خادم الحرمين الشريفين .... الرؤية والواقع

خادم الحرمين الشريفين .... الرؤية والواقع

كان فتح المغفور له المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه للرياض حلماً لم يكن ليتحقق لولا الإرادة الصادقة والعزيمة القوية والإيمان بالله . فقطع المسافات بالقليل من العدة والعتاد وأمام عينبه هدف أسمى ومهمة أكبر ألا وهي توحيد أطراف هذه الدولة المتناثرة. لم يكن ليكتفي بالرياض هذه المدينة التي تقبع وسط صحراء شاسعة مهددة من كل الجهات لا تتوتفر فيها سبل العيش ولا مقومات الدول الأساسية. كانت نقطة الانطلاق لبناء دولة شامخة وحكم أصيل يتمتعان بكل موارد العيش الكريم من أرض شاسعة وحدود آمنة وطبيعة متنوعة. كان الحلم الذي لم يكن ليتحول إلى حقيقة لولا العزيمة و الإيمان والعمل الصادق والقيادة الفذة والرجال المخلصين .

وتوارث أبناره نظرته الثاقبة وعزيمته الصادقة لبناء المملكة وجعلها في مصاف الدول العظمى وهذا ما نسمعه في كل مناسبة وكل خطاب لكل الملوك الذين حكموا هذه البلاد ورسخ وأصل هذا الخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله.
قال يحفظه الله لوزرائه "اليوم مالكم عذر"، من الذي قالها؟ القائد ولم يقلها فقط لكنه عمل بها إذ زار الشرق لبناء الجسور ولم يذهب فقط للمجاملة والتعارف بل عاد بصفقات ومشاريع سجلها التاريخ له وستتذكرها الأجيال القادمة . سدد الديون الداخلية التي تراكمت مع مرور الزمن، ورفع المستوى المعيشي للمواطن من خلال زيادة الرواتب و تخفيض الوقود وبدأ بإطلاق المشاريع العملاقة التي ستوفر الفرص الوظيفية و تجذب الاستثمارات الخارجية لهذا البلد العظيم .

المملكة التي أنعم الله عليها بنعم كثيرة لا تعد و لا تحصى، الأرض الشاسعة، الموقع الجغرافي الذي يربط الشرق بالغرب، الشواطئ الطويلة، الثروات الطبيعية التي لا يستطيع العالم العيش من دونها ولله الحمد الطلب عليها في تزايد مستمر والمصادر الأخرى في نضوب مستمر. ماذا قال السيد ديفيد أورابلي الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين في شركة شيفرون أكبر شركة نفط في العالم. قال " ستكون الطاقة أحد العوامل التي تحدد معالم هذا القرن، يقول البعض إنه خلال 20 عاماً سيستهلك العالم 40 في المائة أكثر من النفط مما يستهلكه في هذه الأيام. وفي الوقت نفس فإن العديد من حقول النفط و الغاز ستنضب. وتحدث الاكتشافات بشكل رئيسي في الأماكن التي يكون فيها من الصعب استخراجها عملياً، اقتصادياً، وحتى سياسياً".

مصير دول العالم بأيدينا بعد الله، ونحن لا نعي قوة هذا السلاح. نحن الدولة الوحيدة في العالم التي لديها القدرات والإمكانيات لإنقاذ العالم في ظل اعتمادهم الكامل على النفط كمصدر للطاقة وتسيير أمور حياتهم حتى تتبلور رؤية السيد بوش وتتحول إلى حقيقة عندما يجد مصدرا آخر للطاقة. سعر برميل النفط 70 دولاراً وهو في ازدياد فخمس من الدول الصناعية العظمى السبع تمر بكساد، فكيف بالطلب على النفط وأسعاره إذا بدأت الحياة تدب فيها وهذا ليس ببعيد. كيف بنا إذا فاضت ميزانية الدولة بالإيرادات خلال السنوات القادمة ؟ هل الفائض في الميزانية وتكدس الأموال في المصارف مؤشر لقوة الاقتصاد ؟ بالتأكيد لا في ظل ضعف البنية التحتية من تعليم و صحة ومواصلات وأنظمة وإجراءات وخدمات وقنوات استثمارية ومشاريع تحقق للدولة التوازن في إيراداتها بدلاً من الاعتماد الكامل على النفط .

أمد الله في عمرك يا خادم الحرمين الشريفين، ففي كل منبر تظهر وفي كل خطاب ترسل تظهر فيه وطنيتك وعروبتك وحبك الجم لهذه الأرض وهذا الشعب. همك وحلمك العيش الرغد لأبنائك فقد صعبت عليك حتى ذكر كلمة الفقر فهذا منهجك وقناعتك ومنها منطلق عملك. الظروف مواتية فلم نشهد من عقود هذه الطفرة الاقتصادية والأمن والأمان وهذه هي أسس ومتطلبات ومنطلق نجاح الدول. تريد و نريد ونطلب ونتطلع الريادة فماذا ينقصنا وما عذرنا؟ سبقتنا وقلتها لوزرائك اليوم مالكم عذر فهل من مجيب؟! متطلبات وأسس أي نجاح متاحة اليوم بأيدينا أكثر من أي وقت مضى فلماذا لا نكون في المقدمة ؟ لماذا لا نبحث عن المركز الأول في كل تصرفاتنا اقتصادية كانت أم سياسية أم اجتماعية. لماذا لا يكون لدينا أفضل المستشفيات في العالم أو الجامعات، لماذا لا نكون مقر المصرفية الإسلامية في العالم ونحن بلد الحرمين، لماذا لا نكون بلد الطاقة لماذا لا نبحث عن الأول دائماً؟

مملكتنا الحبيبة تقع في وسط العالم تربط الشرق بالغرب تتمتع بالمساحة الشاسعة ولله الحمد والطبيعة المتنوعة والشواطئ الطويلة و الموارد الطبيعية والثروات. الميزانية فائضة ولله الحمد فلماذا لا تتحقق رؤيتكم يا خادم الحرمين الشريفين ؟! لماذا تعاني ونعاني من ضعف القطاع الصحي والتعليمي والخدمي والاقتصادي وغيرها؟ المشكلة سيدي في أهم عامل من عوامل بناء ونجاح الشعوب وعوامل العنصر البشري أو الفريق. هم الذين بنوا اليابان الدولة التي تقبع في آخر الدنيا محدودة المساحة فقيرة الموارد . رؤيتكم سيدي لن تتحقق إلا بوجود رجال ومن خلفهم رجال يفكرون ويديرون قطاعاتهم كما يديرون أعمالهم الخاصة ويحملون رؤيتكم ومنهجكم على عاتقهم ويحاسبون أنفسهم، لن أقول قبل أن يحاسبوا فقد أنهكهم الثناء والتبجيل والمديح بما افتتحوه أو أنجزوه مما خدر هممهم وشل عقولهم .
رؤيتكم سيدي تتطلب فريقا متميزا ناجحا مبدعا يتحلى بروح المبادرة لتنفيذ رؤيتكم كما قال الشيخ محمد بن راشد في كتابه رؤيتي. ديننا علمنا أن نحب الخير لإخواننا كما نحبه لأنفسنا ولكن هل قطر بلد الطاقة أم مملكتنا الحبيبة؟ لماذا تبني قطر وتشيد مدينة عالمية للطاقة ونحن نمشي ونعيش فوق بحر هائل من الطاقة؟! الطاقة هي حياتنا ومصدر رزقنا ونقطة قوتنا فلماذا لا نكون دولة الطاقة ونحن مصدر الطاقة. أكبر دولة منتجة للنفط في العالم وأكبر دولة تحتفظ بمخزون من النفط في العالم فلماذا لا نكون دولة الطاقة. التخصص هو منهج اتفاقية التجارة الحرة فدولتنا ليست مؤهلة ولو أختلف معي الكثير أن تكون سياحية أو زراعية أو صناعية باستثناء الصناعات المرتبطة بالطاقة. فلنجعل من الطاقة والصناعات والخدمات المرتبطة بها نقطة قوتنا ولنكن مرجعاً للعالم في كل ما يخص علم الطاقة ولماذا لانكون. أخيراً الرجال الرجال الذين يحملون رؤيتكم على عواتقهم كما حمل رجال والدكم يرحمه الله رؤيته وحولوها إلى واقع سجله التاريخ لهم .

الأكثر قراءة