصادي لو أننا قمنا بالتركيز على الداخل وما نعانيه من مشاكل اقتصادية واجتماعية كالبطالة وانتشار الفقر وعدم وجود المجالات التدريبية المناسبة لسوق العمل وكل ما يؤثر في نشاط رجال الأعمال بشكل عملي مخلص، ماذا لو قمنا من خلال منتدى جدة الاقتصادي بتقييم وضعنا الاقتصادي الحالي وما يؤثر فيه في مختلف المجالات الأخرى؟ إن مؤتمر جدة الاقتصادي وبما حققه خلال السنوات الماضية من مكانة متميزة ضمن المؤتمرات الدولية يجب ألا يركز على الخارج فقط بل لا بد أن تكون الانطلاقة من الداخل لنتمكن من أن نقدم للخارج الصورة المشرقة التي نفتخر بأن يراها زوار المنتدى.
إننا نحتاج إلى أن ننظر للمنتدى نظرة شمولية أكبر من الحدث نفسه، فمدينة جدة التي يقام المنتدى في أحضانها ويحمل اسمها وينعقد في أفخم فنادقها وعلى شواطئها الجميلة تعاني الكثير والكثير وينقصها العديد من المقومات الرئيسية التي يجب أن تتوافر في مدينة يقام عليها مؤتمر دولي مثل هذا ابتداء بمطارها ومرورا بطرقها وانتهاء بضوابط وأنظمة النشاطات التجارية فيها, ولو تمكن الحضور وكبار الشخصيات من الاتجاه جنوبا لوجدوا أنفسهم خلال أقل من نصف ساعة في مدينة ثانية أبعد ما تكون عن مدينة يقام فيها منتدى اقتصاديا دولي.
إن مؤتمر جدة الاقتصادي مؤتمرنا فهو يحمل اسم جدة ويقام في المملكة فلماذا محاولة النظر إلى المستقبل قبل أن نعرف حاضرنا بشكل واضح ولماذا الرؤية العالمية ونحن نعاني محليا ولم نسع لإيجاد الحلول الواضحة لمشاكلنا ولماذا نحضر المفكرين من الخارج ليقدموا تجاربهم في شؤوننا الداخلية التي نحن أولى وأعلم منهم بها مع تقديرنا واحترامنا لخبرتهم وتجاربهم؟ وكيف نركز على إبراز المرأة بشكل وهمي وهي تعاني من أعلى نسب بطالة موجودة في عالمنا العربي ولم نعمل على وضع الحلول الجذرية لهذا الأمر؟
إن الانفتاح على الآخرين والاستماع إلى آرائهم وخبراتهم وتجاربهم أمر لا ينكره عاقل ولكن ذلك يكون وفق ضوابط وضمن حدود بحيث لا يكون هو الأصل وبما يضمن الفائدة المرجوة والتي تساهم في تحقيق الأهداف.
إن ما يبذل من جهد وما يصرف من مال وما يتم من تنظيم كبير لهذا المنتدى لهو أمر يستحق الثناء والتقدير والشكر ولكن لا بد أن نراجع النتائج والفوائد الحقيقية لهذه المناسبة وأن يكون لدينا قدر كبير من الشفافية والوضوح لتطوير مستوى هذا المنتدى ليرتبط بنا وبهويتنا ومشاكلنا وما نهتم به وما نحرص عليه ويخدم بيئتنا ومجتمعنا ووطننا بصفة عامة ووضعنا الاقتصادي بصفة خاصة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي