مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2006

أشار التقرير السنوي المشترك الصادر من قبل مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكيتين، إلى استمرار سيطرة الدول الواقعة في منطقة جنوب شرق آسيا على مؤشر الحرية الاقتصادية. فقد حصلت مقاطعة هونج كونج "الصينية" على المرتبة الأولى تلتها مباشرة سنغافورة في تقرير الحرية الاقتصادية لعام 2006.
يؤمن كل من مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة "وول ستريت جورنال" ذات التوجهات اليمينية المحافظة بضرورة تحديد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية، وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين والسهر على تطبيقها. في المقابل ترى المؤسسة والصحيفة أن الأمر المطلوب هو منح مؤسسات القطاع الخاص الدور الرئيسي في الاقتصاديات المحلية. ومرد ذلك أن الشركات الخاصة تهتم بتحقيق الربحية ما يعني ضرورة منح الزبائن قيمة مقابل السعر, الأمر الذي يخدم الدورة الاقتصادية في نهاية المطاف.
معايير المؤشر
يشتمل المؤشر على 50 متغيرا اقتصاديا تم تصنيفها إلى عشر مجموعات موزعة على النحو التالي:
ـ السياسة التجارية الدولية.
ـ الموازنة وتحديدا العجز.
ـ التدخل الحكومي في الاقتصاد.
ـ السياسة النقدية.
ـ الاستثمارات الأجنبية.
ـ النظام المصرفي والتمويل.
ـ سياسات الأجور والأسعار.
ـ حقوق الملكية.
ـ القوانين والإجراءات الرسمية.
ـ السوق السوداء.
يعمل التقرير على استقصاء طبيعة الحرية الاقتصادية الموجودة في الدول المشمولة في التقرير، عن طريق الدرجات الممنوحة للمعايير العشرة. يمنح المؤشر الدرجات من واحد إلى خمس، تمثلان أفضل وأسوأ نتيجة ممكنة على المقياس, على التوالي. يمثل انخفاض درجة المؤشر‏ "‏الرقم واحد هو الأفضل"‏ شاهدا على وجود حرية اقتصادية واسعة, خلافا للرقم خمسة الذي بدوره يعد دليلا على نقص الحرية الاقتصادية. منح تقرير عام 2006 درجات إلى 157 دولة "حقيقة عمد التقرير إلى تقييم 161 دولة لكنه تراجع عن منح درجات لأربع دول من بينها العراق بسبب مشكلة المعلومات". على المستوى الكلي حصدت هونج كونج 1.28 نقطة من أصل خمس نقاط, أي أفضل نتيجة في العالم.
أفضل النتائج
كما أشرنا سلفا فإن دول منطقة جنوب شرقي آسيا حققت أفضل النتائج على مستوى العالم فيما يخص مفهوم الحرية الاقتصادية. فقد حافظت هونج كونج على موقعها كأفضل كيان لممارسة النشاط الاقتصادي "أعيدت المقاطعة للسيادة الصينية عام 1997 كوحدة إدارية خاصة". كما استمرت سنغافورة في المحافظة على المركز الثاني دوليا. إضافة إلى ذلك تضم قائمة أفضل عشرة بلدان على مؤشر الحرية الاقتصادية مجموعة من الدول الأوروبية الصغيرة المساحة، مثل: إيرلندا ولوكسمبورج وأستونيا. ويعتقد أن الرابط المشترك بين هذه الدول هو الرغبة في جلب الاستثمارات الأجنبية عن طريق تبني نظام السوق ما يعني تشجيع المنافسة. أيضا يلاحظ أن كلا من أستراليا ونيوزيلندا في صدارة القائمة "المرتبة التاسعة مكرر لكلا البلدين" ما يعكس وجود رغبة لدى هذه الدول البعيدة نسبيا في الانخراط في التجارة العالمية بواسطة فتح أسواقها أمام المنافسة الأجنبية.
أسوأ النتائج
حسب المؤشر, تعتبر كوريا الشمالية أسوأ دولة في العالم في مجال الحرية الاقتصادية, إذ لم تحصل على أي نقطة إيجابية, تلتها كل من إيران وبورما. كما يلاحظ أن بعض دول أوروبا الغربية نال مراتب متأخرة نسبيا. فقد حلت فرنسا في المرتبة رقم 44 على مستوى العالم نتيجة سيطرة المذهب الاشتراكي على الاقتصاد الفرنسي, فضلا عن وجود دعم من الحكومة لبعض المؤسسات الحيوية.
أداء دول مجلس التعاون
حافظت البحرين على سجلها، كأفضل دولة في مجلس التعاون الخليجي، على مؤشر الحرية الاقتصادية, حيث جاءت في المرتبة رقم 25 على مستوى العالم. بيد أنها تراجعت خمس مراتب مقارنة بمؤشر عام 2005 بسبب تنامي مشكلة التضخم "بلغ معدل ارتفاع الأسعار أكثر من 3 في المائة في الفترة ما بين 1995 و2004 مقارنة بأقل من 1 في المائة في الفترة ما بين 1994 و2003". وجاءت الكويت في المركز الثاني خليجيا والمرتبة 50 على مستوى العالم. وحلت المملكة العربية السعودية في المركز الثالث خليجيا والمرتبة 62 عالميا, ثم الإمارات المرتبة 65, عُمان المرتبة 74 وأخيرا قطر المرتبة 78.
يبدو جليا تأخر أداء دول مجلس التعاون في مؤشر الحرية الاقتصادية بشكل عام. وتكمن المشكلة الرئيسية في الدور الكبير الذي يلعبه القطاع العام في جميع الاقتصاديات الخليجية على حساب القطاع الخاص. أيضا هناك ظاهرة عدم وضوح القوانين فيما يخص عملية الاستيراد الأمر الذي يشكل انتقاصا لمبدأ الشفافية. ختاما المطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي دراسة ما جاء في التقرير والوقوف عند نقاط الضعف لغرض وضع حلول ناجعة لها. من جهتنا نأمل إجراء تمحيص لأداء دول مجلس التعاون، كل على حدة، بشيء من التفصيل في الأسابيع القليلة المقبلة.

رئيس وحدة البحوث الاقتصادية ـ جامعة البحرين
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي